عَ مدار الساعة


نصيحة البابا للمراهقين.. وعن اضطهاد وقتل المسيحيين: شهادتهم لا تصدر أيّ ضجيج..

– هل مسموح محو حياة بشريّة بالإجهاض لحلّ مشكلة ما؟

* *

بُعيد يوم على الهجوم الجديد الذي وقع في كنيسة في بوركينا فاسو، نشر البابا فرنسيس تغريدة في 27 أيار 2019 وقال: “اليوم أيضًا، قُتل العديد من المسيحيين واضطُهدوا محبة بالمسيح. هم يبذلون حياتهم بصمت لأنّ شهادتهم لا تصدر أي ضجيج: اليوم يوجد شهداء مسيحيون أكثر من شهداء القرون الأولى”.

واستنكر البابا هذا الوضع مرات عديدة أثناء احتفاله بالقداسات الصباحية في دار القديسة مارتا أو حتى أثناء صلاة التبشير الملائكي وقال: “يعيش الكثير من الإخوة والأخوات في الإيمان الظلم والعنف وهم مكروهون بسبب يسوع! أقول لكم أمرًا واحدًا: “إنّ شهداء اليوم هم أكثر بكثير من شهداء القرون الأولى. عندما نقرأ تاريخ القرون الأولى، هنا، في روما، يمكننا أن نقرأ القسوة الممارسة بحق المسيحيين. أقول لكم” هذه القسوة لا تزال موجودة حتى يومنا هذا وهي ممارسَة بشكل كبير بحقّ المسيحيين”.

وكان قد لقي أربعة أشخاص مصرعهم، بينهم رجلاً دين وجرح 5 أشخاص يوم الأحد ، في هجوم على كنيسة “تولفي” التابعة لبلدية “تيتاو” شمال بوركينا فاسو. ويعد هذا الهجوم هو الرابع على كنيسة في بوركينا فاسو.

يذكر أنه منذ أسبوعين هاجم مسلحون تابعون لجماعات إسلامية متشددة كنيسة”جابولي” وأحرقوها وتم خلال الهجوم مقتل سبعة رجال دين.

الإجهاض ليس الجواب الذي تبحث عنه النساء والعائلات

 

مؤتمر “نعم للحياة” في روما

وأكدّ البابا فرنسيس في كلمة له لدى استقباله 400 مشارك أتوا من 70 دولة، في مؤتمر نظّمته دائرة العلمانيّين والعائلة والحياة، تحت عنوان “نعم للحياة! الاعتناء بهبة الحياة الثمينة في هشاشتها”، أنه:  “لا يمكن لأيّ إنسان أن يكون غير متماشٍ مع الحياة، لا مِن حيث سنّه ولا مِن حيث شروطه الصحية ولا مِن حيث نوعيّة وجوده. إنّ أيّ طفل يتكوّن في رحم امرأة هو هبة تُغيّر تاريخ أيّ عائلة… وهذا الطفل بحاجة إلى أنّ يتمّ استقباله وأن يكون محبوباً وأن يُعتَنى به. دائماً!”

وعن الأطفال الذين يولدون موتى، قال الحبر الأعظم: “إنّ تولّي هذا الأمر والاعتناء بالطفل حتّى ولو كان ميتاً يُساعد الأهل على الحِداد واعتبار الطفل خسارة، لكن أيضاً مرحلة ضمن طريق يجب قطعه معاً”.

فيما يختصّ بالعناية بالأطفال عند فترة الولادة، نصح البابا الأطبّاء “بأن يكون الهدف من التطبيب واضحاً… وأن تكون قيمة الحياة الإنسانيّة مقدّسة، وأن تبقى حمايتها الهدف المنشود في ممارسة مهنة الطبّ”. وأضاف مُصِرّاً: “إنّ مهنة الطبّ هي رسالة، ونداء للحياة”، مُشجِّعاً الأطبّاء على أن يكونوا “قادرين على الدخول في علاقة وأن يُحسنوا تولّي حياة الآخرين بوجه الألم، كما وأن يكونوا قادرين على تهدئتهم وعلى الالتزام بإيجاد حلول تحترم كرامة أيّ حياة بشريّة”.

وأخيراً، مُتطرِّقاً إلى معارضة الكنيسة للإجهاض، أكّد الأب الأقدس أنّ الأمر لا يتعلّق بمسألة إيمان قائلاً: “إنّها مشكلة إنسانيّة… فهل مِن المسموح محو حياة بشريّة لحلّ مشكلة ما؟ هل مِن المسموح استئجار خدمات قاتل لحلّ مشكلة؟ الجواب لديكم”.

نصيحة للمراهقين

وبتاريخ 25 أيار 2019، حيّى الأب الأقدس أمام دار القدّيسة مارتا في الفاتيكان الشباب الذين أتوا مِن جنوى، بتشجيعهم ليوجهوا أنظارهم نحو العذراء القدّيسة، “الشخص الأفضل والأحنّ ليقودنا إلى يسوع”.

