عَ مدار الساعة


طوبى لبطن مريم.. وطوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه.. يحثنا لننال نحن أيضًا الطوبى..


ينشغلون بطلب آية من السماء بمكرٍ…
♰♰♰
تفسير مُعمَّق من الآباء والقديسين [ الصداقة وكلمة الله] (لوقا ١١: ٢٩-٣١)

“وفيما هو يتكلَّم بهذا رفعت امرأة صوتها من الجمع. وقالت له:
“طوبى للبطن الذي حَملك، والثدْيين اللذيْن رضعتهما.
أما هو فقال: بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه” [27-28].
إذ سمعت المرأة حديث السيِّد طوّبت من حملته وأرضعته. وبلا شك فإن القدِّيسة مريم تستحق الطوبى، غير إن السيِّد لم ينزع عنها التطويب، إنما حثنا لننال نحن أيضًا الطوبى بقوله: “طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه”. وكما يقول القدِّيس يوحنا الذهبي الفم أن القدِّيسة مريم قد تزكَّت بالأكثر بهذه الكلمات إذ حملته في نفسها كما حملته في جسدها.
ويقول القدِّيس أغسطينوس: [اقترابها كأُم لا يفيد مريم لو لم تكن قد حملته في قلبها بطريقة طوباويَّة، أكثر من حملها إيّاه في جسدها.]

لقد فتح لنا الرب باب اللقاء معه والتمتُع بصداقته، فإن كان قد طالبنا في بداية الأصحاح بالصلاة بلجاجة ثم حثَّنا على وحدانيَّة الروح بلا انشقاق والتمتُع بعمل الروح القدس فينا، فإنه الآن يحثُنا على الالتصاق بكلمة الله وحفظها قلبيًا وسلوكيًا. إن كنَّا لم ننعم بحمل السيِّد المسيح جسديًا أو اللقاء معه كمن كانوا معه في أيامه، لكن إنجيله بين أيدينا، إن سمعناه وحفظناه رأيناه متجلِّيًا في الداخل.
يرى القدِّيس أغسطينوس أن هذا الحديث الإلهي يمس حياة الكنيسة كلها التي تختبر حياة الوحدة كجسد واحد للرب،
إذ يقول: [ليته لا يفرح أحد من أجل نسله المؤقت، بل بالحري بالروح الذي يربطهم بالله.]

الصداقة وآية يونان النبي

“وفيما كان الجموع مزدحمين اِبتدأ يقول:
هذا الجيل شرِّير،
يطلب آية، ولا تُعطى له إلا آية يونان النبي.
لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى،
كذلك يكون ابن الإنسان أيضًا لهذا الجيل.
ملِكة التيْمَنْ ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم،
لأنها أتَتْ من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان،
وهوذا أعظم من سليمان ههنا.
رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه،
لأنهم تابوا بمناداة يونان” [29-33].

لقد طلب قوم منه آية من السماء أما هو فيُقدِّم نفسه لهم آية، معلنًا يونان النبي كرمزٍ لشخصه الذي انطلق من الجوف كما من القبر قائمًا من الأموات (مت 12: 40) وبكرازته أنقذ أهل نينوى الشعب الأممي، وأيضًا سليمان الحكيم الذي اجتذب الأمميَّة ملكة التيْمَنْ من أقاصي الأرض تمثِّل كنيسة الأمم القادمة، لا لتسمع حكمة بل تمارسها. تلتقي مع حكمة الله نفسه. في الرمزين ظهرت كنيسة الأمم واضحة تلتصق برأسها يونان الحقيقي، القائم كما من الجوف، وسليمان الحكيم واهب السلام والحكمة.

