على نحو مواز للعمليات العسكرية المستمرة في إدلب، ورغم التحشيد التركي المتواصل، والسعي السوري وبدعم روسي كامل لاستكمال تطبيق مقررات «سوتشي»، وطرد الإرهابيين من المناطق التي يسيطرون عليها شمالاً، قدمت التحركات السياسية المتواصلة ومعها التصريحات الروسية التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن «إستراتيجية» العلاقة مع أنقرة، والتي أتبعتها أنقرة برد مماثل، مؤشرات مهمة لجهة اتخاذ الخيارات التركية مناحي مغايرة لتوقعات أدواتها في إدلب.
ولم يأت الإعلان الروسي عن احتمالات تأجيل «أستانا»، إلا ليعزز التأكيدات، بأن مرحلة ميدانية جديدة على وشك الانطلاق، وبأن أيام الإرهاب في مناطق إدلب وريف حماة الشمالي باتت معدودة، وعليه يمكن فهم التحركات التركية ومعها التعزيزات في إطار محاولة لذر الرماد في عيون الأدوات، والإيحاء بتواصل الدعم التركي، والذي لن يحصل على ما يبدو خلال المعارك المستمرة شمالاً.
هذه المعطيات التي تسير على النحو الذي يحقق أهداف دمشق، جاءت بالتوازي مع غارات جوية روسية قتلت 15 مسلحاً وجرحت 10 آخرين بعضهم حالاتهم حرجة، من ميليشيا «جيش النخبة» المنضوية ضمن ما يسمى «الجبهة الوطنية للتحرير» الموالية للنظام التركي، وذلك في قرية مضايا بريف إدلب الجنوبي، وكذلك مع اشتباكات عنيفة وقعت على محور الدغلباش غرب مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي، بين وحدات الجيش السوري والقوى الرديفة له من جانب، وبين الميليشيات التابعة للنظام التركي من جانب آخر، ترافقت مع قصف من قبل الجيش على مواقع تلك الميليشيات.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلن أمس أن الشراكة الروسية مع تركيا وصلت إلى مستوى إستراتيجي، وأنه على اتصال دائم مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقال في احتفال تقديم أوراق اعتماد السفراء في الكرملين: «يجري تنفيذ مشروعات على قدر كبير من الأهمية، مثل بناء محطة الطاقة النووية «أكويا» وخط أنابيب الغاز «التيار التركي».
وأضاف الرئيس الروسي «لدينا العديد من المشاريع المشتركة الأخرى المثيرة للاهتمام، ومن العوامل المهمة في الاستقرار الدولي الجهود المنسقة لروسيا وتركيا لتسوية الوضع وإطلاق عملية السلام في سورية».
وأضاف بوتين: إن موسكو ترحب بجهود مكافحة الإرهاب سواء في شرق سورية أو في إدلب ولكن الولايات المتحدة تظهر ازدواجية في المعايير»، وذلك بحسب موقع قناة «روسيا اليوم» الإلكتروني.
موقف الرئيس بوتين، وازاه تأكيد من وزير خارجيته على استمرار النهج الروسي في دعم سورية بجهودها لمكافحة الإرهاب، وأشار سيرغي لافروف إلى أن واشنطن تدافع عن التنظيمات الإرهابية في سورية، معرباً عن قلقه من استمرار الوجود الأميركي غير الشرعي فيها، حيث إن الولايات المتحدة «تستمر بأعمالها التي لا تتطابق مع منطق مكافحة الإرهاب».
وعبر لافروف عن قلق موسكو من المحاولات الأميركية للمضاربة على العامل الكردي في سورية، واستخدام الأكراد لتقويض وحدة الأراضي الروسية، وأعلن، أن «الأكراد السوريين يهتمون بالحوار مع دمشق»، مؤكداً أن روسيا سترحب بمثل هذا الحوار.
وقال: «هناك حاجز ينحصر في أن الولايات المتحدة لسوء الحظ تضارب على العامل الكردي وتحاول استخدام الأكراد لإنشاء شبه دولة على الساحل الشرقي لنهر الفرات، بما في ذلك في الأراضي التي لم يقطنها الأكراد في سورية سابقاً».
وتابع: «لدينا معلومات حول اشتباكات جدية بين الأكراد والقبائل العربية، الأمر الذي يثير قلقنا، وآمل بأن تتجنب الولايات المتحدة أي أعمال تنتهك القرارات الدولية، وتخالف توازن مصالح كل المجموعات العرقية والطائفية التي تقطن الأراضي السورية».
-الوطن السورية-