وقال لهم: “بعد قليل، ستُلقون التحيّة على العذراء في مغارة لورد (في حدائق الفاتيكان)… صلّوا لها لأنّها أمّ. إنّها أمّنا. سنواجه جميعاً صعوبات في الحياة، دائماً. أصغوا إلى هذا جيّداً. لكن عندما يواجه أيّ منكم صعوبة، فليذهب لرؤية مريم العذراء، دائماً، كما عندما يواجه طفل صعوبات ويذهب إلى أمّه. إنّ العذراء مريم تقودنا مباشرة إلى يسوع”.

بعد كلمته، تلا الأب الأقدس “السلام عليك يا مريم” مع مجموعة المراهقين الذين وضعوا قبّعات حمراء وقال لهم: “فليُفكّر كلّ منكم بالأشخاص الأغلى على قلبه والأقرب إليه. فكّروا مليّاً… ثمّ قد يكون هناك أحد لا يحبّكم أو لا تحبّونه: فكّروا في هؤلاء الأشخاص وأنا سأمنحهم البَرَكة أيضاً. سأمنحكم البركة كما وسأمنحها لِمَن تحبّونهم ومَن لا تتّفقون معهم”.

هذا ويدعو الفاتيكان الأبرشيّات في العالم إلى الاحتفال بالقدّاس الإلهي مع المهاجرين واللاجئين وضحايا الاتجار بالبشر لمناسبة الخامسة بعد المئة لليوم العالمي للمهاجرين واللاجئين في 29 أيلول 2019.

ويمكن للأساقفة والمؤمنين في الأبرشيات الصغيرة أن ينضمّوا إلى الأبرشيّات الكبيرة بحسب ما أوضح الأب كزيرني: “سيتمّ الاحتفال بكلّ القداسات في الوقت نفسه في كلّ بلد بهدف التعبير عن الترحيب الذي نقدّمه للغريب في المسيح والمسيح في الغريب”.

رسالة البابا فرنسيس بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين واللاجئين ٢٠١۹

“يمثّل وجود المهاجرين واللاجئين اليوم دعوة لاستعادة بعض الأبعاد الأساسيّة لوجودنا المسيحي ولإنسانيّتنا” هذا ما كتبه قداسة البابا فرنسيس في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين واللاجئين ٢٠١۹
بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين واللاجئين الذي سيُحتفل به في التاسع والعشرين من شهر أيلول سبتمبر لعام ٢٠١۹ وجه قداسة البابا فرنسيس رسالة تحت عنوان ” الأمر لا يتعلق بالمهاجرين وحسب” كتب فيها يؤكّد لنا الإيمان أن ملكوت الله حاضر على الأرض بطريقة سرّية؛ وبالرغم من ذلك علينا، حتى في أيامنا أيضًا، أن نستنتج بألم أنّه يواجه عقبات وقوى معارضة. إذ لا تزال النزاعات العنيفة والحروب الحقيقيّة تمزّق البشرية؛ ويتتالى الظلم والتمييز؛ ويصعب تخطّي الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية على المستوى المحلّي أو العالمي. والذين يدفعون ثمن هذا كلّه هم الفقراء والمعوزين بشكل خاصّ.

تابع البابا فرنسيس يقول إنَّ المجتمعاتُ الأكثر تقدّمًا اقتصاديًا تنمّي في داخلها ميلًا إلى نزعة فرديّة ظاهرة، تُنتِجُ، إذ ترافقها الذهنيّة المنفعيّة وتضاعفها شبكات الإعلام، “عولمةَ اللامبالاة”. وفي هذا السيناريو، أصبح المهاجرون واللاجئون والمشرّدون وضحايا الاتّجار بالبشر، شعارًا للتهميش لأننا، وبالإضافة إلى المصاعب التي تتضمّنها حالتهم، غالبًا ما نُحمّلهم أحكامًا سلبية تعتبرهم سببًا للعِلل الاجتماعية. وموقفنا تجاههم يمثّل جرس إنذار يحذّر من التدهور الأخلاقي الذي نسير نحوه إذا استمرّينا في إفساح المجال لثقافة التهميش. في الواقع وفي هذا السياق كلّ شخص لا يتماشى مع نمط الرفاهية الجسديّة والنفسيّة والاجتماعية، يصبح عرضة لخطر التهميش والاستبعاد.

أضاف الحبر الأعظم يقول لذلك فإن وجود المهاجرين واللاجئين –كذلك وجود الأشخاص الضعفاء بشكل عام – يمثّل اليوم دعوة لاستعادة بعض الأبعاد الأساسيّة لوجودنا المسيحي ولإنسانيّتنا، والتي تواجه خطر أن تسترخي في نمط حياة غنيٍّ بالراحة. لذلك فإن “الأمر لا يتعلّق بالمهاجرين وحسب”، أي: إننا، إذ نهتمّ بهم، نهتمّ أيضًا بأنفسنا وبالجميع؛ وإذ نعتني بهم، فإننا ننمو جميعًا. وإذ نصغي إليهم، نعطي أيضًا صوتًا لذلك الجزء من ذواتنا الذي ربما نبقيه خفيًا لأنه ليس مقبولًا في أيامنا.

