♰ الله لا يخلّص الإنسان رغماً عنه، والجسد يميل إلى هلاك النفس، لذلك ضرورة رفض شيئ عن جسدنا..
♰ الخطيئة ليسَت أمر سخيف، ربّنا يسوع رحوم مع الخاطئ التائب لكنّه حازم مع الخطيئة..
* ♰ *
نخطئ بتسبيب الخطيئة: إمّا بإعطاء السبب (أن نكون نحن سبباً لخطيئة الغير)، أو بأخذ السبب (أن نُعرض أنفسنا لسَبَبٍ ما). أقول، بإعطاء السبب كإمرأة ظاهرة بطريقة غير لائقة، العنق والأكتاف مكشوفة، لابسةً ثياباً ترسُم كثيراً أشكال الجسم ؛ أو أنّها لا تلبس البتّة محرمةً في الصيف، أو أنّها تلبس بطريقة مُتْقَنَة ومتناسقة ومنظّمة جدّاً، كلاّ، لن يعرف هؤلاء التعيسات إلاّ في محكمة الله كم هو عدد الجرائم التي تَسبَّبنَ بإرتكابها ! كم هناك من أشخاص متزوّجين ولكن متحفّظين أقلّ من الوثنيين. والفتاة هي أيضاً مُذنِبة بعدد من الخطايا المضادّة للطهارة، وهي تقريباً كلّها خطايا مميتة، وذلك في كلّ مرّة تكون فيها سهلة جدّاً وذات ألفة زائدة مع الشبّان، ونوجَد أيضاً مذنبين عندما نذهب مع أشخاص ونحن نعرف بأنّه لا يوجد على لسانهم سوى الكلمات السيّئة. من الممكن أنّكم لم تستمتعوا بها، ولكنّكم ارتكبتم خطأً بتعريض أنفسكم لها وأُصِبْتُم بالضَرَر من جرّاء ذلك.
يا للأسف ! يا الهي، أين هم هؤلاء الذين يدّعون على أنفسهم (في سرّ الاعتراف) ؟ لا أحد تقريباً.
واحسرتاه ! كم من النفوس التي تجرُّ ذاتها في الجحيم !…
نخطئ أيضاً ضدّ فضيلة الطهارة المقدّسة، عندما ننهض ليلاً ونحن غير لابسين لكي نخرج، لكي نخدم مريض، أو لكي نذهب لنفتح الباب. على الأمّ أن تنتبه أن لا تنظر أبداً نظرات غير شريفة إلى أطفالها، أو تلامسهم ملامسات غير ضروريّة. الآباء والأمّهات هم مذنبون بكلّ الإلفات الزائدة التي يسمحون بها بين أطفالهم وخَدَمهم، والتي باستطاعتهم إيقافها. نحن نصبح مذنبين أيضاً عندما نقرأ كتباً سيّئة وعندما نقرأ أو نسمع أغاني غير طاهرة ومُثيرة للشهوة ، أو عندما نستعير هذه الأشياء أو نعيرها لأحد ؛ وعندما نتراسل كتابةً بين أشخاص من جنسٍ مختلف.
أنتم مُجْبَرون يا إخوتي بأن تصرّحوا عن كلّ الظروف التي تَزيد من جسامة الخطيئة، إذا أردتم أن تكون اعترافاتكم جيّدة. إسمعوني، سوف تفهمونها أيضاً بشكل أفضل. عندما ترتكبون خطيئة مع شخص قد سبق وسلّم ذاته للرذيلة، جاعلاً منها مهنته، تجعلون أنفسكم ﺑﺈرادتكم عبيداً للشيطان، وتَسْتَوْجبون الهلاك الأبدي. ولكن، تَلْقينُ الشرّ لشخص شاب (شاب أو فتاة)، حَمْلُه على الشرّ للمرّة الأولى، سَلْبُه البراءة، نَزْع زهرة عُذريّته منه، فَتْح باب قلبه للشيطان، إغلاق باب السماء في وجه هذه النفس التي كانت موضوع محبّة أقانيم الثالوث الأقدس الثلاثة، وجَعْلها مُستحقّة الفَصْل والرَذْل واللعنة من السماء والأرض: هذه الخطيئة هي أيضاً أعظم بما لا نهاية له من الخطيئة الأولى، وأنتم مُجْبَرون على أن تَدَّعوا على أنفسكم بذلك (تعترفوا بذلك)