يوضِّح القدِّيس كيرلس الكبير في تعليقه على إنجيل لوقا إن الآية ليست عملاً استعراضيًا كما ظن اليهود، فحينما قدَّم لهم موسى قديمًا بعض الآيات كانت هادفة، خاصة للكشف عن خطاياهم من أجل التوبة فعندما طرح العصا على الأرض فصارت حيَّة ثم أمسك بذنَبها عادت عصا، إنما أشار بالعصا إلى اليهود الذين طُرحوا بين المصريِّين، فصاروا كالحيَّة لتمثلهم بعاداتهم ورجاساتهم وبُعدهم عن الله، وكأنهم قد سقطوا من يديه كما طُرحت العصا من يديّ موسى، لكن إذ أمسك الله بهم كما أمسك موسى بذَنَب الحيَّة عادوا إلى حالهم الأول، إذ صارت الحيَّة عصا، مغروسة في الفردوس، إذ دعوا لمعرفة الله الحقيقية، واغتنوا بالشريعة كطريق للحياة الفاضلة.
هكذا تكرَّر الأمر عندما أدخل يده في عِبِّه ثم أخرجها، وإذ هي برصاء مثل الثلج. ثم عاد فردَّها إلى عِبِّه لينزع عنها البرص، فإن هذه الآية لم تُصنع بلا هدف، إنما تشير إلى إسرائيل الذي كان تحت رعاية الله وحمايته حين كان متمسِّكًا بعادات آبائه سالكًا بروح الحياة الفاضلة اللائقة به، والتي له في إبراهيم وإسحق ويعقوب. فكان كمن في حضن (عِبّْ) الله، لكن إذ خرج عن ذلك كيَدّْ موسى، أي خرج عن حياة آبائه الإيمانيَّة الفاضلة أُصيب بالبرص، أي النجاسة. وإذ عاد فقبل العودة إلى حضن الله وتحت رعايته الإلهيَّة نُزع عنه دنس المصريِّين.

كان يليق باليهود كما يقول القدِّيس كيرلس الكبير أن يدركوا خطأهم، لكنهم اِنشغلوا بطلب آية من السماء بمكرٍ، إذ يقول:
[نبع طلبهم عن مكرٍ، فلم يُستجاب لهم، كقول الكتاب: “يطلبني الأشرار ولا يجدونني” (راجع هو 5: 6)… لقد قال لهم أنه لا تعطى لهم سوى آية يونان التي تعني آلام الصليب والقيامة من الأموات، إذ يقول: “لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام… لم يقدِّم آية لليهود لكنه قدم هذه الآلام الضروريَّة لخلاص العالم… في حديثه معهم قال: “انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمة” (يو 2: 19). فإن إبادته للموت وإصلاحه الفساد بالقيامة من الأموات هو علامة عظيمة على قوَّة الكلمة المتجسِّد وسلطانه الإلهي، وبرهانًا كافيًا كما أظن في حكم الناس الجادِّين. لكنهم رشوا عسكر بيلاطس بمبلغٍ كبيرٍ من المال ليقولوا أن “تلاميذه أتوا ليلاً وسرقوه” (مت 28: 13). لقد كانت (قيامته) علامة ليست بهيِّنة، بل كافية لإقناع سكان الأرض كلها إن المسيح هو الله، وأنه تألَّم بالجسد باختياره، وقام ثانية. أمر قيود الموت أن ترحل، والفساد أن يُطرح خارجًا، لكن اليهود لم يؤمنوا حتى بهذا، لذلك قيل عنهم بحق: “ملِكة التيْمَنْ ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه”… هذه المرأة مع أنها من المتبربرين، لكنها طلبت بشغفٍ أن تسمع سليمان، وقد تحمَّلت السفر لمسافة طويلة بهذا الهدف لكي تسمع حكمته بخصوص طبيعة الأمور المنظورة والحيوانات والنباتات. أما أنتم فحاضر بينكم “الحكمة” ذاته الذي جاء إليكم ليحدِّثكم عن الأمور السماويَّة غير المنظورة، مؤكِّدًا ما يقوله بالأعمال والعجائب وإذا بكم تتركون الكلمة وتجتازون بغير مبالاة طبيعة تعاليمه العجيبة.]

