رغم انشغال الدولة بترميم التسوية الرئاسية وانكباب المجلس النيابي على مناقشة الموازنة، إلا أن زيارة الوفد الرئاسي الروسي خطفت الأضواء، نظراً لأهمية الزيارة شكلاً يتعلق بالمستوى الرفيع للمسؤولين الروس، وتوقيتاً لأنها سبقت اللقاء المرتقب بين الرئيسين الروسي والأميركي في قمة العشرين أواخر الشهر الحالي، ومضموناً لجهة إصرار موسكو على حل أزمة النازحين وتوجيه نصيحة للبنان بالتواصل مع سورية في ملف النزوح. وقد حرص الوفد على استعمال مصطلح العودة الآمنة بدل الطوعيّة التي يستخدمها المسؤولون الأميركيون والأوروبيون والخليجيون ومفوضية اللاجئين.
وقد برز كلام رئيس الجمهورية ميشال عون خلال لقائه الوفد أن المشاركة في مؤتمر استانا لا تلغي حق لبنان في البحث مع الدولة السورية في تنظيم عودة النازحين الى بلادهم . ولفتت مصادر نيابية لــ البناء الى أن إعادة النازحين في لبنان الى سورية يتطلب توافقاً داخلياً بين المكونات، كما أنه يرتبط بالقرار الدولي والمفاوضات القائمة بين روسيا وأميركا في ظل ضغوط خارجية على فريق داخلي لتأجيل البحث بملف العودة لأسباب تتعلق بمصالح القوى الغربية ، فيما يفضل الرئيس عون والتيار الوطني الحر، بحسب مصادر البناء تحقيق هذا التوافق الداخلي ولو تأجلت العودة إذا كانت ستؤدي الى انقسام داخلي، ويأمل فريق رئيس الجمهورية أن تتمكّن موسكو من إقناع المعترضين من الداخل والخارج على عودة النازحين .
ووجّه المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف خلال لقائه عون الدعوة الى لبنان للمشاركة في مسار استانا للتفاوض حول الوضع في سورية، مشدداً على مشاركة لبنان في خطواته لأجل عودة السوريين الى بلادهم وأن هذا الموضوع سيكون محور بحث في مؤتمر استانا وسيلقى لبنان دعماً روسياً في كل المجالات . إلا أن الدعوة الروسية ربما تفتح باباً جديداً للخلاف بين المكونات اللبنانية حول قرار المشاركة وسط معارضة أميركية خليجية لذلك، ومن جهة ثانية حول مَن سيمثل لبنان وطبيعة موقفه. لكن بعبدا سارعت الى حسم الأمر مسبقاً وحصرت التمثيل بوزير الخارجية جبران باسيل، بحسب ما أشارت قناة أو تي في التي عكست موقف الرئاسة وأوردت في مقدمة نشرتها المسائية أن الرئيس أكد للوفد الروسي أنه لن يألو جهداً لإعادة النازحين وأن مشاركة لبنان في أستانا ليست موجهة ضد منصة أخرى، وأنه يشارك فيه طالما هو معني بالنزوح واستقرار سورية ، ولفتت القناة إلى أن هناك ضغوطاً مباشرة وغير مباشرة غربية وإقليمية مورست لعدم دعوة لبنان إلى أستانا . وأكدت أن الجانب الروسي جدي جداً في متابعة مبادرته بشأن النازحين السوريين وبدءاً من التواصل مع سورية عبر اللجنة الثلاثية اللبنانية الروسية السورية بعيداً عن تفاصيل مستوى التمثيل فيها أمنياً كان أو سياسياً، كما البحث في عقد مؤتمر يتعلق بوضع آليات لعودة النازحين ، مشيرةً إلى أنه بعدما كانت مؤتمرات بروكسيل المتعاقبة تتعاطى مع الملف من منطلق مساعدة النازحين وكأنهم باقون في أراضي نزوحهم .
وأبلغ رئيس الجمهورية الموفد الرئاسي الروسي، ان لبنان معني بالمشاركة في استانا لأنه يسهّل متابعة الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي يساهم في عودة النازحين السوريين، لاسيما أن في لبنان اكثر من مليون و500 الف نازح سوري ترك نزوحهم تداعيات سلبية على مختلف القطاعات اللبنانية .
-البناء-