عَ مدار الساعة


ليُصلي كلّ واحدٍ من أجل أخطاء الآخر.. بهذا يغسل الواحد قدَمي الآخر (أغسطينوس)


فالآب لم يبذل الابن كعقوبة بل كنعمة. (القديس أمبروسيوس)
🌸♰💝♰🌸
تفسير مُعمَّق من الآباء والقديسين لِغسل بعضكم أرجل بعض ( يوحنا ١٣: ١٣-١٧ )

“أنتم تدعونني معلمًا وسيدًا،
وحسنًا تقولون،
لأني أنا كذلك”. (13)

هذا اللقب المزدوج “معلم وسيد” يقابل “رابي rabbi وسيد lord”، كان شائعًا بين معلمي اليهود المعتمدين.

غسل الجالس على الشاروبيم أرجل تلاميذه، وأنت يا إنسان أرضي، رماد وغبار وتراب، أتتعالى وتترفع ترفعًا عظيمًا؟ (القديس يوحنا الذهبي الفم)

“فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم،
فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض”. (14)

عندما ينحني عند قدمي أخيه، فإن الشعور بالتواضع يستيقظ في القلب أو يتقوى إن كان بالفعل موجودًا.
ليغفر كل واحد لأخيه أخطاءه ويصلي من أجل أخطاء الآخر، بهذا يغسل الواحد قدمي الآخر. (القديس أغسطينوس)

“لأني أعطيتكم مثالاً،
حتى كما صنعت أنا بكم تصنعون أنتم أيضًا”. (15)

إلاَّ أنه ليس الأمر متشابه، لأنه هو الرب والسيد وأما أنتم فعبيد رفقاء لبعضكم البعض. ماذا إذن يعني “حتى كما” أي بذات الغيرة. لهذا فقد قدم أمثلة لأعمال عظيمة لعلنا نتمم ما هو أقل. هكذا يقوم المعلمون في المدارس بكتابة الحروف للأطفال بطريقة جميلة جدًا حتى يقلدهم الأطفال وإن كان بطريقة أقل.. أين إذن أولئك الذين ينشقون عن زملائهم؟ أين هم أولئك الذين يطلبون كرامات؟ لقد غسل المسيح قدمي الخائن المدنس للمقدسات، اللص، والذي اقترب جدًا لوقت الخيانة، حالته لا يُرجى منها الشفاء، ومع ذلك جعله شريكًا معه على المائدة، فهل تتكبرون وتتغامزون؟ يقول قائل: “لنغسل أقدام بعضنا البعض”. هل هو أمر عظيم أن نغسل أقدام خدامنا؟ بالنسبة لنا “عبد” و”حر” كلمتان مختلفتان، لكن توجد حقيقة واقعية. فإنه بحسب الطبيعة هو الرب ونحن خدم، ومع ذلك لم يرفض أن يفعل ذلك… لقد جعلنا الله مدينين لبعضنا البعض، إذ قام هو أولاً بالعمل، فجعلنا مدينين بممارسة ما هو أقل. (القديس يوحنا الذهبي الفم)

“الحق الحق أقول لكم
إنه ليس عبد أعظم من سيده،
ولا رسول أعظم من مرسله”. (16)

لاحظ العلامة أوريجينوس أن هذه العادة الخاصة بغسل أقدام الآخرين سائدة بين البسطاء والسذج، مطالبًا المؤمنين بممارستها، سواء كانوا أساقفة أو كهنة أو أصحاب مراكز في العالم. هذا وكما نحن في حاجة إلى غسل أقدام الآخرين يلزمنا أن نقبل غسل أرجلنا من الآخرين.

