أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


هل نحن أمام سايكس-بيكو 2؟ (ميشال غنيم)


التاريخ لا يعيد نفسه، بل الشعوب لا تتعلم من أخطائها..

لقد تعرض الشرق الأوسط على مدى التاريخ إلى أكثر من غزو وإلى أكثر من حرب سمحت للدول العملاقة أن تضع يدها على المنطقة كاملةً وتتقاسم البلدان وكأنها قطعةً من الحلوى، وأشهرها اتفاقية سايكس-بيكو.

بعد أن أصبح لبنان وسوريا تحت النفوذ الفرنسي والعراق تحت رحمة بريطانيا، نرى اليوم وتحديداً بعد الربيع العربي، نوع ثانٍ من تقسيم منطقة الشرق الأوسط. بعدما انتهت الحرب والتوترات في معظم المناطق السورية، أصبحنا نرى نفوذ روسي-إيراني في سوريا وانسحاب تدريجي للقوات الأميركية من الساحة.

فهل هناك انسحاب من دون ثمن؟
كما الحال في سوريا، نرى يوماً بعد يوم نفوذ أكبر للجيش الأميركي في العراق وتأثير سياسي أكبر من البيت الأبيض على الحكومة العراقية مما يطرح عدة استفهامات ومن أهمها: “هل هناك اتفاق أميركي-روسي على تقسيم الشرق الأوسط بين العملاقين؟”

إن الصورة الكبرى اليوم واضحة جداً وهي سيطرة بوتين على سوريا ونفوذ ترامب في العراق وبالتالي النتيجة كانت بقاء قطعة حلوى وحيدة متروكة وهي لبنان..

الجمهورية اللبنانية اليوم أمام انتفاضة شعبية قد يكون للولايات المتحدة يداً بها لأنها ليست صدفة أن تندلع أيضاً ثورة في الهونغ كونغ وفي ايران حيث أن الصورة تتّضح شيئاً فشيئاً وهي حتى الآن “شد حبال” بين المحور الأميركي – الإسرائيلي والمحور الروسي – الصيني – الإيراني.

في الماضي، كانت الحرب عسكرية بإمتياز أمّا اليوم فهي اقتصادية حتماً وتحديداً بعد مشاركة روسيا وأميركا في إعادة الإعمار وضخّ الصين مليارات الدولارات في الأسواق التجارية لتسويق بضاعتها ومنافسةً للسوق الأميركي.

خلاصة الموضوع، إن ما يحصل في لبنان، وللأسف الشديد، هو اعتباره ساحة لتتحارب الدول ولتستعرض عضلاتها السياسية والإقتصادية على شعبٍ لا دخل له بكل هذه اللعبة الدولية لا بل يُستغلّ وجعه ويُحرّض أهل البلد على بعضهم البعض كي تعم الفوضى وتتّضح موازين القوى.

الشعب اللبناني ليس “كبش محرقة”؛ فهم يتناحرون كي يجعلون من ال”سايكس-بيكو” الجديد تقسيماً استراتيجياً يفيد مصلحة الدول الكبرى ويضر مصلحة الشعب الذي يعاني من فقر وتعاسة اجتماعية…

فالتاريخ لا يعيد نفسه، بل الشعوب لا تتعلم من أخطائها، لذا نرى تلك الأخطاء تترجم هذا التاريخ واقعاً لها…

ميشال غنيم