إنطلقت حكومة حسان دياب بالثقة اللازمة، و”تركت البطيخ يكسِّر بعضُو”
(أمين أبوراشد)
ما حصل خلال نهاية الأسبوع الماضي من نداءات وتحضيرات لمجموعات “الثوار”، ومحاولات تجميع مَن هُم على استعداد للنزول الى الشارع، استلزم تحشيداً مُسبقاً ليل الإثنين/ الثلاثاء لضمان وجود العدد المقبول نسبياً، للتمكُّن من القيام بأعمال شغب غير مسبوقة وإعاقة وصول النواب الى المجلس، بهدف تعطيل جلسة الثقة بحكومة الرئيس حسان دياب.
أما وقد تأمَّن الحضور ولكل كتلة نيابية حساباتها، فقد إنطلقت حكومة الرئيس حسان دياب بالثقة اللازمة، و”تركت البطيخ يكسِّر بعضُو” على الساحة السياسية بكل الوجوه الهرِمَة التي إنطلق الحراك لتطيير معظمها، فإننا نسجِّل بعد انتصار المجلس النيابي والحكومة على قُطَّاع الطُرُق النقاط التالية:
1) حرِّية تصرُّف النائب السابق وليد جنبلاط من منطلق السلطة الفردية الدرزية على نواب اللقاء الديموقراطي، لا يملِكها الرئيس سعد الحريري بمشاركة كتلته في أية جلسة نيابية أو بمقاطعتها، كي لا يترك الميدان للنواب السُنَّة في اللقاء التشاوري الخصم، ولأن المقاطعة تنتقص من أهمية التمثيل النيابي السني، سواء كان موالياً للحكومة أو معارضاً لها.
2) وجدت كتلة “القوات اللبنانية”، أنها لا تستطيع موازاة نفسها بكتلة متواضعة ككتلة نواب الكتائب في مقاطعة الجلسة، كي لا تترك الميدان للتيار وكتلة لبنان القوي كأكبر تكتل مٌنافس في الشارع المسيحي، وباختصار، ما يمتلكه صغار الحجم في خيارات الحضور أو المقاطعة لا تستطيع الكتل الكبيرة أن تتشبَّه به.
3) حادثة التعرُّض للنائب النزيه والبلدي القريب الى القلب سليم سعادة، التي لم تمنعه من ترك المستشفى والعودة للمشاركة في الجلسة، أعطت درساً لمن يُسمُّون أنفسهم ثواراً، أن مقولة كلُّن يعني كلُّن” هي مرفوضة، وهي التي عرَّت الحراك من مضمونه، وانكفاء الحراك بعد أيام من إنطلاقته لصالح “الثورة” كَشَف ما كان مستوراً منها، وتجلَّت عورتها باعتمادها على باصات نقل المُشاغبين من خارج بيروت.
4) ثبُت بما لا يقبل الشك، أن الحكومة التي يُسمُّونها “حكومة حزب الله”، وبفضل الخطاب السياسي الرصين للرئيس دياب بعد تكليفه، وقبل تأليفه للحكومة وبعدها، أن الناس توَّاقون الى هذا المستوى في التعاطي مع الشأن العام، بعيداً عن المماحكات السياسية التي نأى الرئيس دياب بحكومته عنها، ولعلها ستكون خشبة الخلاص التي تنتشل لبنان من الغرق أكثر في وحول الفساد ومزارع النهب.
5) في الوقت الذي خرجت فيه المقاومة وحلفاؤها (8 آذار) منتصرةً، من أصعب مواجهةٍ سياسية مع “ثوار الدليفري” المدفوعي الأجر لإسقاط عهد حليف حزب الله الرئيس ميشال عون، ذهبت بقايا 14 آذار للململة جراحها ومحاولة رأب صدع الجرَّة المكسورة، في محاولةٍ يائسة قبل الرابع عشر من شباط، ذكرى اغنيال الرئيس رفيق الحريري، التي بات حالها من حال 14 آذار، وانكفأت من الساحات الى البيال الى “البيت”.
نعم، وصلت الأمور في 14 آذار الى إيفاد الوزير السابق ملحم رياشي مرتين الى السعودية لإصلاح ذات البَين، بين القوات وتيار المستقبل، ولما كان الردّ السعودي غير مُكترثٍ لترميم جٌثة، قفز النائب مروان حمادة الى معراب بعد ساعات من نيل الحكومة الثقة، في محاولة هزيلة للمصالحة بين جعجع والحريري، بهدف تجميل الصورة القاتمة يوم 14 شباط، لكن الواقع على الأرض الذي لا يراه مَن قام الحراك لمواجهة فسادهم، أنه قد يقوم ساكن ضريحٍ من الموت، وهُم لا قيامة لهم بعد اليوم…
المصدر: الثبات