إنّ ارتكاب خطيئة مع شخص حرّ، غير متزوّج ومن خارج القرابة الدموّية، هو بحسب القدّيس بولس الرسول، جريمة تُغْلِق باب السماء في وجهنا وتفتح لنا باب الهاوية؛ ولكن إرتكاب الخطيئة مع شخص مُرْتَبِط برباطات الزواج، هو جريمة تحوي في ذاتها عدداً كبيراً من الجرائم الأخرى؛ هي خيانة فظيعة مُروِّعة، تَهْتُكُ حُرْمة كلّ نِعَم سرّ الزواج وتبيدها وتزيلها من الوجود؛ هي أيضاً حَنَثٌ ملعون يدوس بالأقدام عهداً تمّ عقده والقَسَم به على أقدام المذابح، ليس بحضور الملائكة فقط، ولكن بحضور يسوع المسيح نفسه؛ جريمة قادرة على جَذْب كلّ أنواع اللعنات، ليس فقط على أحد البيوت لكن على الرعيّة أيضاً…”
وبخصوص الأسباب يقول القدّيس خوري أرس أيضاً:
اذا سألتموني الآن، ما الذي باستطاعته أن يقودنا الى جريمة (خطيئة الدنس) كهذه. ليس عليّ إلاّ أن أفتح كتاب التعليم المسيحي خاصّتي وأن أسأله لأحد الأطفال… سوف يُجيبني ببساطة: يا سيّدي الكاهن، هو الرقص والحفلات المعاشرات ذات الأُلفة الزائدة بين أشخاص من جنس مختلف؛ الأغاني، الكلمات الحرّة، قلّة الحشمة في الثياب، اﻹفراط في الأكل والشرب… لأنّ الجسد لا يميل إلاّ إلى هلاك النفس؛ ومن الضرورة أن نجعله يتعذّب بطريقة من الطرق، والاّ، عاجلاً أم آجلاً، سيُلقي بنفسنا في جهنّم. والشخص الذي يهمّه جيّداً خلاص نفسه، لا يمضي أبداً أيّ يوم دون أن يُميت ذاته (اﻹماتة) بشيء من الأشياء في الشرب، الأكل، النوم. وبالنسبة ﻟﻺفراط في شرب الخمر، يقول لنا القدّيس أغوسطينس بوضوح، بأنّ السِكّير هو دَنِسٌ (غارق في خطيئة الدنس)... . اذا أردتم (يا إخوتي) أن تحافظوا على طهارة ونقاوة نفوسكم، يجب ضرورةً أن نرفضَ شيئاً لجسدنا، وإلاّ يهلكنا.
وأقول بأنّ الحفلات والرقص يقودونا الى هذه الرذيلة المكروهة. هي الواسطة التي يستعملها الشيطان لينزع البراءة من ثلاثة أرباع الشباب على الأقلّ. لست بحاجة لأُثبّته لكم. لن تعرفون ذلك للأسف الشديد إلاّ من خبرتكم الخاصّة. آه ! كم من الأفكار الرديئة، من الرغبات السيّئة، ومن الأعمال المُخْجِلة المسبَّبة من الرقص ! يكفيني أن أقول لكم بأنّ ثمانية مجامع كنسيّة معقودة في فرنسا تمنع الرقص، حتى في الأعراس، تحت طائلة الحُرْم. – ولكن، تقولون لي، لماذا هناك كهنة يعطون الحَلّة السرّية في الاعتراف لهؤلاء الأشخاص دون أن يختبروهم ؟ – بالنسبة لذلك، لن أقول لكم شيئاً، كلّ واحدٍ سيقدّم حساباً على ما فعله. آه يا اخوتي! من أين تأتي خسارة الشباب ؟ لماذا لم يعودوا قَط لممارسة الأسرار ؟ لماذا تركوا حتى صلواتهم ؟ لا تبحثوا عن سبب آخر غير الرقص…”.
إن الله لا يخلّص الإنسان رغماً عنه، لأنّ الأمر متوقّف على ارادته الحُرّة. لنُلقي بذواتنا إذاً بشفاعة مريم في أحضان رحمته بالفعل لا بالقول، غير مؤجّلين التوبة (را. فقرة 88)، هاربين من الأسباب ومُستَعملين الوسائل الفعّالة (فقرة 27).
ولنتذكّر دائماً أنّ الخطيئة ليسَت بالأمر السخيف، فقد كان ربّنا يسوع المسيح رحوماً مع الخاطئ التائب ومُحَذِّراً إياه من العودة إلى الخطيئة، ولكنّه كان حازماً مع الخطيئة محبّةً بنا، ومحذّراً بوضوح وقوّة من عاقبتها: “إنّ شكّكتكَ عينكَ اليُمنى فاقلعها وألقِها عنك، فانّه خيرٌ لكَ أن يهلك أحد أعضائكَ ولا يُلقى جسدُكَ كلّه في جهنّم (متى5: 29)، وعندما كان يشفي أحدهم كان يقول له: “اذهب ولا تعود الى الخطيئة لئلّا يصيبك ما هو أسوأ”. وقال ايضاً: “ليس كُل من يقول لي يا ربّ يا ربّ يدخل ملكوت السماوات، لكن الذي يعمل إرادة أبي الذي في السماوات…” (متى7: 21).