حسان الحسن-
تعيش المناطق السورية غير المحررة، في الشمال او في الشرق، وضعا غير متوازنا، وهو يتأرجح ما بين العمليات العسكرية في الشمال، حيث الاشتباكات العنيفة بين الارهابيين بمختلف اتجاهاتهم، او بين المشاريع الامنية الغريبة في الشرق، حيث لا شكل ثابت او واضح حتى الان للمنطقة الامنية المزمع فرضها من قبل المحتلين، أكانوا اميركيين أم اتراك، وجميع هذه الاعمال والاجراءآت كما يبدو، لا يعدو كونها مضيعة للوقت ومحاولات عقيمة للتهرب من المصير الطبيعي والذي لا مفر منه عاجلا أم آجلا، والذي سيكون بالنهاية سيطرة الدولة السورية الشرعية على كامل اراضيها.
لقد بات من الواضح والمؤكد تماماً، أن لدى القوى الإقليمية والدولية وادواتها، المشارِكة في الحرب على سورية، أجنداتٍ مختلفةٍ حيث لكل منها ترتيبها الخاص تسعى الى تحقيقه، ففي شأن الحال في منطقة الشمال السوري، تحديداً في مدينة إدلب ومحيطها، والتي تعتبر كبرى قواعد “جبهة النصرة في تنظيم القاعدة” الإرهابية، على ما يبدو أن تركيا تعمل على حل هذا التنظيم، المصنّف بالإرهابي عالمياً، بالإضافة الى حل ما يسمى “بالجيش التركستاني”، وتحدثت معلومات أن المفاوضات جارية بين المخابرات التركية والتنظيمات المتطرفة المتواجدة في محافظة إدلب، وعلى رأسها “النصرة” في شأن حل هذه الجماعات لنفسها. وأكدت المعلومات أن هذه التنظيمات، تشهد حال من التخبط في صفوف قادتها وعناصرها، حيث أعرب معظم المسلحين عن رفضهم حلّ فصائلهم، وعدم الموافقة على مطلب أنقرة، التي تتزايد عليها الضغوطات الإقليمية والدولية، كي تستخدم نفوذها لإقناع “هيئة تحرير الشام” التي تسيطر على معظم أراضي إدلب وتشكل “النصرة” عمودها الفقري، بحلّ نفسها، لذلك تم تمديد الهدنة في إدلب ومحيطها، ووقف عمليات وتقدم الجيش السوري هناك، إفساحاً في المجال أمام إنجاح المفاوضات المذكورة، علّها، تؤتي ثمارها، وتوفر على البلد المزيد من القتل والدمار، على حد مصادر متابعة.
ولفتت الى أن بعض وسائل الإعلام، ذكرت أن أكثر من ألفي إرهابي من إدلب قد تمَّ تهريبهم الى تركيا بطريقة غير شرعية، وذلك منذ بدء العملية العسكرية للجيش في ٦ أيار الفائت، ما يؤكد حال التخبط والتضعضع في صفوف المسلحين، برأي المصادر.
أما في شأن الوضع في شمال- شرق البلاد، حيث بدأت القوات الأطلسية الأميركية والتركية، تنفيذ “المنطقة الآمنة”، من خلال تسيير دوريات مشتركة من الجانبين، ليس إلا، بعد إنسحاب وحدات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) لإخلاء شريط على الحدود مع تركيا، بعمق يتراوح بين 5 و14 كلم في منطقة شرق الفرات، وفقا لما تم الاتفاق عليه بين تركيا والولايات المتحدة. ولكن لم يتم الإتفاق بين الأطراف المعنيين والموجودين في هذه المنطقة، سوى على تسيير هذه الدوريات حتى الساعة، بحسب تأكيد مصادر في المعارضة السورية.
وتعتبر هذه المصادر المعارضة أن الترتيبات الأمنية والعسكرية، يجب أن يتبعها إتفاق سياسي، والذي هو حتى الان غير واضح المعالم على الإطلاق، وذلك نتيجة إختلاف الأجندات، كما ورد آنفاً، حيث تسعى واشنطن الى تأسيس سلطة كردية في شرق الفرات تكون عبارة عن جهاز أمني لا يحكم.
ناحية نظرة الاتراك لهذه المنطقة، يتضارب موضوع السلطة الكردية كما يراها الاميركيون مع مصلحة أنقرة، والتي يبقى الهدف الأساس من موافقتها على إقامة هذه المنطقة، إقامة شريط عربي على الحدود السورية – التركية، بشكل يتهدد النفوذ الكردي برمته في تلك المنطقة، كون الأكراد، لايزالون الأقل عدداً فيها، ومن هنا عاد «مجلس سورية الديمقراطية– مسد» ليتحدث مجدداً عن رغبته واستعداده للحوار مع الحكومة السورية في دمشق أو أي مكان آخر، رغم انسحابه من جلسات حوار سابقة.
في النهاية، حيث ترى المصادر المعارضة من جهتها، أن جل ما قد تحققه “المنطقة الآمنة”، هو وضع “شرق الفرات” على الخريطة التفاوضية لأي حلٍ مرتقبٍ للأزمة السورية، انما في الواقع، وفي معزل عن رأي هذه المصادر المعارضة، لا يمكن ان يكون الحل النهائي الطبيعي والمنطقي، الا بإستعادة الدولة السورية سيطرتها على الشرق والشمال مع الاخذ بعين الاعتبار التسوية السياسية التي تحفظ حقوق جميع المكونات السورية دون ان تتعارض مع سيادة هذه السلطة الشرعية على كامل جغرافيتها .
-المرده-