– فنانون، يتمّ استئجارهم بطريقة مشبهوهة.. هل يتآلف النار مع الوقود؟
* ♰ *
نحن لا نتكلم هنا عن ترويج لمحلات بيع البيتزا… بل عن ثقاقة تجتاح بقوة الصاعقة، بيوتنا وحياتنا وأولادنا والمجتمعات كافة، إنها ثقافة Show-biz التي دخلت الى مجتمعاتنا العربية، بفضل عملاء يقومون بترويج منتجات الحضارات البالية.
تاريخ المصطلح
استخدمت كلمة Show- biz كماركة تجارية، تجنّدت لها بعض الطبقات الفنية في هوليوود خدمة لمصالح سياسية في الولايات المتحدة الأمريكية في اوائل ثمانينات القرن الماضي، وذلك أثناء الحملات الانتخابات، إذ ساهمت في ايصال العديد من الساسة بفضل جهود الفنانين وشركات الإنتاج الهيولوودية، حيث دخلت برامج انتخابية اقتصادية ولاسيما اجتماعية كانت مرفوضة سابقاً، لتصير مقبولة ومتفق عليها، حتى صارت من نسيج القماشة الاجتماعية.
غير أن هذه العدوى عابرة للقارات، لتصل الى مناطق الشرق الاوسط، فوجدت لها بيئة حاضنة، لاسيما داخل الأوساط الفنية، حيث تجنّد لها بعض الفنانين، الذين تم استئجارهم بطريقة مشبهوهة، يروجون لمشاريع أيديولوجية مستوردة من الخارج دون تمحيص وتمييز. ايديولوجيات ترمي الى ضرب ثقافة وحضارة العائلة اللبنانية سواء الأسرة النواتية او العائلة الكبرى وتغيير الذهنيات والعادات والتقاليد، تحت مسميات التحضّر والرقي والانفتاح.
تغيير المجتمع
وقد اثبتت التجربة، انه لا يمكن تغيير مجتمع الا بطريقة هادئة متدرجة.. تارة تكون عنيفة وصادمة وفاقعة وطورا ناعمة لينة…. تعتمد اسلوب التلاعب على الوعي، أما الأدوات فهو: الفن على انواعه والشعر والادب والسينما والتلفزيون.
سأضع بين أيديكم بعضاً من شذرات من الأفكار التي تطرحها تلك الفئات، من أجل أن تعرفوا جيداً، وتعلموا، إنه ليس كل ما “يلمع هو الماس” “حَتَّى تُمَيِّزُوا الأُمُورَ الْمُتَخَالِفَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا مُخْلِصِينَ وَبِلاَ عَثْرَةٍ إِلَى يَوْمِ الْمَسِيحِ” (فل ١: ١٠)
وإليكم ما يروج له اليوم في المجتمع العربي وتحديداً اللبناني على سبيل المثال لا الحصر، [مع التذكير ان كل مجتمع يتم التلاعب به، وفق خصوصيات معينة]:
– حرية المرأة: وفق ايديولوجية النوع، التي تعمل على ضرب هوية الرجل وإضعاف سلطة الأب، وتشويه مبدأ الذكورية والانثوية تحت شعار حرية المرأة، ولكن تتطلى خلف تلك الشعارات الرنانة حرية ممارسة الجنس وحرية الاجهاض، وبأن الأمومة وظيفة لا تتعلق بطبيعة المرأة، لان الهوية الجنسية هي معطى اجتماعي ليس الا. فالإنسان هو حر ان يقرر هويته، جنسيته البيولوجية، وفق حاجاته ورغباته وميوله، ولا يحق لأحد أن يمنعه من تحقيق ذلك.
– المثلية الجنسية: الترويج لهذا الفكر من خلال فنانين ممثلين، مؤلفين، مخرجين، ادباء، شعراء، هؤلاء قد تم استئجارهم Show- biz، تحت مسميات عديدة، وذلك بهدف تمرير منتجاتهم- اعمالهم الفنية من اجل الحصول على شهرة واسعة سواء على صعيد العالم الغربي الاوروبي والأمريكي وخاصة العربي. وهنا يسأل المرء، كيف يمكن لهذا الفنان المرموق، ان ينادي بحرية ممارسة المثلية ومناهضة “فوبيا المثلية” دون علم ودراية منه؟
فترى بعض الفنانين يتخذون شعارات فضفاضة، عبر مداخلات تلفزيونية أو إذاعية أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، يعبرون فيها عن تضامنهم باعطاء الحقوق الكاملة لمن يمارسون اللواط فكراً وممارسة، وذلك باسم قبول الآخر المختلف…
– مسألة التجنيس: من لا يدرك حساسية الواقع اللبناني وخصوصيته الفريدة؟ من منا لا يعرف حقيقة، أننا لدينا هوية وثقافة وحضارة تختلف كل الاختلاف عن الغرب؟ ترى في المقابل بين الفنية والفينية، من يحمل لواء حقوق إعطاء الجنسية اللبنانية للأم من أب غير لبناني تحت مسميات الحرية، لتسمع بعدها الانتقادات والتهجم المباشر الذي يمس بالدستور اللبناني والفرادة اللبنانية واغراق الاعلام بسيل من الاتهامات “من كعب الدست” ولكن هؤلاء للأسف لا يدركون بأنّ منح الهوية، يشكّل خطراً على وجود لبنان ولاسيما على بعض الفئات منه… Show- biz خلفية سياسية للتوطين والقضاء على الهوية الفلسطينية والعراقية والسورية، وبشكل خاص المسيحية.
– الزواج المدني: حيث ترى ان هذه الظاهرة تطفو في مناسبات محددة واوقات معينة، مقصودة ومبررة تواكبها حملات إعلامية وإعلانية من قبل شخصيات فنية وسياسية. اما الهدف هو احداث تصدّع في المجتمع اللبناني وخلق راي عام مؤيد ضد فكرة الزواج وخاصة لدى بعض فئات الشباب… وهذه جميعها تروج إلى فكرة تأليب القيم المتعلقة بالزواج الثابت إلى قيم متحركة غير ثابتة، تحت عنوان حرية الاختيار… الـ Show- biz ترمي مباشرة إلى تقويض العائلة على حساب فكرة الزواج المدني.
خاتمة
إذا قمنا بتحليل مواقف بعض الأشخاص في المجتمعات التي نعيش فيها، تراهم يمارسون دون وعي منهم، اسلوب الـ Show- biz، خاصة عند اقتراب مواعيد الاستحقاقات النيابية والحزبية ومجالس البلدية والاختيارية الخ… تراهم يحاولون استقطاب بعض المواهب الفنية من فنانين وشعراء وادباء، اضف الى استحواذ بعضًا من رجال الدين ان استطاعوا اما “ترغيباً أو ترهيباً” من أجل الترويج “لجنون مرض عظمتهم”. وهل يمكن أن يتآلف النار مع الوقود؟
ولكن “وَإِنَّمَا أَقُولُ هذَا لِئَلاَّ يَخْدَعَكُمْ أَحَدٌ بِكَلاَمٍ مَلِق.” (كول ٢: ٤)
لائحة بأهم المراجع:
الكتاب المقدس العهد الجديد، منشورات دار المشرق، بيروت، لبنان
LE Show-biz et la politique
Par André Halim, ed Ramsay, Paris. France