حسان الحسن-
غريب توقيت توقيف قائد تنظيم “جند الله” في طرابلس؛ الشيخ كنعان ناجي، المرتبط منذ زمن بعيد بأحد أبرز أفرقاء ما يُعرف بـ”ثورة الأرز”، أو “انتفاضة الاستقلال”، أي “القوات اللبنانية”، فالعلاقة بينهما تعود إلى أوائل ثمانينيات القرن الفائت؛ عندما لجأ مع عدد من عناصره إلى مناطق جبيل وجونية وسواها مما يسمى “المناطق الشرقية”، التي كانت واقعة تحت سيطرة “القوات” إبان الحرب اللبنانية، بعد دخول الجيش السوري إلى الفيحاء وتطهيرها من “الفلول العرفاتية” وسواها من القوى التي كانت تستهدف الأمن الوطني السوري انطلاقا من الأراضي اللبنانية، خصوصاً بعد فشل تنظيم “الإخوان المسلمين” في إسقاط الدولة السورية في بداية “الثمانينيات”.
وقبيل الانتخابات النيابية لعام 2000، عاد الأخير إلى طرابلس مع بعض قيادي حركة التوحيد الاسلامي، منهم الشيخ هاشم منقارة، وسواه، بتسوية مع قوى الأمر الواقع في حينه، على أثر انسحاب القوات السورية من لبنان، وافتعال جولات الاقتتال في الفيحاء بين باب التبانة وجبل محسن، حيث انخرط ناجي فيها، وتسلم أحد المسؤولين التابعين له (المدعو محمد الحموي) أحد محاور القبة – “الجبل”. ولم يقتصر دور ناجي ومسلحيه محلياً، فقد تورطاً أيضاً في استهداف الاستقرار السوري، على أثر اندلاع الأزمة السورية في العام 2011، من خلال تسهيل تهريب المسلحين والسلاح إلى الجارة الأقرب.
وبعد استعادة الجيش السوري غالبية أراضي بلاده، وتبدّد وهم إسقاط الحكم السوري، كذلك شحّ المال المخصص لتسعير الانقسام المذهبي في البلد، “زان” ناجي موازينه، وأعاد حساباته، وقرر اتخاذ موقف حيادي من مختلف القوى الموجودة والمؤثرة في الساحة اللبنانية، ما أزعج رعاته السابقين، على ما يبدو، الذي بدؤوا يبحثون له عن مكيدة انتقاماً منه لـ”انكفائه” هذا، إلى أن جاءت الجريمة الإرهابية التي اقترفها الإرهابي عبد الرحمن المبسوط عشية عيد الفطر الفائت في طرابلس، وسبق أن كان في عداد حراس ناجي، كذلك قام الإرهابي المبسوط بشراء الذخيرة وبعض القنابل التي استخدمها في عمليته المذكورة، من رفاقه حراس ناجي، فجاء ذلك غب الطلب، ليكيدوا له المكائد، فأرسلوا إليه إشارة تهديدية، من خلال بث خبر كاذب عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن مداهمة منزل ناجي، فلم يتلقّف الرسالة، ولم يتفاعل معها، وعلى الطريقة التي استُهدف فيها الرئيس سعد الحريري، المبتعد راهنا إلى حدّ عن الاصطفافات القديمة، بعدما فجرت صحيفة “نيويورك تايمز” فضيحة من العيار الثقيل، بكشفها بالوثائق أنه أنفق 16 مليون دولار على عارضة أزياء من جنوب أفريقيا، تُدعى كانديس فان دير مروي (Candice van der Merwe)، جمعته فيها علاقة رومانسية بعد أن التقيا في منتجع فاخر في جزيرة سيشيل قبل ست سنوات،
والسؤال: لماذا أثيرت هذه الفضيحة؟ ولماذا فُتح ملف ناجي أيضاً في هذا التوقيت؟
هنا، تكشف معلومات أن ناجي التقى شخصيات قريبة من فريق المقاومة، أكد لهم التزامه الحياد عن مختلف القوى، كما ورد آنفاً، ولذلك قد يكون نال عقابه الآن، على حد تعبير مصادر حزبية في فريق الثامن من آذار، وتؤكد هذه المصادر أن ناجي المتورط باقتناء مجموعة كبيرة من الأسلحة، والمتهم أيضاً بالتواصل مع “فتح الاسلام” في العام 2007، ليس أول من تلقّى تهديداً بفتح ملفات سابقة، فسواه أيضاً تلقى التهديد عينه من جماعة أحمد الحريري، الذي بات شريكاً مالياً ايضاً لبعض قادة المحاور السابقين، ومخلصي الجمارك وسواهم، المتورطين بالتهرب من دفع الضرائب، يعطيهم الأوامر بدفع الأموال لبعض المحاسيب، ومن يرفض يدفع الثمن، وهذا ما حدث على سبيل المثال مع حسام مراد؛ الملقَّب بـ”الختيار”، الذي عصا أوامر “الشيخ”، فنال عقابه، في جريمة إطلاق نار على أبناء عمه في منطقة الزاهرية في طرابلس، على غرار ما حلّ بناجي، تختم المصادر.
-الثبات-