لا تعليق على الإحتفال المدني الذي أُقِيمَ في ساحة الشهداء بمناسبة عيد الإستقلال، سوى انطباع مُسيء للكرامة الوطنية، عندما نُشاهد صباحاً عرضاً عسكرياً في وزارة الدفاع، ومن ضمنه لفوج المغاوير في الجيش اللبناني، ثم نشاهد مساءً عبر الشاشات إحتفالاً مدنياً ضمن برنامجه الحافل، عرضاً هزلياً سخيفاً لما يُسمَّى “فوج الطناجر”.
والحشود التي نزِلَت الى الساحات بمناسبة عيد الإستقلال- كيوم عطلة – وتحديداً منذ ما بعد الظهر وحتى ساعات الصباح الأولى، أظهرت لنا أن جزءاً من الشعب اللبناني من النوع الذي “يُحِب التِّشّ” وبدلاً من كركرة الأرغيلة على الكورنيش، فلا بأس أن تكون وسط الحشود في أتفه مشهدٍ لجمهور ليس لديه مشاريع في يوم العطلة، فتدفَّق الى الساحات للـ “كسدرة” وتقطيع الوقت، حتى ولو كان عبر مشاهدة عروض سخيفة الى درجة الهَبَل، في وقتٍ ينهار فيه الهيكل الكياني للوطن اللبناني على قرقعة طناجر البُلهاء.
التطوُّر الذي شهِدناه أمس عن الحقوق المطلبية، نأخذ عنه مثالاً واحداً، وهو أن المُطالبة بمنح الجنسية لأولاد المرأة اللبنانية المتزوجة من غير لبناني، قد وصل الى حدّ مطالبة إحدى السيدات بإنصافها، لأن منزلها غرفة واحدة وتعيش فيه مع زوجها وخمسة أولاد، وربما بات على الدولة أن تؤمن لها بيتاً أرحب للإنتاج والتناسل، أو أن على الدولة إصدار قانون تحديد النسل والإشراف على تطبيقه.
وحيث تبيَّن من خلال الشاشات، أو تصريحات الساحات، أن هذا الحراك قد بات حراكات، وأمام الدعم المالي الذي يُغطي كلفة اللوازم اللوجستية من قنينة المياه وصولاً الى الملابس والتجهيزات الباهظة الكلفة للإستعراضات نتساءل: أين العقل والحكمة عند المتظاهرين الذي جرفتهم تيارات الغوغاء الشوارعية المُسيَّرة بالمال، سواء كان مصدره بعض المصارف، أو الشخصيات التي طالتها أو سوف تطالها دعاوى الفساد، أو كان التمويل من سفارات عبر الأحزاب العميلة التي تُنفِّذ أجندة أميركا والسعودية والإمارات، التي تطلُب رأس العهد ورأس المقاومة، وأين العقل وأين الحكمة عند شريحة من هؤلاء المتظاهرين، عندما يرتضون أن يكونوا أدوات تحقيق مؤامرات خارجية لن تُؤتي لهم بأي حق مطلبي، وأن قرقعة طناجرهم لن تستجلب سوى أجواء سلبية على الإقتصاد ولاحقاً على الأمن، ولا يجنُون منها سوى نحر مطالبهم في طبخات بحص استقدموا لها الطناجر من منازلهم!
على أية حال، أطال الله بعُمر رئيس جمهورية، أثار ملف مكافحة الفساد ويعمل بضمير الأب الفاضل والمسؤول الحكيم للتغيير والإصلاح في الدولة/المزرعة التي كانت تحكمكم لأجيال، وأطال الله بعُمرِ سيِّد المقاومة الذي حرَّر وطناً من العدو الصهيوني والشيطان التكفيري لتبقى لكم ساحات الحرِّية ويبقى لكم وطن… …