عَ مدار الساعة


باسيل وكرامي على موجه إستراتيجية واحدة .. وهذا ما دار بينهما ؟

حسان الحسن

رغم الحملات الإعلامية المنظمة التي تستهدف التيار الوطني الحر، وتصف رئيسه الوزير جبران باسيل تارةً بالعنصري، وطوراً بالطائفي، فلم يكترث، وظل ماضياً في نهجه الإنفتاحي، تجاه مختلف الأفرقاء اللبنانيين، وإعتماد سياسة مد اليد الى الشركاء في الوطن، والإلتقاء معهم، وكان لافتاً اللقاء الذي جمعه مع النائب فيصل كرامي في دارة الأول في البترون. الذي وصف بالودي، وتداول فيه الجانبان مختلف الشؤون، خصوصاً الإنمائية منها، التي تتعلق بمنطقة الشمال. وسادت المصارحة المتبادلة خلال اللقاء عند طرح المقاربات المختلف عليها في وجهات النظر، بحسب ما يؤكد مرجع طرابلسي مطلع على تفاصيل هذا اللقاء، وظروف إنعقاده.

ويلفت المرجع الى أن كرامي لم يختلف يوماً باسيل لا في الشأن الإستراتيجي ولا في السياسية الداخلية، وأن الكمياء موجودة، ولم تنعدم أبداً بينهما، وهناك إعتراف من خصوم باسيل في خط كرامي السياسي، بأن وزير الخارجية قام بكل ما يلزم به للدفاع عن لبنان وعن سيادته، واستقراره في المحافل الدولية، وكانت له مواقف جريئة جداً في هذا الشأن. ويعتبر أن العوائق التي تقف في وجه مسيرة “التيار” الإصلاحية، هي إقليمية لها إنعكاس وتأثير سلبيان على الوضع الداخلي، بالإضافة الى وجود مظلات حماية مذهبية لبعض المشتبه بهم.

إذا، فلماذا تأخر اللقاء مع الوزير جبران باسيل حتى الأيام القليلة الفائتة؟

يقول المرجع: “هناك سببان أساسيان. أولاً، بعد التسوية التي عُقدت بين التيار الوطني الحر والرئيس سعد الحريري، شعر كرامي أن لديهما رغبةً، بتقطيع الحكومة الأولى للعهد، بأقل أضرار ممكنة، وعدم الإستفزاز، لتثبيت ثوابت الإستقرار، وتمرير قانون الإنتخابات لعام 2018، فلم يتدخل في حينه، لأن لديه إقتناع، أن ذلك يصبّ في مصلحة لبنان، ومصلحتنا جميعاً، رغم رفض هذا القانون من مختلف مكونات فريق 14 آذار، وعلى رأسهم الحريري، الذي دائماً يقول الشيء ونقيضه، فقد رفعوا في حينه شعار “لا إنتخابات وفقاً للقانون النسبي في ظل وجود السلاح”، ولم نفهم ما هو تاثير السلاح على الإنتخابات! وفي حال كان له تأثير عليها، فقد يكون أكثر تأثيراً، فيما لو تمّ إعتماد القانون الأكثري، بدليل أن لوائح الثنائي الشيعي الإنتخابية أُخترِقت في أكثر من دائرة إنتخابية، كدائرة بعلبك- الهرمل، التي تعتبر عرين المقاومة”.

ويضيف: “لم نشهد يوماً أن حزب الله، برز صواريخه في الداخل، من أجل الفوز في أي إنتخابات”. ويختم حديثه عن مرحلة ما قبل الإنتخابات الأخيرة بالقول: ” نحن رغبنا في تمرير الإنتخابات النيابية، بعيداً عن السجالات، وتجاوز أي خلافات أمام الرأي العام”.

أما في شأن مرحلة ما بعد الإنتخابات، فيلفت المرجع إلى أن حدوث بعض التوتر في العلاقة مع التيار الوطني الحر، كان نتيجة الإنتخابات النيابة عينها، وتركبية اللائحة التي خاض فيها كرامي هذه الإنتخابات في دائرة طرابلس – المنية والضنية، ثم في شأن تمثيل فريقه في حكومة الوحدة الوطنية.

ويؤكد أن النائب الطرابلسي كان معنياً وأحد المرشحين لتولي مسوؤلية وزارية، إذ أنه لم يقم بأي إتصال، إيماناً منه بأن “طالب الولاية لا يُولى”.

