لا وقت لدينا للمناورات وتضييع الوقت..
إعادة جدولة الدين وتقسيمه على دفعات نستطيع من خلالها تسديد التزاماتنا المالية ببرنامج ممنهج..
صدر عن المجلس الارثودكسي اللبناني البيان التالي:
يتساءل رئيس المجلس الأرثوذكسي اللبناني الأستاذ روبير الابيض عن السبب الرئيسي الذي يكمن وراء غسل يدي رئيس الوزراء السابق الشيخ سعد الدين الحريري من النتائج الاقتصادية المتردية التي يعاني منها اليوم لبنان والشعب اللبناني!؟
علماً أن ما نحن عليه اليوم يعود سببه الإساسي الى قيادة وإدارة فريقه السياسي الذي ينتمي اليه ويترأسه حالياً الذي حكم البلاد وعمل على إدارة مؤسسات الدولة ومرافقها الحيوية لأكثر من 25 عاماً والتي أوصلت فيها الاقتصاد اللبناني اليوم الى الإفلاس.
لا بد لنا هنا أن نعود معاً 25 سنة الى الوراء نستذكر فيها كيف كان هذا الفريق السياسي يعمل على تأليف الحكومات ويوزع الوزارات على مبدأ المحاصصة بين الأحزاب والمحسوبيات بغض النظر عن الكفاءة أو الاختصاص، والهدف الرئيسي يعود الى توزيع الغنائم المكتسبة من باريس 1 و 2 و 3 مناصفة بين تلك الطبقة السياسية ضاربين بعرض الحائط مصلحة ومصير الوطن والمواطن.
نحن يا دولة الرئيس الشيخ سعد الدين نُجمع على الجهد الكبير الذي بذله شهيد الوطن الشيخ رفيق الحريري (رحمه الله) من أجل لبنان ونهضته بعد الحرب الأهلية التي عصفت به وأدت الى تدمير عدد كبير من مؤسسات الدولة وهو الذي انكب على العمل ووضع إمكانياته ليعيد لبنان الى الخارطة الدولية والى دوره الريادي في المنطقة.
لكن اللوم والنقد كان دائماً على النهج الذي اتبعه الرئيس الشهيد، وذلك منذ توليه قيادة الرئاسات التنفيذية في لبنان. هذا النهج عُرف “بالحريرية السياسية” والذي أوصل الوضع الاقتصادي اليوم الى ما هو عليه.
نود أن نلقي الضوء على المهمة الأساسية، والجوهرية، والمفصلية التي تنطوي على كل رئيس مجلس وزراء في أي دولة كانت. من بديهيات العمل السياسي الناجح لأي رئيس مجلس وزراء هو صياغة خطة عمل طويلة الأمد كاملة متكاملة تعمل من خلالها الحكومة على تفعيل خطة اقتصادية تهدف الى تحقيق نسبة نمو اقتصادي إيجابي يستمر سنة بعد سنة.
ومن البديهي أيضاً أن كل الدول التي تبدأ بإعادة إعمار أوطانها، بعد حروب طويلة مرت بها، أن تستعين بقروض مالية لتعزيز خططها الاقتصادية من أجل تحقيق الهدف عبر النمو الإيجابي المستمر للناتج الإجمالي المحلي (GDP) وذلك لإعادة تسديد هذه القروض (دولية كانت ام محلية) عند استحقاقها.
بناءً عليه من الجيد أن تطلب أي حكومة دعم مالي بهدف استنهاض الدولة من خلال أعادة بناء وتطوير البنى التحتية والمؤسسات الحكومية والمرافق الحيوية، آخذين بعين الاعتبار تكاليف التشغيل (Operational Cost) التي تكلف الدولة أضعاف إنشاء الأبنية والمرافق الحيوية. ولا بد من مشاركة قطاعي العام والخاص في مرحلة إعادة الإعمار.
