عَ مدار الساعة


«جيش الموتوسيكلات» والشغب…مَن يدْفع لبنان إلى «قبضة الفلتان»؟

ساد حبْسُ الأنفاس في لبنان أمس مع اندفاعةِ الاحتجاجات في أكثر من منطقة ولا سيما بيروت والتي سرعان ما انزلقتْ في شكلٍ مباغتٍ إلى مَظاهر فوضوية من قَطْعِ طرقٍ وحرْقِ إطاراتٍ وأّنْذرتْ بدفْع البلاد إلى قبْضة فلتانٍ يُسابِقُ العدّ العكسي لـ«التصديق» على «علاجٍ موْضعي» لما بات يُعرف بـ«أزمة الدولار» وشحّه في الأسواق.

وبينما كانت الأنظار شاخصةً إلى يوم غد الذي يُفترض أن يشهد البلورة النهائية لآلية تأمين المصرف المركزي اعتماداتٍ بالدولار وبسعر الصرف الرسمي (نحو 1507 ليرات) لاستيراد السلع الاستراتيجية (المحروقات والدواء والطحين)، فاجأتْ حركةُ الشارع الجميع بعدما «انفلشتْ» في شكل غير متوقَّعٍ واتخذتْ طابع شغبٍ متنقّل بعد قفْل العديد من الطرق الرئيسية في بيروت، خصوصاً المؤدية الى وسط العاصمة وحتى طريق المطار، وتلك التي تربطها بالشمال (جونية وطبرجا) إضافة إلى أكثر من منطقة في الشمال والجنوب والبقاع وجبل لبنان.

ورغم أن الاحتجاجات انطلقتْ بدايةً سلميةً وتصدّرتْها مجموعاتٌ من الحِراك المدني رفْضاً للواقع المالي – الاقتصادي – الاجتماعي السائد وتنديداً بأداء الطبقة السياسية مع المطالبة برحيلها، فإن انزلاقَها على نحوٍ دراماتيكي نحو قطْع الطرق وصداماتٍ وكرٍّ وفرٍّ مع القوى الأمنية في أكثر من منطقة ولا سيما العاصمة التي «حوصر» وَسَطُها، أثار ريبةَ أوساطٍ عدة توجسّت من هذا المناخ التصعيدي في لحظةٍ بالغة الدقة داخلياً وتحتاج إلى أقصى حدود الهدوء والتضامن السياسي والشعبي لعبور «المفترق» الخطير بأقلّ الأضرار.

واعتبرتْ هذه الأوساط أن ما حصل أمس وتحديداً في «جوْلته» التي تَقَدَّمَها «جيش الموتوسيكلات» وشبان القمصان السود، يمكن وضْعه في سياقِ واحدٍ من أمريْن: إما أنه في إطارِ محاولةٍ لدفْع البلاد إلى «الزاوية» ورفْع منسوب التوتر فيها تدريجاً من ضمن لعبة «عضّ الأصابع» الدائرة على تخوم «حرب العقوبات» الأميركية التصاعُدية على «حزب الله» الذي كان حمّل مسؤولية الواقع المالي الحالي المأزوم الى «العدوان» الأميركي (بالعقوبات).

وإذ ستشكّل الساعاتُ المقبلة اختباراً حقيقياً لما إذا كانت تحرُك أمس، على طريقة «رسالة ووصلت» أو بداية مسارٍ ضاغط مُتدحِرج، فإن أوساطاً مطلعة أعربتْ عن خشية كبيرة من استحضار الشارع في هذه المرحلة وتَحَوُّلِه طَبَقَةً إضافية من الانقسام السياسي ولعبة تصفية الحسابات وتقاذُف المسؤوليات التي لاحتْ من قلب «أزمة الدولار».

-الراي الكويتية-