من وحي إعلام هذه الأيام،
نعيد نشر مقالة للرئيس العماد عون، كتبها يوم كان في المنفى بتاريخ 2 كانون التاني 1998:
«قال صحافي: أنا أحمل قلماً لا بندقيّة،
فأُجيب: لذلك أنت الأخطر»
حرّية الإعلام والإعلام الحرّ
نحن نؤيّد حرّية الإعلام، من دون قيد أو شرط أو حصرية، نحن نؤيّد قانوناً ينظّم الإعلام إداريّاً ونرفض أيّ قانون آخر يحدّ من حرّيته، أو يفرض أيّ رقابة مسبقة، سواء كانت ذاتيّة أو غير ذاتيّة. فحدود الحرّية هي الحقيقة، وأيّاً يكن الجارح أو المجروح بهذه الحقيقة.
والمسؤوليّة تقع على من يتجاوز حدود الحقيقة، تزويراً أو تحريفاً أو تحويراً، والقوانين المرعيّة كافية لمنع هذه التجاوزات، ولْنقلْ هذه الجرائم.
وإن كانت حرّية الإعلام شرطاً ضروريّاً للإعلام، كي يمارس مهامّه في المجتمع الديمقراطي، يجب أن نتذكّر بأنّه شرط غير كافٍ، إذا لم يكن الإعلام نفسه حرّاً.
فالإعلام المرتهن والمنحاز، هو عدوّ ذاته ومتآمر على ذاته، وهو الذي يجنح بالحرّية إلى الهلاك.
وإنّنا نرى في كلّ يوم، نماذج عن هذا الإعلام المرتزق الذي يقوم، خلافاً لما هو مرتقب منه، بالشذوذ عن قواعد الحقيقة، ويرتكب أبشع التجاوزات.
فمن اجتزاء للكلام، ومحاكمة للنوايا، إلى كذب صريح في الوقائع، أو استنتاجات، من خبيثة دون وازع أو رادع؛ كلّ هذه الأمور تجعلنا نتحفّظ على صدقيّة صاحبة الجلالة، وعلى وقارها، وتجعلنا نتساءل أيضاً عن أخلاقيّة المهنة، والأمانة في أدائها خدمة للوطن والمجتمع.
وغالباً ما تُرتكب هذه الجرائم الإعلاميّة، على يد الإعلام الموالي للسلطة الحاكمة، فتحميه من الملاحقة، وتغذّيه بالأموال، كي يحميها بالترويج لها، وبتغطية فسادها وتجاوزاتها.
ولذلك، لا تستقيم أوضاع الحرّيات إلاّ في ظلّ حكم حرّ ونظيف، وفي وطن حرّ. فمثل هذا الحكم لا يخشى الحرّيات، بل على العكس يرى في احترامها مساعداً على اكتشاف واقع المجتمع، ومعالجته في الوقت المناسب، وبذلك يضمن الاستقرار الحقيقي في قلب هذا المجتمع.
في ظلّ الحرّية فقط، نستطيع أن نحمي أنفسنا من الجناة، وأن نعيش واقعنا بكلّ حقائقه، وأن نحلم بما هو أفضل.