ابتسام شديد –
في سابقة لم تعرفها الحياة السياسية والحزبية اللبنانية يبدو التيار الوطني الحر في الشكل متقدماً على سائر الاحزاب في التنظيم
وتجهيز نفسه للانتخابات النيابية المقررة بعد اشهر قليلة، فالتيار الوطني الحر الذي وصل رئيسه في 31 تشرين الاول الى اقصى ما يتمناه حزب سياسي الى رئاسة الجمهورية لم «يسكر» بالانتصار الذي حققه سياسياً وهو الذي يستعد للدخول الى جنة الحكومة المسماة حكومة العهد الاولى بحصص محفوظة وحلفاء قدامى وجدد الى جانبه بخلاف الحكومات السابقة التي كانت تشهد مداً وجزراً وفتح جبهات قتالية لتوزير «عوني»، لم يستسلم التيار لنشوة الفوز الرئاسي بل يكمل التأسيس للمرحلة السياسية مواكباً رئيسه السابق الذي انتقل الى قصر بعبدا ليتولى الملفات السياسية وادارة شؤون الدولة بقرار واضح لانهاء الفساد ودفع الدولة الى محطة مختلفة في مسيرة الاصلاح والتغيير.
فها هو التيار الوطني الحر يعلن جهوزيته للانتخابات النيابية التي ستكون الاستحقاق الاول للعهد باقرار قانون انتخابي جديد يحقق العدالة والتمثيل السياسي الصحيح، بحسب مصادر برتقالية، رغم كل محاولات تأخير الولادة الحكومية لتطيير الانتخابات النيابية، فالتيار الوطني الحر الذي يقوم وفد من نوابه بجولة على القيادات السياسية للضغط وتحريك ملف الانتخابات بموازاة العمل السياسي من قصر بعبدا لاستعجال الحكومة لمواكبة الانتخابات النيابية فان التيار الوطني الحر قال كلمته في الاستحقاق النيابي المقبل وقال كلمته «جاهزون للانتخابات النيابية وهؤلاء هم مرشحونا المفترضون» وفق المرحلتين اللتين جرت فيهما، الجولة الاولى او ما عرف بـ «one man one vote» قبل بضعة اشهر حيث قام حاملو البطاقات الحزبية بانتخاب او التصويت لمرشحيهم فيما الجولة الثانية كانت مخصصة لاستطلاعات الرأي وفق عينات اخذت في الاقضية والمناطق أدت الى تظهير المرشحين الاقوياء شعبياً.
واذا كان رئيس حزب التيار الوطني الحر اعلن النتائج النهائية لاسماء المرشحين نواباً وملتزمين واصدقاء على الطريقة ذاتها التي تحصل في الاحزاب السياسية في دول كبرى فان الغوص في تفاصيل العملية الحزبية العونية والارقام يظهر الخلاصات التالية بحسب المصادر نفسها:
ـ ان المرشح الحزبي او غير الحزبي الذي حصد ارقاماً عالية هو حتماً «نائب مستقبلي» او على الاقل مرشح التيار الوطني الحرفي المرحلة ما قبل النهائية قبل الانتخابات النيابية، حيث ان ترشيحه او تبني ترشيحه يبقى مرتبطاً بالتحالفات السياسية وتفاهمـات التيـار مع القوى السياسية وما يحصل على الساحة السياسيـة.
ـ ان الاستحقاق الذي يقوم به التيار الوطني الحر يهدف الى اراحة الحزب ووضعه في جهوزية لاستحقاق الانتخابات وقيام منافسة حقيقية بين مرشحيه تحفزهم على التواصل مع الناس والأداء الحزبي الافضل من جهة وهو استطلاع ما قبل الانتخابات لتعريف الرأي العام والناخبين قبل حلول الاستحقاق بالمرشحين العونيين المفترضين خصوصاً ان دوائر معينة او اقضية سوف تشهد تغييراً او تبدلاً جذرياً في اسماء المرشحين العونيين على غرار كسروان مثلاً.
ـ ان الاستفتاء الحزبي يريح قيادة التيار الوطني الحر ويطلق آلية انتخاب ديموقراطية ويلغي العرف السائد الذي كان قائماً في السابق والذي تعتمده كل الاحزاب السياسية بأن يسمي رئيس الحزب المرشحين، فاللجوء الى استفتاء القواعد وناخبي التيار يريح قيادة الحزب ويحررها من عبء تسمية مرشحيها، وبالتالي يمكن القول إن وصول مرشحين ليسوا على وئام كامل او مطلق مع القيادة الحزبية الى المراتب الاولى دليل على الآلية الديموقراطية المتبعة.
ـ الواضح في الاستفتاء العوني ان المستطلعين عبروا عن رأيهم وصوتوا لمرشحيهم المفضلين للانتخابات ممن هم على تواصل وحضور معهم ففي كسروان لم يفكر النواب العونيون في الترشح فالدائرة تشهد تحولاً عونياً جذرياً بعد وصول ميشال عون الى الرئاسة الذي كان يترأس لائحة التيار العوني فيها، وحيث فاز من شارك في استفتاء التيار عن المقعد الماروني كل من انطوان عطالله وجوزف بارود ثم جوزيف زينون في المراتب الثلاث الاول، في حين ان العميد شامل روكز الذي لا يحمل بطاقة حزبية ويفترض ان يكون رأس اللائحة العونية لم يشمله الاستفتاء لانه ليس حزبياً ولم يشارك في الاستفتاء ويمكن اعتباره «قيمة مضافة شأنه شأن روجيه عازار» المعتبرين مقربين من التيار وبالتالي فان المرشحين الثلاثة الاوائل في استفتاء التيار هم المعتمدون لكن اختيار المرشحين وفق الاستفتاء العوني او المرشحين الاصدقاء يبقى خاضعاً للتفاهمات السياسية والتحالفات.
من المفارقات ايضاً ان نتيجة الاستطلاع ابرزت قوة من يتمتعون بقاعدة شعبية وحيثية تضيف المصادر البرتقالية ومن هم على تواصل مع القاعدة العونية، هكذا حصد كل من النواب ألان عون وسيمون ابي رميا وابراهيم كنعان المراتب الاولى لحيثيتهم لدى الجمهور العوني والناخبين اضافة الى النائب أمل ابو ويد ومن سجلوا من المرشحين العونيين غير النواب ارقاماً قياسية مثل انطوان عطالله في كسروان، وجيمي جبور في عكار، غسان عطالله في الشوف، وطانيوس حبيقة الذي حل في المرتبة الثالثة في المتن الشمالي بين المرشحين الموارنة، في حين شكل الرقم الذي ناله ادي معلوف بطاقة عبور له عن المقعد الكاثوليكي في المتن متحرراً من تبعة الوراثة لمقعد عمه النائب الحالي ادغار معلوف.
خلاصة العمل الانتخابي الداخلي للتيار ان مرشحيه صاروا جاهزين لساعة الصفر النيابية، تؤكد المصادر يبقى جهود اللجنة المنبثقة من التيار لمتابعة الملف الانتخابي لاقرار قانون انتخابي في سباق مـع الزمن ومـع القوى السياسية التي تعطل الحكومة لتمريـر قانون الستين، وفي كلتا الحالتين فان التيار الوطني الـحر أنجز ما عليه داخلياً ويوم الحصاد يكون يوم الانتخاب.
المصدر: الديار