لكن الأهم يكمن في وضع خطة دقيقة ومفصلية تزيد الإيرادات لخزينة الدولة بشكل مستمر وهذه الخطة يجب أن تتضمن معايير وبنود تضمن فيها استبعاد التبعية السياسية والمصالح الخاصة والشخصية الضيقة لتحد فيها الهدر وتحاسب كل مخل في عدم تنفيذ البنود لتتمكن الدولة باستفاء التزاماتها المالية من قروض وودائع عند استحقاقها كي لا تقع في المحظور.
دولة الرئيس طوال السنين الماضية من فترة حكمكم وإدارتكم لشؤون البلاد مع فريقكم السياسي انتحل هذا الفريق، وكل من تعاون معه من أحزاب وقوى سياسية وأمنية وقضائية ودبلوماسية ورؤساء دوائر مرافق حيوية ومؤسسات حكومية ومصرفية وخاصة، دور قيادة مؤسسات الدولة والسهر على راحة المواطن وتأمين مستقبل الأجيال القادمة لكن في الحقيقة هذا الفريق وكل معاونيه عمل عمداً على نهش كل ثروات الدولة لمصالحكم الشخصية وكل من فريقكم وهذه الثروات هي من حق الشعب اللبناني وحده.
كان من الأجدر بكم أن تعلنوا كامل مسؤوليتكم عن هذا النهج السياسي الذي أثبت فشله وأوصلنا الى الإفلاس الاقتصادي، والذي انطبع وبكل أسف على كل من كان الى جانبكم من احزاب وتيارات الذين كانوا يختبئون خلفكم.كيف يعقل الهدر الكبير في كافة مؤسسات الدولة وأنتم المسؤول الأول والأخير عن كل هذا الهدر والفساد المستشرى منذ أكثر من 25 خزينة الدولة وإداء الوزارات تحت نظركم مباشرة، على سبيل المثال مناقصات وزارة الطاقة والكهرباء من شراء فيول وبترول كانت تسدد من خزينة الدولة اللبنانية لا تصل الى لبنان.
أما فيما يختص بوزارة الاتصالات فكانت إيراداتها توزع على استئجار أبنية بأسعار خيالية تكلفتها الفعلية لا تتعدى ال 10% من قيمة ما يسدد لها. نضيف عليها موارد ورسوم الميكانيك التي تدخل إيراداتها الخزينة يوما خلال 8 سنوات شأنها شأن المرافئ التي تمنع تحويل إيراداتها الى الخزينة أيضا.
يا دولة الرئيس لديكم عدد من المستشارين ليس بقليل ومن المفترض أن يكونوا ذو اختصاصات أيعقل أنكم لم تأخذوا برأيهم يوماً وتريدون تحميل المسوولية للآخرين وانت واحد منهم وأنتهز هذه الفرصة لاوجه نداءً مرة جديدة الى دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب والوزراء المعنيين ونخص بالذكر وزراء الاقتصاد والمالية والقضاء والداخلية من أجل إصدار قوانين تنظم النقد وتفرض التعامل بالعملة اللبنانية حصرا داخل السوق اللبناني وتغرًم كل مخالف لا يلتزم بنص القانون.
لقد آن الأوان كي نعود الى سابق عهدنا الى ما قبل التسعينيات من القرن الماضي حين كان التعامل فقط في العملة اللبنانية.
يا للاسف يتم اليوم التداول في جميع القطاعات من تعليمية وإيجارات سكنية وتجارية ومشتريات يومية وقطاعات أخرى بالدولار الأميركي، حتى أن المدير العام لخطوط الطيران اللبناني السيد محمد الحوت أبى التعامل في العملة اللبنانية في السوق المحلية وسطر تعميماُ في ذلك ثم عاد وتراجع عن قراره.
كيف يعقل لشركة لبنانية وطنية أن يجرؤ مديرها على إصدار هكذا تعميم ومن ثم يلغيه ولا تأخذ وزارة الاقتصاد تدبيراً مسلكياُ بحقه. هل في العالم شركة طيران لبلد معين ترضى التعامل بغير عملتها الوطنية ضمن نطاق جغرافية البلد نفسه؟ كل هذا من شأنه أن يزيد البلبلة التي لا مكان ولا منفعة لها إلا لبعض السياسيين والقيادات التي كانت ولا تزال تعمل خلال فترة الثلاثين سنة الماضية وتنفذ “أجندات” لدول خارجية وتحاول الاستفادة منالصيد في الماء العكر لغايات ومصالح شخصية، لكننا اليوم أصبحنا نعرفهم ونعرف كل ألاعيبهم وادعاءاتهم.
