حسان الحسن -الثبات-
حتى الآن لم يحقق “الحراك الشعبي” مبتغاه، بالرغم من أحقية المطالب التي رفعها ، خصوصاً المتعلق منها بمكافحة الفساد، ومساءلة الفاسدين، الذي أوصلوا البلاد على شفير الانهيار المالي والاقتصادي، ولكن لهذا الحراك “ظاهر” و “باطن”، فظاهره تحرك شعبي عفوي، يعبر عن أوجاع المواطنين، جراء الوضع المعيشي المتردي. وباطنه، هو استغلال بعض رموز الفساد، لهذا الحراك، و”تبني” مطالبه المحقة، من بعض الذين تعاقبوا على تسلم زمام السلطة في لبنان منذ 1992، وما قبل. بهدف تحقيق أجندات داخلية وخارجية، خصوصاً بعض الأطراف المتضررين من التسوية السياسية السابقة التي أوصلت الثنائي عون- الحريري، الى السلطة في العام 2016.
وما ورد، ليس المقصود منه، التهجم على الحراك، ولكن بعد مضي نحو شهر على إنطلاقه، لم يتبلور منه، مجلساً قيادياً، ولم يتبن خريطة طريق واضحة، ولن يعلن برنامج عمل، وبنك أهداف، يسعى الى تحقيقهم. فاذا استمر على هذا المنوال، لن يؤدي ذلك، إلا الى مزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشعية والمالية على الأقل، هذا اذا لم يأخذ البلد الى الانهيار الكامل والفوضى العارمة، جراء تعطيل المرافق العامة، والمؤسسات الخاصة، وإقفال الأسواق التجارية، من بعض بقايا الميليشيات التي تحاول خطف هذا الحراك، لتصفية حسابات سياسية، ومحاولة إفشال عهد عون، حليف المقاومة في لبنان، علّ هذه المليشيات وقطاع الطرق ينجحون في عزل هذه المقاومة عن محيطها الداخلي، من خلال اللجوء الى الضغوط الاقتصادية والمعيشية على حلفائها، خصوصاً في الشارع المسيحي، ومحاولة تحميل المقاومة مسؤولية تدهور الأوضاع في لبنان، على الصعد كافة.
ولكن لم تكتب لكل الممارسات الميليشيوية النجاح، خصوصاً بعد تأكيد الرئيس ميشال عون في مقابلته الأخيرة، “أن لا أحد يستطيع أن يفرض عليه معاداة ثلث الشعبي اللبناني”. ويضاف الى هذا الفشل أيضا، حلقة أخرى أيضاً من مسلسل الفشل المستدام، الهادف الى شل يد المقاومة في لبنان، عبر خرق بعض صفوف حلفائها، بأشخاص، أنضموا الى “الحراك”، تحت عنواين مطلبية واجتماعية. أضف الى ذلك، محاولة بعض الجهات الخارجية والمنظمات الدولية، استهداف المقاومة من داخل بيئتها الشيعية، عبر إبراز بعض الوجوه الشيعية في مقدمة ما يسمى “بالمجتمع المدني”، ولكن أيضاً من دون جدوى، فلا تأثير يذكر لهم، تحديداً على بيئة حزب الله ومؤيديه .
وتمثلت قمة الفشل، بعدم نجاح المتآمرين، بجر جمهور المقاومة، الى مواجهة داخلية، بعد استفزاز متكرر لهم، خصوصاً جراء إقفال طريق الجنوب وسواه من المناطق الحاضنة للمقاومة، وهاهو حزب الله وجمهوه، هو خارج أطار أي مواجهةٍ في الشارع، خصوصاً بعد الإطلالة الأخيرة للرئيس عون.
ولم تأت ردود الأفعال في الشارع على ما تضمنت هذه الاطلالة من مواقف أطلقها عون فحسب، بل على توجه لدى فريق الثامن من آذار والتيار الوطني الحر، بعدم تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة المرتقبة، لانه لم يتخل عن طرح حكومة تكنوقراط، الأمر الذي لاقى رفضاً من شركائه في الحكم، خصوصاً الثنائي الشيعي، في ضوء التطورات التي تحدث في المنطقة، التي تتطلب وجود حكومة سياسية وسيادية في لبنان، لاتخاذ القرارات المناسبة لمصلحة البلد، تحديداً ذات الابعاد الاقتصادية، بحسب مصادر تاكيد عليمة قريبة من الفريق المذكور. بالتالي هذا يعني ترجيح فرضية إمكان إبعاد الثلاثي الحريري – وليد جنبلاط – سمير جعجع، عن المشهد الحكومي الجديد، الذين فقدوا صوابهم، وعادوا مجدداً الى “لعبة الشارع”، للضغط في المفاوضات الحكومية.