قراءة تحليليّة لحادثة قبرشمون (الدكتور سايد درغام)
فيما خصّ حادثة إطلاق النار في قبرشمون والتي أسفرت عن ضحايا وجرحى، وأطلقت شرارة أزمةٍ سياسيّةٍ على أكثر من صعيد؛ قراءة تحليليّة للدكتور سايد درغام لمقاربة الحادثة من حيث وقوعها وخلفيّاتها وتداعياتها، تقول:
“لقد اتُّهم رئيس التيار الوطنيّ الحرّ وزير الخارجيّة والمغتربين جبران باسيل بأنّ كلاماً صدر عنه يحمل في طيّاته العنصريّة والطائفيّة والتحدّي، وذلك قبيل وقوع الحادثة الأليمة في قبرشمون.
وردّاً على هكذا اتّهامٍ زائف، أؤكّد بأنّ خطاب باسيل قد اجتزئ، وأنّه بكامله لا يحتوي أيّاً من الإفتراءات التي كيلت له.
وإن تكلّم باسيل في التاريخ، فإنّ ذلك مبرّر تماماً في كلّ منطقةٍ لها تاريخ وسجلّ أحداثٍ ووقائع، دون أن يعني ذلك تهجّماً على أحدٍ أو نكءاً للجراح؛ فأخذ العِبرة من الماضي هو مقصده وهدفه.
ومن ناحيةٍ أخرى، أين العيب في محاولة رئيس التيّار الوطني الحرّ إعادة التمثيل الصحيح إلى كلّ المناطق، وتصويب الأوضاع السياسيّة في كلّ الاستحقاقات؟
وهذا ما ينطبق على المسيحيّين أينما وجدوا، من جهة حقّهم في التمثيل الحقيقي كبقيّة الطوائف؛ فلم يعد جائزاً العمل بمقولة: “ما لنا هو لنا، وما لكم هو لنا ولكم”.
ومركز المشكلة هو انزعاج أفرقاء سياسيّين من حركة باسيل غير الاعتياديّة والواسعة على المناطق كافّةً ومختلف الشرائح اللبنانيّة.
وإنّ هذا التحرّك لوزير الخارجية مردّه لعدّة أسباب، كالتالي:
الوقوف على أوضاع وحاجات الناس، لأنّه مشارك في اتّخاذ القرارات في مجلس الوزراء.
افتتاح مكاتب للتيّار الوطني الحرّ، ولقاء المناصرين والمؤيّدين والحلفاء.
وقد يكون هناك سبب إضافيّ، ألا وهو التعرّف على لبنان واللبنانيّين عن قرب، في حال كان مرشّحاً يوماً لرئاسة الجمهوريّة.
وبالعودة إلى الوقائع التي رافقت حادثة قبرشمون، فإنّني أرجّح أن تكون مدبّرةً وليست عفويّةً صادرةً عن المواطنين، لكنّ نظريّة الكمين لا أستطيع البتّ فيها، إذ إنّها من اختصاص التحقيق والقضاء؛ ولا عذر للسّلطات في عدم توضيح حقيقة ما جرى.
وفي التداعيات، لا شكّ في أنّ الحادثة عمّقت الهوّة بين فريقٍ مسيحيٍّ وفريقٍ درزيّ، وأعادت أجواء شبيهةً بالحرب الأهليّة.
علماً بأنّ الفريق المسيحي المقصود، لم يشارك في حرب الجبل، ولكنّه واضح وصريح في مواقفه، كما أنّه متحالف مع فريقٍ درزيٍّ أساسيٍّ آخر في الجبل، أصبح بعد الحادثة على خصومةٍ لا بل على عداوةٍ مع الحزب التقدّمي الإشتراكي.
وهنا، أطلب من فخامة رئيس الجمهوريّة (بيّ الكلّ) ومن رئيس مجلس النوّاب ورئيس الحكومة ومن جميع المشايخ الأجلّاء في الطائفة الدّرزيّة الكريمة، رعاية مصالحةٍ درزيّةٍ حقيقيّةٍ ومصالحةٍ لبنانيّةٍ حقيقيّةٍ هذه المرّة.
مصالحة تحترم حقّ الاختلاف للجميع، لأنّ الوطن هو فعليّاً للجميع”.