ويلفت المرجع إلى ان الهدف الرئيسي في حينه كان كسر آحادية تمثيل الطائفة السنية في الحكومة، فقد نجح اللقاء التشاوري في ذلك وتحقق الهدف، رغم تأكيد الحريري، أن تمثيل “التشاوري” في الحكومة، هو بمثابة إنتحار سياسي له، و”لكن تمثل اللقاء بوزير، ويا دار ما دخلك شر، فرئيس الحكومة لم يستشهد، ولم ينتحر”، على حد تعبيره.

ويرجح المرجع : أن سبب تأجيل لقاء كرامي – باسيل إلى ما بعد تأليف الحكومة، كي يكون هناك فرصة لفتح طاقة في الجدار الذي كان قائمًا في السابق. نتيجة ما ذكرنا آنِفًا، ومن خلالها ترميم العلاقة مع رئيس التيار الوطني الحر، الذي تربطه بكرامي علاقة شخصية وودّية، قائمة على المحبة والاحترام المتبادل.

أما في العلاقة السياسية، فهناك ثابتتان، تحددان علاقة رئيس تيار الكرامة مع الساسة والأفرقاء السياسيين، يقول المرجع: أولاً – البعد الاستراتيجي، والموقف من القضايا القومية، وفي هذا الشأن، هناك إعتراف لباسيل من خصومه في خطنا السياسي، أن وزير الخارجية قام بكل ما يلزم به للدفاع عن لبنان وعن سيادته، واستقراره في المحافل الدولية، وكانت له مواقف جريئة جداً في هذا الشأن.

ويضيف: الثابتة الثانية- وهو الموضوع الداخلي المتعلق، بمكافحة الفساد والهدر والسرقات، التي يعاني منها لبنان. والتيار الوطني الحر يرفع هذا الشعار، ولدى كرامي كثير من الملاحظات، أبدها لباسيل، رغم تفهمه له، نظراً لدقة المرحلة التي يتولى فيها السلطة راهناً.

ورداً على سؤال اذا كان هناك من تقصير في ورشة مكافحة الفساد التي يقوم بها “التيار” برأي كرامي. يشير المرجع الى أن عندما أعلن رئيس “الكرامة” أن العماد عون، هو مرشحنا الذهبي، لم يكن يطلق شعاراً، بل كان مضموناً، ولديه كل القناعة فيه.

ويعتبر أن نتيجة التسوية الرئاسية، ونظراً للوضع الإقليمي الدقيق، “ما عم يقدر يطحش التيار للآخر”، رغم كل الإرادة والتصميم لدى تكتل لبنان القوي على محاسبة المرتكبين والفاسدين، ومحاولته الجريئة لإحالة ملفات الفساد الى القضاء المختص، على حد تعبيره.

أضف الى ذلك الرؤية الإقتصادية الإصلاحية، التي أضفاها “الوزير النشيط” على الموازنة. ويؤكد المرجع أن هذه هي الأسس، التي تربط علاقة كرامي بالأفرقاء السياسيين، وأن الكيمياء موجودة بينه وبين باسيل، وهي لعبت دوراً ايضاً في عقد اللقاء، وكل الباقي “شكليات”، لا يقف عندها، خصوصاً بين أبناء الخط الواحد.

وعن أبرز المواضيع التي بُحثت في لقاء باسيل – كرامي، يؤكد المرجع أن المادة الدسمة كانت البنود الإصلاحية التي طرحها وزير الخارجية في جلسات مجلس الوزراء المخصصة للموازنة، وهذا لم يكن أقصى طموحه، كما عبّر له باسيل. ولكن يكرر أن هناك عوائق حالت دون إتمام الإصلاحات المرتجاة، أولاً كما ذكر آنفاً، نظراً لدقة الوضع الإقليمي والدولي، وبرأيه أن لبنان لا يتحمل أي إهتزاز في إستقراره الداخلي، خصوصاً في ضوء ما يحدث من حوادث دائمة في المنطقة.

ويختم المرجع بالقول: “للأسف هناك إستحالة توقيف أي مرتكب من الدرجة الأولى، في هذه الظروف، للاسباب التي ذكرناها، حفاظاً على الاستقرار، بالإضافة الى طوق الحماية المذهبي، لبعض الفاسدين والمرتكبين، بدليل أنه، عندما لاح في الأفق مجرد “تنسيم” عن ملف فساد في المالية، إصطفت طائفة باكملها تقريباً، بكل مقوماتها، دفاعاً عن المشتبه به، من دون أي دلائل. بالاضافة الى مصالح بعض الساسة وأتباعهم، الذين استغلوا نفوذهم، وقاموا بتوظيفعشوائي، خصوصاً لاشخاص ليسوا من أهل الكفاءة، وتغطية فسادهم وتقصيرهم”.

-tayyar.org-