أحمد زين الدين –
خمس سنوات ونيّف من الصمود السوري الأسطوري ومعه حلفاؤه في مواجهة أعتى المؤامرات، ليس على سورية وحسب، بل على مجمل المنطقة التي كانت القوى الصهيو – غربية تريد من خلالها تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي “بشّرتنا” به غونداليزا رايس في قمة عدوان تموز 2006 من بين أحضان رئيس حكومة لبنان فؤاد السنيورة في السراي الحكومي، بهدف ضمان هيمنة الدولة الصهيونية على القارة العربية، وتفتيت دُوَلها وتقسيم أراضيها لتصبح تل أبيب عاصمة الدولة الإقليمية الأقوى والأعظم.
وإذا كانت الضربة الأولى قد وُجِّهت إلى هذا المشروع بالانتصار النوعي غير المسبوق للمقاومة الإسلامية في تاريخ الصراع العربي – الصهيوني، إلا أن ذلك المشروع الشيطاني لم يتوقف، فكانت أكذوبة “الربيع العربي” التي سُخِّرت لها الإمكانيات المذهلة مالياً وإعلامياً ولوجستياً، في وقت كانت تسعى ناظرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون لحشد كل الأتباع من أجل اسقاط الدولة الوطنية السورية، فاخترعت “مؤتمر أصدقاء سورية” الذي حشدت فيه أكثر من 85 دولة، شاركت في أشكال مختلفة في العدوان على سورية ودعم الإرهاب.
بالوقائع،فإن ما صُرف على هذه الحرب العدوانية كان من شأنه ألا يُبقي فقيراً ليس في المنطقة العربية وحسب، بل في العالم أجمع، ذلك لأن تكاليفها بلغت نحو مئتي مليار دولار، ناهيك عن الخراب والدمار اللذين لحقا جراء هذه الحرب الاستعمارية – التكفيرية، واللذين كلّفا عشرات وربما مئات المليارات من الدولارات.
ومهما يكن، فإن هذه الحرب الاستعمارية بإدارتها التكفيرية الإرهابية هي استمرار ومحاولة تطوير لاتفاقية سايكس – بيكو، كما يقول محمد عبد الحكيم دياب، حيث “الاتفاق خضعت سورية ولبنان بموجبه للانتداب الفرنسي، ووقعت فلسطين وغرب الأردن تحت الانتداب البريطاني، وتم استثناء شرق الأردن، ووضعه تحت إدارة أشبه بالحكم الذاتي حملت اسم إمارة شرق الأردن.. واستمرت بريطانيا وفرنسا ترعيان المشروع الصهيوني حتى شب عن الطوق، وأقامتا له دولة، بعد الحرب العالمية الثانية، وانتقلت رعايته للولايات المتحدة، وقد لعبت دورا رئيسيا في تطوير المشروع الصهيوني من شتات حركة فضفاضة ووضعته في دولة مدججة بالأسلحة حتى الأسنان”.
وتمرّ الأيام ويأتي غزو الكويت فرصة لحصار العراق ثم غزوه، وذلك أتاح للدولة الصهيونية تأكيد حدود دولتها حسب الزعم التوراتي من الفرات إلى النيل، ثم تهيأت لتوسُّع إمبراطوري أكبر للهيمنة على القارة العربية، من المحيط إلى الخليج، وعليه خرج مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد من الخزائن السرية إلى العلن، وهذا مكمن الخطر الحقيقي، بسبب ما يجري لترسيم حدوده وترسيخ وجوده في نطاق عربي مستباح، ويعاني من فراغ قاتل في كل المجالات.
لقد شكّل الصمود السوري الأسطوري مع حلفائه أولاً، وعمليات المواجهة الواسعة ثانياً،وعدم الاستسلام رغم ضراوة الهجوم ثالثاً، والبدء في معركة حسم نوعي رابعاً، بداية النهاية لهذا المشروع الجهنمي، الذي سيجد العالم نفسه أمام أخطاره، وهو بدأ يتلمّس ويلات طبخ هذا السم في أكثر من مكان من أوروبا.
وكنا في “الثبات” قد حذّرنا من ذلك قبل أكثر من ثلاث سنوات، خصوصاً بعد صدور القرار 2118 في العام 2013؛ فيما يتعلق بالسلاح الكيميائي السوري، حيث أكدنا أن العالم الغربي سيجد نفسه في لحظة ما وجهاً لوجه أمام الحقيقة المُرّة التي صنعها بيديه، مضطراً إلى طلب الدعم من الرئيس بشار الأسد لمساندته في هزيمة الإرهاب الذي ترعرع في الحاضنة الغربية والأميركية والخليجية والتركية والصهيونية، وبالتالي ثمة مهمة دولية ستسند إلى الأسد السوري بالقضاء على هذا الإرهاب.
وها هي المعارك في حلب تشير إلى ذلك، حيث انهيارات المسلحين الإرهابيين تكاد تكون أسرع من تقدُّم الجيش العربي السوري، وهذا بالطبع سيكون له تأثيراته في مختلف جبهات المواجهة التي تشير معطياتها الأولية إلى بدء انهيارات الإرهاب ومحاولات للهروب، تتجلى بتصفيات واسعة يقوم بها قادة الإرهاب في صفوف أتباعهم.
لنتابع التطورات الحلبية وانتصارات الجيش السوري، لأن “بعدها ليس كما قبلها”، كما أكد سيد المقاومة يوماً، ولنتابع انهيارات وسقوط قادة الدول المعادية لبشار الأسد.
المصدر: الثبات