غسل يسوع أقدام التلاميذ بكونه معملهم، وأقدام الخدم بكونه سيدهم. فإن تراب الأرض الصادر عن العالم يُنظَف بالتعليم، حيث لا يبلغ الأجزاء الدنيا المتطرفة في التلاميذ. لكن الأمور التي تدنس الأقدام تنزع بربوبية (سيادة) الحاكم، إذ له سلطان على الذين لا يزالوا يتقبلون دنسًا عامًا، إذ هم لا يزالون يحملون روح العبودية (رو ٨: ١٥).
بخصوص المخلص وهو الرب (السيد) يمكن أن ترى فيه أمرًا يفوق السادة الآخرين الذين لا يرغبون في العبد أن يكون كسيده. (من الآباء)

ذات الحب الذي للآب هو أيضًا للابن… وأي حب للابن سوى أنه بذل ذاته من أجلنا، وخلصنا بدمه (أف 2:5)… فالآب بذل الابن، والابن بذل ذاته… إنه بذل ذاك الذي يريد ذلك، بذل من قدم ذاته للبذل. فالآب لم يبذل الابن كعقوبة بل كنعمة. (القديس أمبروسيوس)

قال هذا لأنه غسل أقدام التلاميذ بالكلمة والمثال كسيد للتواضع. لكن يمكننا بعونه أن نمارس ما يحتاج إلى ممارسة دقيقة جدًا، إن كنا لا نتباطأ فيما هو واضح بكمالٍ. (القديس أغسطينوس)

كونوا متمثلين بي كما أنا أيضًا بالمسيح (١ كو ١١: ١). من أجل هذا أخذ جسدًا من جبلتنا حتى يعلمنا به الفضيلة. إذ أرسل الله ابنه في شبه جسدنا الخاطيء حتى تُدان الخطية في جسد الخطية (رو ١٨: ٣). كذلك يقول المسيح نفسه: “تعلموا مني، فإني وديع ومتواضع القلب” (مت ١١: ٢٩). هذا علمنا إياه لا بالكلمات وحدها وإنما بالأعمال أيضًا.

لقد دعوه سامريًا وبه شيطان ومخادعًا كما ألقوه بالحجارة، وأرسل إليه الفريسيون خدامًا ليمسكوه، ومرة أخرى لكي يجربوه، وكانوا يشتمونه، وإذ لم يجدوا فيه خطأ كان يقدم لهم خبزًا بالكلمات كما بالأعمال…
لنتطلع إلى ما يفعله الآن مع التلاميذ، وأية أعمال يظهرها نحو الخائن. لقد اختاره تلميذًا، وأشركه في المائدة والملح (الذي يمنع الفساد)، ورأى معجزات تستحق كل تقدير، ومع هذا صنع معه أمرًا أخطر من كل شيء، ليس برجمه أو سبه وإنما بالخيانة، ومع استحقاقه الكراهية عامله السيد بصداقة وغسل قدميه، إذ أراد بهذا أن يمنعه من الشر.
كان في سلطانه – لو أراد – أن يجعله يابسًا كشجرة التين، وأن يشقه إلى نصفين كما تشققت الصخور، وأن يمزقه كما انشق الحجاب، لكنه لم يرد أن يمنعه عن تحقيق خطته قهرًا إنما اختيارًا. لذلك غسل قدميه، ومع هذا لم يخجل هذا الشرير البائس. (القديس يوحنا الذهبي الفم)

“إن علمتم هذا فطوباكم إن عملتموه”. (17)

يتحقق التطويب الحقيقي خلال معرفة الله العملية بالطاعة له. فالإنسان لا يتمتع بالطوبى لأجل معرفته الكثيرة، وإنما خلال تمتعه بشركة الطبيعة الإلهية، حيث تتحول المعرفة إلى خبرة عمل.

