منذ إنطلاق المقاومة اللبنانية في العام 1982، لم تحظ يوماً بأجماعٍ لبنانيٍ حولها، ولا بتأييد دورها في تحرير الأرض، ودحر الإحتلال، وجاهزيتها للتصدي لأي تهديدٍ إسرائيليٍ محتملٍ، بل أكثر، لم تسلم منذ ذاك الوقت، حتى الساعة من التأمر عليها، تارةً بإرشاد العدو على قادتها وكوادرها، ومساعدته على إستهدافهم، وطوراً بتحريض الخارج على هذه المقاومة، وملاقاته في الداخل اللبناني، من خلال فبركة الذرائع، لضربها، وإنهاء دورها، والأنكى من ذلك كله، أن تلك الأدوار التآمرية، يؤديها فريق يبالغ بالحديث عن “السيادة”، ووحدة الأرض والشعب، وفي الوقت عينه يبذل كل جهوده، ولا يوفر أي فرصة، للقضاء على السلاح الذي يحمي الأرض، والديموغرافيا اللبنانية، فهل تصان وحدة الأرض، بنزع أحد ركائز قوة لبنان القائمة على المعادلة الذهبية المجدية “شعب، جيش، ومقاومة”، التي اثبتت فاعليتها في حماية البلد، وسلمه الأهلي، في وقتٍ لايزال الخطر التكفيري يتهدد المنطقة بأسرها، كذلك لا أحد يعلم ما هو مصير اللاجئين الفلسطينيين، والنازحين السوريين في لبنان.
ورغم نجاحها الكبير في مكافحة الإرهاب في لبنان والمحيط، وإسهامها في تطهير جرود سلسلة الجبال الشرقية من التكفيريين، الأمر الذي قد يكون أزعج هؤلاء “السياديين”، ما دفعهم الى تحيّن الغرض أو المناسبات ليطرحوا مجدداً إعادة مناقشة الإستراتجية الدفاعية، في توقيتٍ مشبوهٍ، (اي الوقت المترافق مع قيام الفريق عينه بتشيجع النازحين على عدم العودة الى بلدهم) ، علّهم يفلحون هذه المرة، في المهمة الموكلة إليهم، أي نزع سلاح المقاومة، ولم يتعظوا من تجارب الماضي، وفشلهم في كل محاولاتهم السابقة، بالتالي الكف عن المراهنة على العدو، ومن خلفه، خصوصاً في وجود سد منيع لحماية سيادة لبنان، وهو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي وصفه الأمين العام لحزب السيد حسن نصرالله “بالجبل”.
وتعقيباً على ما ورد آنفاً، يؤكد مرجع عسكري وإستراتيجي، أن الاستراتيجيات ليست ترفا فكريا او أداة تسلية وتلهي، بل هي نهج وفن استعمال الإمكانات لتحقيق اهداف كبرى، و درء اخطار محدقا محتملة. و يلفت الى أن الاستراتيجيات تتغير ربطا بهذه العناصر، أي بالإمكانات و إرادة استعمالها لمواجهة الاخطار وتحقيق الأهداف، و هنا يثني على صوابية موقف عون من الاستراتيجية الدفاعية في لبنان، حيث لا بد من الإقرار بان ما كان يمكن اعتماده من استراتيجية دفاعية للبنان في العام 2006، لم يعد صالحا اليوم، نظرا للتبدل الحاصل على صعيد الاخطار والتحالفات و حتما للتغير الحاصل بالإمكانات. ويقول: “إن العاقل من يبحث عن الحقيقة ويعمل بمقتضياتها، اما سواه فيبقى أسير جهله و احقاده و بالتالي يكون موتورا، لا أهمية لمواقفه” .
ويختم المرجع بالقول:”اذا كان الرئيس مثقفاً وواقعياً ومتبصراً ووطنياً ومستقلاً وجريئاً، فانه يتخذ مواقف لمصلحة الوطن بصرف النظر عمن يرضى أو يغضب، فلا هم لديه إلا ان يحفظ الوطن، بهذا الفهم والمنظور أطلق رئيس البلاد، الموقف الرائد من الاستراتيجية الدفاعية، (أي أن هذا الموضوع يتطلّب إعادة تقييم، والأولوية ليوم هي لمعالجة الشأن الإقتصادي)، اما عبيد الخارج فسيبقون أسرى أحقادهم على المقاومة وكراهيتها”.
-حسان الحسن-