نعم نحن ندرك جيداً إن لبنان اليوم يمر بأسوأ ظرف اقتصادي، لكننا على يقين أن تعاون الوزارات والوزراء المعنيين بأخذ التدابير المناسبة وتنفيذها بشكل صارم وجدي وتعاون الشعب اللبناني مع القرارات والقوانين والسهر على تطبيقها من شأنه أن يخفف من حدة هذه الأزمة من جهة وبالتالي تمنع كل الأطراف التي تسعى جاهدة للصيد بالماء العكر من التوقف على ترويج الذعر بين الناس والحد من التلاعب بأسعار العملات الأجنبية وخصوصاٌ الدولار الأميركي من جهة أخرى.
كما وجه رئيس المجلس الأرثوذكسي مجددا دعوة الى دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب للعمل بجدية تامة ونزاهة وشفافية وعلى وجه السرعة وتطبيق القوانين بحذافيرها وإطلاق قوانين جديدة ومحاسبة المخلين مهما علا شأنهم والى أية جهة انتموا والإسراع بتشريع وتنفيذ قوانين الإثراء غير المشروع وسوء إدارة مؤسسات وثروات الدولة ليصار الى استرجاع الأموال المنهوبة من كل من شارك في الحكم خلال ال 30 سنة الماضية.
ونذكركم يا دولة الرئيس الدكتور حسان دياب أن الشعب اللبناني الحر قد انتفض وثار على الطبقة السياسسة الفاسدة التي عملت عن سابق تصور وتصميم على تبني وتطوير أكثر الطرق فساداً خلال ال 30 سنة الماضية لتوصلنا الى ما نحن عليه اليوم من وضع اقتصادي مترد.
نحث دولتكم على التعاون مع الثوار الأحرار الذين هم صمام الأمان لنجاح هذه الحكومة. لديكم اليوم أفضل فرصة لتثبتوا لنا جهوزيتكم الكاملة وكفاءتكم في تبني وتطوير الخطط الاقتصادية البناءة وإصراركم على تنفيذ هذه الخطط والبرامج والقوانينللخروج من هذه المرحلة الدقيقة وإعادة دوران العجلة الاقتصادية في لبنان. وعليكم يا دولة الرئيس أن تطلقواالقوانين التي تحث الشعب اللبناني على التعامل بعملته الوطنية والتي هي جزء لا يتجزأ من هويتنا. ألفت نظركم، ومن خبرة شخصية، الى أنني لم أرى شعباً في العالم يتعامل بالدولار الأميركي في حياته اليومية أكثر من الشعب اللبناني وهذا معيب بحقنا كلبنانيين.
نود يا دولة الرئيس أن نذكر حكومتكم أنه لا وقت لدينا للمناورات وتضييع الوقت، لذا نأمل أن تكون لديكم الرؤية الصحيحة والواضحة التي تقود لبنان الى بر الأمان.
أخيرا وليس آخرا، لا بد لنا أن نحذركم من اتخاذ أي قرار يتعلق ببيع اليورو بوندز. نحثكم على إعادة جدولة الدين وتقسيمه على دفعات نستطيع من خلالها تسديد التزاماتنا المالية ببرنامج ممنهج ومن غير طلب أي قروض إضافية. دولة الرئيس نعيدها بعد مرة وندعوكم للعمل بكل جدية، ولربما أكثر من طاقتكم، من أجل إعادة بناء لبنان بمواطنيه ومؤسساته لنعيده منبرا ساطعاً بين محيطه العربي والشرق أوسطي ونعيد العز والمكانة الاقتصادية المرموقة التي كان يتمتع بها لعقود طويلة من الزمن”.