ويقول القدِّيس أمبروسيوس: [بعد إن حكم على شعب اليهود، ظهر بوضوح سرّ الكنيسة: شعب نينوى يتوب (يونان 3: 5)، وتسعى ملكة الجنوب لتتعلَّم الحكمة (1 مل 10: 1)، فتأتي من أقصى الأرض لتتعلَّم حكمة سليمان، صاحب السلام. إنها ملكة لمملكة غير منقسمة تتكوَّن من شعوب مختلفة متباعدة مثل جسدٍ واحدٍ، كالمسيح والكنيسة (أف 5: 32). لقد تحقَّق الآن ذلك ليس خلال رمز، بل بالحقيقة تم ذلك. قديمًا كان سليمان رمزًا، أما هنا فنجد المسيح قد جاء متجسِّدًا، وتظهر الكنيسة من جانبين: ترك الخطيَّة وهدمها خلال التوبة (كأهل نينوى)، وطلب الحكمة (كملكة سبأ).]

وَالمَجْد لِيَسُوعَ الۤمَسِيح… دَائِماً لِيَسُوعَ المَسِيح

📖 كلمات من نور 🕯 {صديق العريس}

“من له العروس هو العريس. أمّا صديق العريس الواقف يصغي إليه فيطرب فرحًا لصوته. هذا الفرح هو فرحي، وقد اكتمل”. (يو ٣: ٢٩).

  • فهم يوحنّا، أن عليه أن يحضّر خطّيبة الربّ، ويجهزها بأمتعة التوبة… لتكون مستعدّة استعداد العروس ليوم العرس.
  • لعب يوحنّا دور الإشبين، العفيف، الصّادق، والأمين… وقف على ضفّة نهر الأردن ينتظر قدوم العريس ليسلّمه عروسته وينسحب، شاكراً إياه على الرسالة التي كلّفه بها.
  • ما أجمل صداقة هذا العريس! ما أرهب الوقوف إلى جانبه! صدى كلماته العذبة، يدوّي في أعماق القلب، يملأ خوابيه الفارغة بالحبّ، والسّلام والفرح الأزلي والأبدي.

المجد والحمد والتسبيح والشكران لك أيها الربّ يسوع المسيح، العريس الإلهي… إنني أشكرك وأسبحك، من أجل إشبينك وصديقك يوحنّا، الذي تمّم ما كلَّفتَه به خير إتمام، فكان مثال الصديق، بوفائه وصدقه، وإخلاصه، ونزاهته. المجد لك، لأنك من خلال يوحنا علّمتَني، أنك أنتَ ☝ المِحور وليس أنا، وأنك انت عريس نفسي، وكل النفوس التي عليّ إعدادها لتكون لك. ☝ وأوليتني شرف الوقوف إلى جانبك، لتطرب قلبي بعذوبة كلامك 📖 وتملأ خوابيه الفارغة من فرحك وقداستكَ… الحمد والمجد والشكر لك…☝

👈 بأي استعداد احضّر نفسي وأسرتي وكل من حولي، لنكون كلّنا عروس العريس الإلهي يسوع المسيح ❓❓❓

👈 صلاة القلب 💜

يا ربّ يسوع المسيح، هب لي نعمة صداقتكَ.

يا ربّ يسوع المسيح، اجعل قلبي يطرب فرحًا عند سماع كلمتك. 📖

يا ربّ يسوع المسيح، هب لي روحك القدّوس، ليجعل فرحي بك كاملاً. 🕊

👈 نيّة اليوم: نصلّي، من أجل أن يقودنا الروح القدس 🔥 إلى صداقة المسيح، ومن أجل أن يملأ قلوبنا فرحاً عند سماع كلامه 📖 ومن أجل أن ننقاد ونقود النفوس إلى معرفة يسوع ☝ والاتحاد به.
يا ربّ يسوع أنرني بنور دنحك.🕯