تسارعت وتيرة الاتصالات واللقاءات خلال اليومين الماضيين بين المقار الرئاسية والقوى السياسية المختلفة لمعالجة تداعيات أحداث الجبل وفقاً للمسارات الثلاثية الأمنية والقضائية والسياسية المتفق عليها بين الرؤساء الثلاثة. وقد علمت «البناء» من أكثر من مصدر متابع للملف أن الجهود حققت تقدّماً جدياً في الساعات الـ48 الماضية لكن لم تصل الى خواتيمها السعيدة وتحتاج الى مزيد من الجهود والوقت وتعاون الجميع.
مصادر السراي أشارت لـ»البناء» الى أن «الأجواء باتت أفضل وأكثر هدوءاً من الأسبوع الماضي وتتجه الى مزيد من الحلحلة»، لكنها لفتت الى أنّ «الحريري لن يدعو الى جلسة قبل التوصل الى حلّ توافقي يرضي الجميع ولا يكسر أحداً كي تعود كافة المكونات الى طاولة مجلس الوزراء».
وعلمت «البناء» أنّ «رئيس الحكومة ما زال على موقفه منذ وقوع الحادثة بأنه غير منحاز لإحالة القضية الى المجلس العدلي، لا سيما أنّ الأمر محلّ تباين بين الأطراف ويرفض الحريري أيضاً ربط ذلك بجلسات الحكومة مفضلاً انتظار التحقيقات وترك الملف في عهدة القضاء وبعدها يقرر مجلس الوزراء المناسب».
وفيما استدعى رئيس الجمهورية ميشال عون النائب طلال ارسلان والوزير صالح الغريب الى بعبدا، التقى الحريري اللواء عباس إبراهيم في السراي الحكومي ، حيث أكد أنّ «الأمور إيجابيّة». وكان إبراهيم قد التقى كلًّا من رئيسي الجمهورية والمجلس وباسيل وأرسلان وتواصل هاتفيّاً مع جنبلاط.
وكشفت المصادر أنّ «اللقاء تطرق الى مسألة تسليم المطلوبين من الجانبين وهو أمر لا يعارضه أرسلان الذي يعتبر أنّ المطلوبين من الحزب الديمقراطي اللبناني هم شهود لا متّهمون». لكن مصادر أمنية تكشف أنّ التحقيقات تحتاج الى استجواب عناصر موكب الغريب أيضاً».
وتشير أوساط سياسية لـ»البناء» الى أنّ «الاتصالات مستمرة على كافة المحاور لاستكمال المبادرة التي وضعها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في تصرّف رئيس الجمهورية ويؤيدها الحريري ويعمل على أساسها اللواء إبراهيم وتتمحور حول تنفيذ الخطوات التدريجية للوصول الى الحلّ النهائي، ويجري العمل أولاً على استكمال المسار القضائي من متابعة التحقيقات وتسليم جميع المطلوبين ثم إحالة الملف الى القضاء وكلّ الأدلة وأشرطة الكاميرات والشهود وبعد انتهاء التحقيقات يجري تشخيص طبيعة الجريمة إذا ما كانت كميناً مدبّراً وتمسّ بأمن الدولة أو حادثاً عرضياً، وبعدها يعرض الملف على مجلس الوزراء المعني وفق القانون بإحالة القضية الى المجلس العدلي»، واستبعدت الأوساط أن «تعرض القضية على التصويت» مرجحة «إيجاد مخرج ملائم وتوافقي يرضي كافة الأطراف، وذكرت الأوساط أن الرئيسين عون وبري اتفقا في لقائهما على إبقاء قضية المجلس العدلي على الطاولة والبحث بمسار توافقي لبلوغها».
إلا أنّ أرسلان بتغريدته وإصراره على القضاء العدلي، خالف الأجواء السائدة، وقال: «المجلس العدلي هو الأساس وكلّ من يطلبه المحقق العدلي الذي يعيّن بعد إحالة الملف للمجلس المذكور سنكون تحت سقف القانون وحاضرون لتسهيل مهمّته في الإجراءات المطلوبة، محاولة اغتيال الوزير الغريب لن تمرّ وهذا عمل المجلس العدلي الطبيعي والمنطقي للسلوك الصحيح في التحقيقات وقبل أن يتفوه البعض بآراء لا تمت الى القانون بصلة فليقرأوا جيّداً ما هي وظيفة المجلس العدلي وما هو نوع الجرائم التي تحال اليه»، مضيفاً: «الرجوع عن الخطأ فضيلة والاستكبار مهبط.. واللعب بدم الأبرياء خط أحمر مهما كلّف الثمن». كما عكست تغريدة جنبلاط ثباته على موقفه من القضاء العدلي وقال: «لا وجود لمجلس عدلي في غير دول حسب الدراسات والمعلومات».
-البناء-