أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


لبنان .. والحجر الوقائي على “كورونا المصارف” ـ أمين أبوراشد

لن ندخل لغة الأرقام، التي اختصرها تقرير وكالة “أونكتاد” (مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية) حول تراجع النمو في الإقتصادات العالمية، وخفض الفوائد بنسب متفاوتة في الدول الصناعية الكبرى لتحفيز الإستثمار، ولن ندخل أيضاً في الإنهيار الدراماتيكي في أسعار النفط نتيجة الركود الإقتصادي، لأن هذا الوباء القاتل، لن تتوقَّف مفاعيله بتراجع عدد الإصابات، أو باكتشاف علاجٍ له أو لقاحٍ مُضاد، لأن حجم الصدمة به قضى على نظرية العولمة والحدود المفتوحة، وانغلاق كل كيانٍ على نفسه وتوقَّفت الحياة اليومية، ولن ينجو منه اقتصاد أي دولة ما لم تكن تتمتع بالإكتفاء الذاتي، ووضعها الإقتصادي شبيه بالدولة الكندية، التي أعلن رئيس وزرائها أنه سيدفع رواتب مواطنيه وكافة ملحقاتها مع التقديمات الصحية المجانية، شرط أن يلتزموا منازلهم، وهذا ما لا ينطبق على معظم الدول ومن ضمنها لبنان.

ومشكلة لبنان، أن الحدود التي أُقفلت – سياسياً – مع سوريا ومنها الى دول الخليج في زمن الحكومات الحريرية، كانت مسألة إعادة فتح قنواتها سالكة منذ تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب، لكن لبنان، ما كاد يتنفَّس من الوباء السياسي حتى جاء الوباء الصحي، الذي ألزمه إقفال الحدود أمام صادراته المتواضعة سواء الزراعية منها أم الصناعية، خصوصاً أن دول الخليج كانت السبَّاقة بتصنيفه ضمن بؤر تفشِّي الكورونا، والشروط التي قد تُفرض عليه في حال انحسار كورونا ستُبقي منتجاته الزراعية تحت خطر الحظر.

وإذا كانت الزيارة المقررة للرئيس حسان دياب الى بعض الدول العربية، والخليجية منها، قد ألغتها محاذير كورونا، فقد تزامَن ذلك مع إعلان الرئيس الفرنسي إغلاق حدود الإتحاد الأوروبي للحدّ من انتشار الوباء، وغدا رهان لبنان على الأشقاء وعلى الأم الحنون رهينة تغيير المعادلات التي أسقطتها معادلة الكورونا كما اللعنة، وباتت كل دولة سواء شقيقة خليجية انهارت أسعار نفطها، أو أمَّاً حنوناً كفرنسا لها أولوياتها في حماية شعبها واقتصادها قبل أن تُغدِق حنانها على الآخرين، سواء عبر تفعيل “سيدر” أو سواه.

لبنان لن يواجه مشكلة مالية في مواجهة كورونا على المستوى الصحي لو استمر الوعي من الهرم الى القاعدة للحدّ من انتشاره، لأن المساعدات الدولية لن تبخل في هذا الإطار، من منطلق مصالحها كونه وباء عالمياً، لكن تأثيره الإقتصادي سيكون كبيراً على بلدٍ هو الآن في الهاوية، وما عليه سوى “الإكتفاء الذاتي”، وقبل أن يمُدّ يده للآخرين وتعود خائبة، عليه أن يمُدّ يده عبر القضاء على عصابة المصارف ورجال الأعمال.

خطوة المدعي العام المالي علي ابراهيم بوضع “الحجر الوقائي” على أصول المصارف ورؤساء مجالس إدارتها، فرملها مدعي عام التمييزغسان عويدات بالتفاهم ربما مع الرئيس دياب لحماية سُمعة القطاع المصرفي، وبدا للمواطن اللبناني العادي أن هناك تسوية ودِّية من تحت الطاولة، ترتبط باستعادة بعض الرساميل المُهرَّبة الى الخارج لِضَخِّها في السوق وإعادة التوازن بين العرض والطلب، وإذا لم تكن هناك تسوية فعلية وفعَّالة تُعِيد الأموال المنهوبة والمُهرَّبة فإن القضاء هو الحَكَم، واللبنانيون بانتظار أن يحزِم أمره ويحسم الأمور…

المصدر: الثبات