– على رغم الضرر الفادح الذي يلحقه السوريون بالاقتصاد اللبناني ما زلنا حضاريين تجاه النازحين
***
مرة أخرى يتلقى مدّعو الدفاع عن حقوق الانسان في لبنان وبعض جمعيات المجتمع المدني، صفعة على الوجه، بعدما اثبتت الهجمات ضد النازحين السوريين في اسطنبول، كم هو مضياف الشعب اللبناني، فعلى الرغم من الضرر الفادح الذي يلحقه السوريون بالاقتصاد اللبناني كما في النواحي الامنية والصحية والمجتمعية، ما زال شعبنا حضاريا تجاه النازحين، فلم يضرب نازحا او يرشق محلا غير شرعيا بالحجارة كما يحصل حاليا في تركيا، وتقوم الحكومة اللبنانية اليوم بمعالجة المشكلات الناتجة عن النزوح بتطبيق القانون لا أكثر، لناحية حماية اليد العاملة اللبنانية من المنافسة غير المشروعة للسوريين في سوق العمل؛ في حين أن الاسباب التي اوصلت الى بروز مشكلة النازحين وتعاظمها فمختلفة بين لبنان وتركيا، فالاخيرة يتباهى رئيسها بدعم المعارضة السورية، وهو الذي فتح الحدود للارهابيين من سوريا، كما سمح لهم بالمرور الى سوريا عبر الحدود التركية بالتوازي مع انشاء معسكرات خلفية في غازي عنتاب، وها هو اليوم شعبه يتذوق السم بسبب التدهور الاقتصادي في تركيا، في حين ان لبنان استقبل هؤلاء النازحين من دون خلفية سياسية ومصلحية، بل قام بواجبه الانساني باغاثة شعب يرزح تحت ضغط الارهاب التكفيري، قتلا وتشريدا، ومع ذلك ندفع الاثمان الباهظة اليوم، في امننا واقتصادنا، وأماننا الاجتماعي، جراء هذا النزوح .
فقد أثارت أعمال الشغب التي هزت مدينة كوتشوك شكمجة في اسطنبول، قبل عشرة أيام وكانت الأحدث في دائرة العنف ضد السوريين، مخاوف من تدهور أوضاعهم في مناخ متقلب يشهد جسارة في التعبير عن كره الأجانب وخصوصاً خلال حملة الانتخابات البلدية الأخيرة.
وقد كشف احد النازحين السوريين ويدعى أحمد ياسين وهو يعمل في صالون الحلاقة الذي يديره في حي في المدينة المذكورة، ان “حشدا ضم عشرات ثم مئات الأشخاص، هاجم محله ومتاجر سوريين آخرين”، وذكرهذا الشاب الذي فر من حلب قبل ست سنوات، انهم “رشقونا بالحجارة التي خلفت أضرارا على واجهة المحل، كنا ثلاثة في الداخل، خفنا ولم نتمكن الخروج حتى بعد منتصف الليل، عند الساعة الواحدة فجرا”.
وتستقبل تركيا حاليا 3,5 ملايين سوري بينهم 500 ألف في اسطنبول. حضر هؤلاء لكي يبقوا بصورة مؤقتة، لكن إقامتهم امتدت فيما تواجه تركيا وضعاً اقتصادياً متدهوراً أثر على مشاعر كرم الضيافة التي بات اليوم على المحك؛ وقد أفادت دراسة نشرتها جامعة قادر هاس في اسطنبول الأسبوع الماضي، أن نسبة الأتراك المستائين من وجود السوريين ارتفعت من 54,5 في المئة إلى 67,7 في المئة في 2019.
ويقول السكان إن أعمال العنف التي وقعت في كوتشوك شكمجة ليست معزولة لكنها لم تكن يوما بهذا الحجم. وقد اضطرت الشرطة لاستخدام الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفريق الحشد. وحتى التركي عزت سيفيم لم يسلم متجره من التخريب والسبب في ذلك أنه يوظف سوريين. وصرخ معبرا عن استيائه: “إذا وجدوا قطة نافقة في الشارع فستجد من يقول إن سورياً قتلها. يجب الكف عن كيل التهم لهم دون وجه حق”.
لكن مع تراجع الوضع الاقتصادي وارتفاع التضخم والبطالة، يشار إلى السوريين باستمرار باصبع الاتهام.