– جعجع لم يطلق طلقة ضد السوري بل أدار بندقية القوات الى الداخل وقتل بها المسيحيين
***
في كل مرة نحاول فيها أن ننسى المصيبة التي حلت باللبنانيين بسبب وجود سمير جعجع على رأس حزب القوات اللبنانية، وهو مجرم مدان من أعلى سلطة قضائية في لبنان، ولكن الظروف السياسية الداخلية كما التوجهات الدولية في لبنان، حتّمت صدور عفو عن جرائم جعجع، فخرج من زنزانته من تحت الارض، “وهنا تكمن بعض العدالة اذا ان ليس جعجع وحده من كان يجب ان يسجن بعد الحرب، بل كل رئيس ميليشيا شارك في الحرب وقتل مدنيين لهدف إرهابي”، ليتحفنا كل يوم بنظرياته السفسطائية بالسياسة وأهمها بالتاريخ الحديث للبنان الذي لم يمر الوقت الكاف بعد، لتنسى الذاكرة الجماعية للبنانيين، ما اقترفته أيادي سمير بهم، على الرغم من محاولته المستمرة في كل مناسبة اللعب بعواطف مناصريه، واستغلال تضحيات غيره، بالتوازي مع سرد مزور للاحداث، لخدمة مشروعه السياسي.
ففي عشاء أقامته القوات اللبنانية على شرفه في مونتريال- كندا، انتقد سمير في كلمة له بالمناسبة رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، على اعلانه نيته الذهاب الى سوريا لاعادة النازحين الى وطنهم مثلما عاد الجيش السوري، معتبرا ان ليس باسيل ولا التيار الوطني الحر، من أخرج الجيش السوري من لبنان، بل قوى 14 آذار، وهنا تناسى جعجع ان التيار الوطني الحر كان يشكل في ال 2005 العمود الفقري لتجمع 14 آذار، ولولا التيار لما كان هناك 14 آذار في الاساس، ليحاول جعجع بعد إثارة هذه النقطة الفاضحة وضوحاً، ان ينبش تاريخ باسيل، بالقول ان باسيل لم يحارب السوري، وهنا ارتكب جعجع غلطة كبيرة، اذا فسح المجال لنعيد تذكيره بخيانته للبنان وطعنه الجيش اللبناني في الظهر من خلال التعاون مع الجيش السوري في معركة 13 تشرين وتسهيله الاجتياح السوري لقصر بعبدا ووزارة الدفاع وكل المنطقة الحرة، وهنا نذكره بوصف الضابط السوري المسؤول عن دخول القصر الجمهوري في بعبدا، له “بالحمار” حين طلب من هذا “الحمار” وقف قصفه على القصر لأن القوات السورية وصلت واحتلته، بالقول: “قولو لـ هالحمار يوقف قصف، نحنا وصلنا”، وقد سقط قتلى من الجيش السوري حينذاك، جراء قصف “الحمار” لبعبدا، كما ان جعجع نسي بالتأكيد ان باسيل حينها بالرغم من صغر سنه، كان عسكريا متطوعاً في أنصار الجيش اللبناني، أي انه حارب السوري بشكل مباشر، بعكس جعجع الذي منذ انتفاضته على القوات وصعوده الى قيادتها على جثث شبابها، لم يطلق طلقة ضد السوري، بل أدار بندقية القوات الى الداخل وقتل المسيحيين بها.
اما في النقطة الثانية التي أثارها جعجع في اطار تصويبه على باسيل، بقوله ان الرئيس السوري بشار الاسد لا يريد عودة السوريين الى سوريا، بحجة طائفية، بحسب جعجع، فقد فضح جرائها نفسه ودان نفسه بلسانه، حين اعتبر ان النازحين السوريين لن يعودوا الى سوريا طالما ان بشار الاسد هو رئيس سوريا؛ فهل يعرف جعجع ما يقول؟ وهو هنا يقدم بوضوح أوراق اعتماده الى مشغليه في السعودية والولايات المتحدة، من خلال ربط عودة النازحين السوريين بالعملية السياسة في سوريا، التي وبحسب التجارب في فلسطين وقبرص، يمكن ان لا تتنتهي هكذا عملية، لعشرات السنين، فهل يتحمل لبنان برأي جعجع عشرات السنين، لأكثر من مليوني ونصف سوري على الارض اللبنانية؟ ربما يجب ان نطرح السؤال على مشغلي جعجع، إذا اردنا الحصول على جواب، وليس على جعجع نفسه.
ربما هي نقطة إيجابية، باعتراف جعجع هذا، بتورطه بالمخطط الدولي لتوطين النازحين السوريين في لبنان، وهو خطأ جرّه اليه الوزير باسيل، فحين يفقد الانسان أعصابه يخرج عن طوره وينزلق الى متاهات ما كان ليصل اليها لولا حقده الذي يعميه عن التصرف الصائب، فيفقد توازنه ويكشف أهدافه التي نجح في إخفائها عن مناصريه، ولكن الى حين.