عَ مدار الساعة


هل يعقل ان يتحول مؤمن بالمسيح الى تابع للشيطان حين يسمع موسيقى مشروع ليلى؟- نسيم بو سمرا

هالقد ما في ثقة عند رجال الدين برعيتهم ليخافوا على المؤمنين من موسيقى شيطانية؟

***

بعتقد اللي بيكفر المسيحيين بلبنان هم رجال الدين مش فرقة موسيقية، أكانت مشروع ليلي او غيرها، ويبدو ان الهلع يصيب رجال الدين عند كل مفترق، لأنهم يعتبرون ان الايمان مفقود في رعيتهم، وبذلك يبررون فشلهم في مهمتهم إرشاد المسيحيين الى المسيح، والا لماذا قلة الثقة هذه التي تعتبر ان أغنية تتضمن تعابير شيطانية يمكن ان تدفع مؤمن بالمسيح الى تركه واتباعه الشيطان؟ مبررين خوفهم بمقولة ان كلمات الاغنية تمس بالشعائر الدينية، فمتى كان الرأي من دون ان يترافق مع فعل عنفي لفرضه على الاخر، ممنوع؟ مع العلم ان الذي يذهب لحضور مشروع ليلى بحسب الحملة التي تشن ضد هذه الفرقة الموسيقية، والذي سيكفر بعد حضوره الحفل الموسيقي، هو اساسا مع الافكار التي تسوقها هذه الفرقة، فجمهور هذه الفرقة اما انه يحب الموسيقى التي تعزفها او انه يؤمن فعلا بكلمات الاغنيات وفي كل الاحوال هو حر في اتباع الفكر الذي يقتنع به، اكان شيطانيا او الهياً.

اما الجوهر ففي مكان آخر، لأن الذي يكفّر المسيحيين هو استغلال الدين ومبادئه السامية، القائمة على الحب والعدالة والرحمة، لمآرب شخصية معنوية كانت او مادية، وهنا في هذه الحالة هي مادية للاستفادة التجارية وتكديس الاموال، فالذي يكفر المسيحيين في لبنان هي الاقساط المدرسية المتصاعدة في المدارس الكاثوليكية، والمسيحي في لبنان يكفر بسبب موت احد أقاربه على باب مستشفى تابعة للكنيسة، لأن ليس لديه المال وغير مغطّى بالضمان الاجتماعي، والذي يكفر المسيحي هو استغلال تعب دنياه وفرض الكنيسة للخوات كما كانت تفعل الميليشيات خلال الحرب، ففي الحرب كان تأمين الحماية يجبر المواطن على الدفع للزعران أنفسهم الذين يدعون حمايته، كي لا يعتدوا عليه وعلى رزقه، كما ان الكنيسة تجبر المؤمن على الدفع طوال حياته، لولوج الجنة، كما فعلت الكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى حيث كان البابا يبيع صقوق الغفران في الجنة، هنا على الارض، فيكدس الثروات من جيوب الفقراء، فيبني الكاتدرائيات ويملأ مائدته بألذ الطيبات، فيما معظم رعيته جائعة.

اما بالعودة الى قضية مشروع ليلى، وهي بالمناسبة تحولت من فرقة موسيقية مغمورة الى مشهورة بفضل الكهنة، وانا مع احترامي لمشاعر كثر من اصدقائي، وتفهمي لردات فعلهم العاطفية ضد فرقة مشروع ليلى واعتراضهم على اقامة الفرقة حفلة موسيقية من ضمن مهرجانات جبيل، ألفت الانتباه كي لا يضيعوا البوصلة، ان الأهم هو احترام حرية الاخر بالتفكير كما يحب وبالتعبير عن هذا الفكر بالطريقة التي يراها مناسبة، اكان من خلال الموسيقى او الكتابة او الخطابة، وللتذكير، أنّ الحملة على مشروع ليلى وبخاصة من رجال الدين المسيحيين، انطلقت لأسباب أخرى تتعلق بالمثلية الجنسية وليس لاهانة الفرقة للشعائر الدينية، الذي أضيف لاحقاً على أسباب انزعاج البعض من الموسيقى التي تقدمها الفرقة، وهذا يدفعني الى ان لا أؤيد الحملة على مشروع ليلى، والسبب ليس دفاعا عنهم، فلا تعنيني موسيقاهم…ولكن لانه لا يحق لأحد التدخل بالميول الجنسية للآخر وهو موضوع شخصي يمس كرامة الانسان ويعتبر تعدياً على حريته الشخصية.
اما في موضوع اهانة الاديان، فآخر من يحق له الدفاع عن الدين وتقديم مواعظ في هذا الاطار هم رجال الدين، وبخاصة المسيحيين منهم، لأنهم أبعد ما يكون عن مسار يسوع المسيح الذي كان صديق الفقراء والمدافع عن المظلومين والمحب للعدالة، وهو كان الاشتراكي الاول في العالم، أما الكنيسة للأسف فمسارها رأسمالي، يسحق الضعيف ويسلب القليل مما يملكه الفقير ولا يدافع عن مظلوم ولا يناصر الحق.