غسل الأقدام هو من تخصص السيد المسيح الذي يغسل أعماق النفس ويغفر الخطايا. فمن بالحب والتواضع يغفر لمن يخطئ إليه إنما يشترك في إحدى سمات المسيح العظمى، ويُحسب متمتعًا بالحياة الجديدة المطوبة في المسيح يسوع. قول السيد: “طوباكم” إنما يكشف عن المجد السماوي والحياة السماوية التي نختبرها بممارستنا لهذا العمل. (من الآباء)

“أن تعلموا” (تعرفوا) فهذا يخص الكل، أما “أن تعملوا” فهذا ليس للكل. لهذا يقول: “طوباكم إن عملتموه”. ولهذا السبب أقول دومًا وأكرر نفس الشيء مع أنكم تعرفونه، حتى أضعكم في موضع العمل. فإنه حتى اليهود “يعرفون” لكنهم ليسوا مطوبين، لأنهم لا يعملون ما يعرفون. (القديس يوحنا الذهبي الفم)

وَالمَجْد لِيَسُوعَ الۤمَسِيح… دَائِماً لِيَسُوعَ المَسِيح

📖 كلمات من نور 🕯 { قدوتنا ومثالنا }

قال الربّ يسوع لتلاميذه: “فإن كنت أنا الرّبّ والمعلّم قد غسلت أقدامكم، فعليكم أنتم أيضًا أن يغسل بعضكم أقدام بعض”. (يو ١٣ : ١٤)

غسل الاقدام: ربّنا ليرفعنا من ذلّنا أخذ حالتنا، صار عبدًا مثلنا، نحن الذين لا نستحق أن نضع رأسنا عند قدميه، انحنى كالعبد يغسل أقدامنا.
عندما كان يأتي الضيف، كان العبد يغسل قدميه عند عتبة البيت، علامة التكريم وحسن الضيافة.
وها هو ربّنا انحنى يغسل أقدام تلاميذه، قبل أن يُدخلهم عتبة ملكوته السّماوي… ليكشف أنه وحده من يعيد ويكرّس للإنسان كرامته…
أغسلوا أقدام بعضكم: يعني اقبلوا واخدموا بعضكم بعضًا، افتحوا أبواب قلوبكم لبعضكم، بادلوا بعضكم بالاحترام والاكرام، افعلوا لبعضكم كل ما يبنيكم ويرفعكم، ويعلي شأنكم في المحبّة… ليعتبر كل واحد منكم أخيه افضل وأولى منه، كل ذلك يظهر طهارتكم، ونقاوة قلوبكم، ويعبّر عن طاعتكم لي ولكلمتي…
المجد والحمد والتسبيح والشكران، لك أيها الربّ والمعلّم يسوع المسيح. المجد لك، لأنك بكل مواقفك وأعمالك تعلّمنا كيف نحيا بحسب الإنسان الجديد الكامل بالمحبة الذي هو أنت…
المجد لك، يا من لا يليق بنا أن نحلّ سير حذائك، انحنيت أنت لتغسل أقدامنا، لتعلمنا، أن الحبّ وحده يعيد للإنسان بهاء صورة الله فيه، وأن الخدمة بمحبة عارمة، وحده الذي يعطي المعنى والكرامة والقيمة، للإنسانية ولشخصية كلّ إنسان. الحمد والمجد والشكر لك…💝💁🏼‍♂

👈ربنا يسوع المسيح، أمرنا أن نغسل أرجل بعضنا… بمعنى أن نحبّ بعضنا كما هو احبّنا. نحن هل نعمل بوصيته، أو ننشر غسيل بعضنا.❓❓❓

👈 صلاة القلب ❤

يا ربّي وإلهي يسوع المسيح، أنت وحدك صخرة خلاصي ومعلّمي.
يا ربّي وإلهي يسوع المسيح، أغسل قلبي بزوفاك، لأغسل أقدام إخوتي.
يا ربّي وإلهي يسوع المسيح، املأني من روحك القدوس 🔥 لأخدم بمحبتك إخوتي.

👈 نيّة اليوم: نصلّي، من أجل الجسم الكهنوتي، ومن أجل كل المعمدين، لينقادوا لروح يسوع 🔥 ويقتدوا به، ويعملوا كل ما يجعل يسوع حيّ وظاهر وفاعل في خدمتهم ورسالتهم.

يا ربّ أعطنا كهنة قديسين.🕯