عَ مدار الساعة


إيلي فرزلي، القامة الأعلى من أن يطالها التطاوُل


نصيحة للصغار “الشبيبات” الذين لم يقرأوا تاريخ الكبار ( أمين ابو راشد )

عمري الذي تجاوز الرابعة والستين يخوِّلني الحديث عن لبنان منذ العام 1975 وحتى الآن، وإذا خانتني الذاكرة، فإن ضميري لا يعرف الخيانة.

أنا لن أخاطِب فتياناً حجبت ما تُسمّى الثورة رؤيتهم عن الحقائق، لأن المقولة / المهزلة “كِلُّن يعني كِلُّن”، أعمت المُبصرين عن الحقائق وزادت من عمى الألوان لديهم، وبات الآدمي الشريف النظيف عندهم بمستوى الأزعر المُرتكِب الوسِخ، لا سمح الله، والعتب كل العتب لا بل الأسف كل الأسف على شُبَّان يُفترض أنهم مشروع رجال للوطن، أن يسحبهم  الشارع من جامعاتهم نحو الإنحدار الى الشارع، ليندمجوا ليس في الحراك المطلبي الذي كان دولة الرئيس إيلي فرزلي وسيبقى من داعميه، بل الى ما تُسمَّى الثورة، بكل غوغائيتها وبوصلتها الضائعة، ونحن نربأ بشبابنا أن يكونوا ضحايا الغوغائية والضياع في زواريب مظلمة، لا توصِلهم الى ساحة الوطن، حيث تنكشف القامات تحت الشمس لرجالات يشبهون إيلي فرزلي.

البعض من جماعة “كلُّن يعني كلُّن” يختلف مع جماعة أخرى، بحيث أن قسماً من الحراك يُطالب بمحاسبة وبرحيل الكُلّ، والقسم الآخر تقتصر مطالبته على من كانوا في الحكم منذ العام 1992، ونحن لسنا معنيين في مقالتنا هذه بالفريقين، لأننا واكبنا التاريخ الوطني المُشرِّف لدولة الرئيس إيلي فرزلي منذ العام 1975، دون الحاجة للتطرُّق الى المراكز السياسية التي شغِلها، لأننا معنيُّون بالدور الوطني العظيم الذي قام به دولته وكاد يدفع ثمنه من حياته، لأن إيلي فرزلي الذي ينتمي الى سهل بقاعنا، يجمع في جلساته وحول قامته كل البقاعيين من مختلف مشاربهم الوطنية والسياسية والحزبية والطائفية، لأنه إبن السهل، كل السهل، ولأنه إبن ناس لكل الناس.

وإذا كان هؤلاء “الشبيبات” الذي تغلي دماؤهم بروحية الثورة “الشي غيفارية” في لبنان، ما كانوا قد وُلِدوا بعد، عندما باشر إيلي فرزلي ثورته على كل غلط، وما زال وسيبقى طليعة الثوار وقُدوة الشرفاء، ومَن لعِب دور الثورِيّ الحقيقي بمواجهة الحرب الأهلية والذبح على الهوية ليحمي أبناء البقاع من التهجير والتنكيل على مدى سنواتٍ طوال، لن تعصى عليه الآن مسألة احتضان فتيان صغار بصدره الواسع على مدى وامتداد وطن.
إيلي فرزلي، القامة الإنسانية الفكرية والقانونية والتشريعية، نحن أهل البقاع نعرف أكثر من سوانا، أنه من أشرَف مَن أنتجهم سهلنا من سنابل الخير الحلال والحنطة المُباركة والخبز الشريف المعجون بعرق التعب والكرامة، وإيلي فرزلي قربان وطن، في زمنٍ ندُرَت فيه الآدمية وباتت استثناء.

كلمة أخيرة على سبيل النصيحة الى مَن نعتبرهم صغاراً لم يقرأوا تاريخ الكبار:
لسنا بمقام أهلكم لسحبكم من التسكُّع على الأرصفة، ولا بمقام القوى الأمنية لِردعكم عن ارتكاب المعاصي، ولا نحن مسؤولون عن استعادتكم مِن على الأرصفة الى مدارسكم وجامعاتكم، لكننا بمَقام مَن خَبِر أهل السياسة منذ أكثر من أربعين سنة، ونجزُم شامخين واثقين، أن إيلي فرزلي، ليس فقط تلك الشخصية الكاريزمية الجاذبة على الشاشات وفي الصالونات والمجالس، بل هو اليد التي طهَّرها السهل بلُقمة الحلال، وهو العصامي الذي غدا القانوني والمُشرِّع الأبرز في لبنان، وهو النائب الطالع من مُعاناة ناسه، ومرجعيته هي مبادئه المُستقلَّة والناس الأوادم بكل أطيافهم، وهو نائب رئيس المجلس النيابي الفاعل النشيط الذي يُشعل اللجان حركة وإنتاجاً، وهو أحد مهندسي السياسات الكبرى في أحلك الظروف التي مرَّ بها الوطن، لا غاية له سوى إبعاد الوطن عن النيران سواء كانت داخلية أو إقليمية، وأختَتُم قائلاً بمحبة يا جيل الشباب، يا أولادي، وباللبناني: “بدكن كتير تا تعرفوا تاريخ إيلي فرزلي”، فلا تستعجلوا مُقاربة قامته قبل أن نراكم قامات تشبه إيلي فرزلي…