أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


الأب أنطوان يوحنا لطوف: لنحذر المفاهيم الخاطئة “للتنمية البشرية”

– أخطر استغلال لعبارة “التنمية البشرية” يقوم به تيار “العصر الجديد”

***

يدرس علم التنمية البشرية إمكانية تقدم البشر وتنوع خياراتهم الحياتية بحسب ظروفهم الاقتصادية والمعيشية. ويقاس مؤشر التنمية البشرية بثلاثة عوامل: أمد الحياة، وتوفر المعرفة العلمية للأفراد، ومستوى الدخل الفردي (أنظر الترسيمة أدناه).

وقوام التنمية البشرية رفع مستوى المعيشة الإجمالي في المجتمع، وتأمين حياة صحية وعناية طبية متقدمة وسليمة للأفراد، وتمكينهم من التعلم ورفع مستواهم العلمي والثقافي، وتنويع خياراتهم المهنية والمعيشية. وهذا الأمر يزيد في نوعية وأمد حياتهم.

فالتنمية البشرية هي حصراً مسؤولية الدولة، التي تقوم مؤسساتها الاقتصادية والعلمية والصحية والتربوية بتعزيز التنمية البشرية، تعاونها مؤسسات القطاع الخاص، وما تقوم به هذه يصب في جهود الدولة.

فلا يمكن لأي جهة بمفردها، حكومية أو خاصة، أن تزعم أنها تقوم بالتنمية البشرية، مهما كانت الخدمات التي تقدمها، ولا يجوز لها أن تستعمل هذا التعبير للترويج لنشاطاتها. فالمدرسة أو الجامعة أو المستشفى مثلاً، تسهم في تعزيز ناحية واحدة من التنمية البشرية، لكنها لا تقوم بالتنمية البشرية بمفهومها المتنوع والشامل الذي أوضحناه.

أقصى ما يمكن أن تقوله المؤسسة أنها تقدم برامج لتعزيز الصحة أو المدارك العلمية والثقافية عند الأفراد. فالتنمية البشرية لا تمارس على الفرد مباشرة، ولا يمكن للفرد أن يخضع لبرامج تنمية بشرية. الفرد يستفيد من تعزيز الظروف المعيشية التي تؤمنها له مؤسسات الدولة، فيرتفع مستوى معيشته وتزداد حياته رخاء وخياراته المهنية والحياتية تنوعاً. وما يتلقاه الفرد (أو مجموعة أفرد في مؤسسة معينة) ليس تنمية بشرية بل تعليما وتثقيفا وتدريبا وتنشئة. والمؤسسة التي تقوم بذلك التعليم والتدريب ليست “مؤسسة تنمية بشرية” بل مؤسسة تنشئة.

وأخطر استغلال لعبارة “التنمية البشرية” يقوم به تيار “العصر الجديد”، فيطلق هذه التسمية، لجاذبيتها، على بعض برامجه التدريبية، وتنطلي الخديعة على بعض المؤسسات الاقتصادية والثقافية، فتقبل أن يقدم لها “العصر الجديد” برامج التدريب تلك، وتتسلل إلى عقول العاملين في تلك المؤسسات تعاليم هذه البدعة الخطرة.

فليحذر المؤمنون كل دعوة للمشاركة في برامج “تنمية بشرية”، فالتنمية البشرية لا تتحقق باي برنامج مهما كان، بل هي عملية إقتصادية وصحية وتربوية وتنموية شمولية تسعى لتحقيقها مؤسسات الدولة حصراً.