أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


علاقة التيار الوطني الحرّ وحزب الله… ما قبل الرئاسة كما بعدها

هتاف دهام

يرصد المجتمع الدولي أيّ تطوّر أو مستجدّ يطرأ على علاقة حزب الله – التيار الوطني الحر، لما في الأمر من تطوّرات على مجمل الوضع اللبناني.

سألت مديرة مكتب ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ أحد نواب كتلة الوفاء للمقاومة، في مناسبة اجتماعية، عن علاقة حزب الله بمقال جريدة «السفير». بدا الأمر مفاجئاً له، إذ لمس اهتماماً دولياً بعلاقة حزب الله مع التيار الوطني الحر، وما إذا كانت طرأت مستجدات عليها. بطبيعة الحال أجاب النائب المعني أن لا علاقة لحزبه بمقال «السفير»، وأنّ مسؤولي حزب الله قرأوا هذا المقال في الصحيفة كسائر اللبنانيين.

إذا أرادت حارة حريك أن تصارح بعبدا أو الرابية بأمر أو ملفّ، فهي لا تعتمد هذه الوسيلة. لا يعتمد حزب الله أسلوب نقل الرسائل من «بعيد إلى بعيد». القنوات المباشرة مفتوحة دوماً وبصورة يومية. وغالباً ما تتولى هذه القنوات التنسيق وتبادل الرأي.

ما لا يعرفه اللبنانيون أنّ التيار البرتقالي وضع حزب الراية الصفراء بصورة مسبقة نيته الانفتاح على حزب القوات اللبنانية. في وقت لاحق، وضع الوطني الحر «المقاومة» بأجواء التطورات التي شهدها مسار العلاقة على خط معراب الرابية.

لا يشعر حزب الله أنّ العلاقة العونية القواتية بعد «إعلان النيات» تهدّد وثيقة مار مخايل. ما تفاهم عليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون في العام 2006 راسخ، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمقاومة، وما يتصل بها ومواجهة التكفيريين وما يتعلق بها.

لا شك في أنّ تفاهم معراب أدخل حيثية جديدة الى التوازنات الداخلية اللبنانية. من شأن هذا المعطى أن ينعكس مباشرة على وضعية المسيحيين ودورهم في إطار التوازنات. ومما لا شك فيه، أنّ هذا التقارب ستكون له تداعيات في بعض الجوانب على سبيل المثال نتائج الانتخابات النيابية المقبلة.

لا يشعر حزب الله بأيّ قلق من المستجدات في الساحة المسيحية. ثقته بالتيار الوطني الحرّ كبيرة. لا يلمس أنّ هناك تناقض مصالح شيعية مسيحية استراتيجياً في الأفق السياسي اللبناني. لكنه يفضل بطبيعة الحال أن يبقى الخطاب السياسي مستنداً الى مفردات المصالح الوطنية العامة، من دون الذهاب بعيداً في خطاب الخصوصيات الطائفية.

كان لافتاً، وفق قطب سياسي بارز لـ»البناء»، جهد الدكتور سمير جعجع الدؤوب لترويج مناخات حول نشوء ارتياب شيعي مسيحي مستجدّ تجاه الثنائية المسيحية. ولذلك، يفهم، وفق القطب نفسه، من كلام وزير الخارجية جبران باسيل، بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح الأسبوعي الثلاثاء الماضي أنّ أحد استهدافات هذا التصريح الردّ على معراب بطريقة غير مباشرة. لا ماء عكر ليصطاد أحد به. الخط الساخن لن يبرد بين بعبدا والضاحية الجنوبية.

تعرّض حزب الله لحملة إعلامية معروفة الأهداف والمصدر. لكن العلاقة عبّر عنها رئيس التيار الوطني الحر أول أمس. لا يختلف حزب الله مع التيار وفق القطب السياسي، على الثوابت الاستراتيجية ولا على أسس بناء الدولة. وبحسب ما علمت «البناء»، قال رئيس الجمهورية خلال اتصاله بالأمين العام لحزب الله، الاثنين الأسبق، «نحن يا سماحة السيد، كما كنا قبل الرئاسة سنبقى ملتزمين بعد الرئاسة».

تتصرّف القوات في هذه الأيام، وفق القطب نفسه، مثل الفقير الذي ربح ورقة يانصيب ولم يعد رأسه يحتمل. وجدت في الأمر فرصة للصعود من أحزاب الفئة الثانية إلى أحزاب الفئة الأولى. تعيش عقدة البجعة السوداء. بجعة يشعر الجميع بـ»نقزة» منها، حتى البيئة الاجتماعية لتيار المستقبل، ولو ذهبت قيادة المستقبل إلى أفضل العلاقات مع قيادة القوات.

إنّ ما يحصل على صعيد تشكيل الحكومة يُدلل على أنّ الفريق الذي يحمل شريكاً كالقوات اللبنانية، تتحوّل هذه الشراكة الى عبء عليه، مولدة تعقيدات تحتاج إلى جهود مضاعفة لتذليلها.

بات مؤكداً، وفق ما علمته «البناء»، أنّ السيد نصرالله سيتطرق في كلمته مساء غد إلى الأزمة الحكومية. سيدفع المساعي الإيجابية بين جميع الأطراف خطوة إلى الأمام. سيفتح كوة في جدار الوضع الراهن. سيردّ على الاتهامات أنّ «الشيعة» يعطلون التأليف الحكومي. سيشرح عناصر الأزمة وتمنيات الحزب واقتراحاته تجاه التشكيل. ويبقى الأهمّ أنّ الأمين العام لحزب الله سيشدّد على متانة العلاقة الاستراتيجية العميقة والثابثة مع التيار الوطني الحر قيادة ومناصرين والتي لا تشوبها أية شائبة.

المصدر: البناء