طغت المشكلات الضاغطة في الشارع على المشهد السياسي، حيث إقفال محطات البنزين من جهة ونفاد الدولار من شبابيك المصارف وحضوره في شبابيك الصرافين من جهة ثانية، ورفض شركات الخلوي اعتماد الليرة اللبنانية في فواتيرها، شكلت مناخاً كافياً مع التطمينات الكلامية الصادرة عن مسؤولي الدولة لتكون سبباً لموجات غضب شعبي بدأت تعبر عن ذاتها بإحراق الإطارات والتجمعات، وبات يخشى انفجارها بثورة غضب تسيطر عليها الفوضى، وتأخذ البلاد إلى حيث يخطط لها خصومها. فالفوضى تشكل جوهر مشروع تحويل لبنان إلى ساحة قابلة للعبث، بالتزامن مع الرهانات الخارجية على تفكيك الساحة السياسية من بوابة الضغوط الاقتصادية، ودفع الناس إلى الشارع لاستعمالها كما استعملت في الربيع العربي، الذي شهد تدحرج رؤوس حكام موثوقين ومقرّبين من والغرب وعلى رأسه واشنطن، لكن ثبت أن تعميم الفوضى أغلى من هذه الرؤوس.
-البناء-