– الشرطَ المطلوبَ للدُنوِّ من البراقليط (القديس باسيليوس الكبير 379 م )
* ♰ *
أما في ما يتعلّق باتحاد الروح الحميم مع النفس، فلا يقوم بدُنُوٍّ مكاني (إذ لا يُمكن الجسديّ أن يدنو من اللا جسدي)، بل باقصاء الأميالِ التي تهاجم النفس من جرّاء حُبِّها للجسد، وتَفصلُها عن صداقةِ الله الحميمة. إذن فالتطهّر من السماجة المُسبِّبة عن الرذائل، والعودة إلى جمال طبيعتنا، وإعادة الشكل الأصيل، على نوع ما، الى الصورة الملوكية والطهارة، تُشكّل جميعها الشرطَ المطلوبَ للدُنوِّ من البراقليط.
أما هو فكشمس تستحوزُ على عينٍ جزيلة النقاء، يُريك في ذاته صورةَ اللامنظور، وبالتأمّل السعيد في الصورة، تُشاهد الجمال الفائق الوصفَ الذي يتحلّى به النموذج المثاليّ الأعلى.
بهِ تَرتَفعُ القلوب، ويُقاد الضُعفاء باليدِ، ويغدو الناجحون كاملين. وهو من ألْهَمَ المُنَقّينَ من كلِّ وَصمَة، يجعلهم “روحانيين” بالإشتراكِ معهم. فكما أنّ الأجسامَ الشفَّافة واللماعةَ تُصبح متلألئةً عندما يسقط عليها شعاعٌ وضّاء، وهي تنشرُ بدورها لمعاناً آخر، هَكذا النفوس التي تحمل الروح القدس: فإنها، إذ يُلهمُها هو تُصبح “روحانيّةً” وتنشُرُ النِعمةَ على الآخرين. وعن ذا ينجمُ كلُّ شيء:
- التنبؤُ بالمستقبل، وفهم الأشياء الغامضة،
- وإدراك الأشياء الخفيّة وتوزيع المواهب،
- والإشتراكُ في حياةِ السماءِ والترنيمُ مع أجواقِ الملائكة،
- والفرحُ الذي لا ينتهي والسَكَنُ الدائم مع الله،
- والتشبّه باللهِ والمُشتهى الأسمى: “أي أن يُصبح الإنسان إلهاً”.
تلك هي المفاهيم – ولم نورِدْ منها سوى عددٍ ضئيل – التي تلقَّناها من تعاليم الروح القدس اتها عن عظَمَتِهِ ومكانتِه وأعماله. (كتاب الروح القدس، 9)