في العام 1917 ، نظّمت الماسونية احتفالًا في روما بمناسبة مرور 200 عام على تأسيسها. فجابوا في شوارع روما رافعين راية تبرز انتصار لوسيفورس على الملاك القدّيس ميخائيل. ونشروا في ساحة القدّيس بطرس رايات كتبوا عليها: “سيسيطر الشيطان على الفاتيكان، وسيكون البابا خادمه”
إنما الله كان لديه مشروعه! فالشاب مكسيميليان كولبي، قد شعر بالإهانة والخزي بسبب هذا الإعلان البغيض. فابتكر فكرة منيرة: “خطر لي أن أوسّس اتّحادًا معارضًا للماسونية وكل قوة شيطانية أخرى… وهكذا، وبعد موافقة الأب الرئيس، اجتمع أول سبعة أعضاء في “جيش البريئة من الدنس” في 17 تشرين الأول 1917″.
كان ذلك بعد أربعة أيام من آخر ظهور للعذراء في فاطيما (13 تشرين الأول 1917).
إلتزم “فرسان البريئة من الدنس” بالمحاربة عبر مثالهم وصلاتهم وأعمالهم وآلامهم من أجل ارتداد الخطأة وعودة الملحدين والمُنشقّين والشيوعيين والماسونيين. ولم يكفّ مؤسّسها طوال حياته عن الإصرار على أن “جيش البريئة من الدنس” سيبلغ هدفه بالألم المُقدّم ليسوع أكثر مما هو بالأعمال.
سيم ماكسيميليلن كاهنّا في روما في 28 نيسان 1918 وعاد إلى بولونيا في صيف 1919. وقبل مغادرته المدينة الخالدة، كتب إلى والدته هذه الكلمات المعبّرة: “صلّي لأجلي يا أمّي، لكي أكبر أسرع في الحبّ. صلّي بنوع خاص لكي يكون حبّي من دون حدود”.
غادر الأب ماكسيميليان روما في حالة صحيّة رديئة. فقد كان يعاني من نزيف رئوي مؤلم يجعله ينفث دمًا. فصرّح رئيسه الأب كوبيت:”إنه مصاب بمرض السلّ ويقول الأطبّاء إنّ لديه ثلاثة أشهر كحدّ أقصى للحياة”. على الرغم من ذلك حصل على لقب بروفيسور في تاريخ الكنيسة وكان عمره 25 عامًا.
على الرغم من مرضه الخطير لم يتململ يومًا وراح ينشر بفرح عارم في الدير “جيش البريئة من الدنس”. إنما كان يُقابل باستهزاء. فتحمّل هذه الإذلالات بصبر ولطف.
أمام لامبالاة إخوته في الإكليروس، إتّجه ماكسيميليان نحو العلمانيين. فساعده حشد جمهوره المتنامي على تأسيس سريع لجيش البريئة من الدنس في بولونيا وذلك قبل أن يصاب بالحمّى، مما أجبره على تمضية عام في مصحّ زاكوبان. فمكث مجبرًا، لساعات على كرسي مكرّسًا وقته لرسالة الصلاة والألم.
ما من أحد يستطيع تقدير وقع جيش البريئة من الدنس الرهيب وملايين أعضائه على حياة الكنيسة وعلى العالم. ففي عام 1943 الأب كولبي بنفسه ضحّى بحياته من أجل ربّ عائلة في معسكر أوشويتز. فكان عليه أن يموت من الجوع والعطش عوضًا عنه في غرفة الموت، مقدّمًا بذلك المثل الملموس لمحبّة بطولية.
أعلن البابا يوحنّا بولس الثاني قداسة ماكسيميليان كولبي في 10 تشرين الأوّل 1988 شاهرًا إيّاه «شهيد المحبّة»، اللقب الذي يُطْلَق لأوّل مرّة في تاريخ الكنيسة.
الأعلام والرايات التي رُفعت عام 1917 معلنة سيطرة الشيطان على الكنيسة لم تكن دقيقة، لأن أمّ الله أصغت إلى أولادها!
إنما لا يزال تهديد الشيطان قائمًا، واليوم أكثر من قبل من دون أدنى شكّ. فعلى الأكيد أن الحلّ السلمي لا يكمن لدى سياسيّينا، إنما لدى كل شخص منا مدعو من قبل الله إلى القداسة، ذلك إن قبلنا أن نسلّم جسدنا وروحنا له.
لقد ولّدت تضحية القدّيس ماكسيميليان كولبي عددًا مهمًا من الأنفس القدّيسة التي قبلت المعادلة. اليوم أيضًا، يبحث يسوع ومريم عن رعاة قدّيسين على غراره، يُوَلّدون نعاجًا قدّيسة كثيرة. في صحراء عالمنا المجرّد من السلام، تنده السماء علينا نحن من تلقّينا الرسالة. فمَن يجيب؟!
المصدر: mariantime.org