تابع البابا فرنسيس يقول “ثِقوا. أَنا هو، لا تَخافوا!” (متى 14، 27). الأمر لا يتعلّق بالمهاجرين وحسب: بل هذه مخاوفنا أيضًا. إنَّ شرَّ عصرنا وقباحته ينمّيان “خوفنا من “الآخرين”، من الغرباء، والمهمشين، والأجانب […]. وهذا ما نراه اليوم بشكل خاص، إزاء وصول المهاجرين واللاجئين الذين يقرعون بابنا بحثًا عن الحماية والأمن وعن مستقبل أفضل. وصحيح أن الخوف مشروع، لأنّه ينقصنا الاستعداد لهذا اللقاء. ليست المشكلة بأن يكون لدينا شكوك ومخاوف، وإنما هي عندما تُؤثِّر هذه الشكوك والمخاوف على أسلوبنا في التفكير والتصرّف لدرجة تجعلنا غير متسامحين، ومنغلقين، وربما حتى – بدون أن ندرك ذلك – عنصريين أيضًا. وهكذا يحرمنا الخوفُ من الرغبة والقدرة على لقاء الآخر، والشخص المختلف عنّي؛ ويحرمني من فرصة لقاء الربّ.

أضاف الأب الأقدس يقول “إِن أَحْبَبْتُم مَن يُحِبُّكُم، فأَيُّ أَجْرٍ لكم؟ أَوَلَيسَ الجُباةُ يفعَلونَ ذلك؟” (متى 5، 46). الأمر لا يتعلق بالمهاجرين وحسب: وإنما بالمحبّة. لأننا نظهر إيماننا من خلال أعمال المحبّة. والمحبّة الأسمى هي التي نمارسها تجاه مَن لا يستطيع أن يبادلنا إياها وربما لا يمكنه حتى أن يشكرنا عليها. “على هذا يعتمد الوجه الذي نريد أن نعطيه كمجتمع وكذلك قيمة كل حياة… إنَّ تقدّم شعوبنا… يتعلّق بشكل خاص بالقدرة على السماح بأن يهزنا ويحركنا من يقرع على الباب وبنظره يخزي ويتخلّص من جميع الأصنام التي ترهن وتستعبد الحياة، أصنام تعد بسعادة وهميّة وزائلة مبنية على هامش الواقع وألم الآخرين”.

تابع الحبر الأعظم يقول “وَصَلَ إِلَيه سَامِرِيٌّ مُسافِر ورَآهُ فأَشفَقَ علَيه” (لو 10، 33). الأمر لا يتعلق بالمهاجرين وحسب: وإنما بإنسانيتنا. إن ما يدفع ذاك السامري – الغريب بالنسبة لليهود – إلى التوقّف إنما هي الشفقة، وهو شعور لا يمكن تفسيره فقط على المستوى العقلاني. إنَّ الشفقة تلمس الأوتار الأكثر حساسيّة في إنسانيّتنا، وتدفعنا فورًا “لنقترب” من الذين نراهم في صعوبة. كما يعلّمنا يسوع نفسه (را. متى 9، 35- 36؛ 14، 13- 14؛ 15، 32- 37)، أن نشفق يعني أن نعرف معاناة الآخر وأن نبدأ بالعمل فورًا لكي نخفِّف ونعتني وننقذ. أن نشفق يعني أن نعطي المجال للحنان، الذي غالبًا ما يطلب منّا مجتمع اليوم أن نكبحه. “إن الانفتاح على الآخرين لا يُفقر، بل يُغني، لأنه يساعدنا لنكون أكثر إنسانية: لكي نعترف بأننا جزء ناشط من مجموعة أكبر، ولكي نفهم الحياة كعطيّة للآخرين؛ ونرى الهدف، لا مصالحنا الخاصّة، وإنما خير البشرية”.

أضاف الأب الأقدس “إِيَّاكُم أَن تَحتَقِروا أَحَدًا مِن هؤلاءِ الصِّغار. أَقولُ لكم إِنَّ ملائكتَهم في السَّمَواتِ يُشاهِدونَ أَبَدًا وَجهَ أَبي الَّذي في السَّمَوات” (متى 18، 10). الأمر لا يتعلق بالمهاجرين وحسب: وإنما بعدم تهميش أحد. إن عالم اليوم يزداد يوميًّا نخبويّة وقساوة تجاه المهمّشين. كذلك تُسلب البلدان النامية أفضل مواردها الطبيعية والبشريّة لصالح عدد قليل من الأسواق المميّزة. أمّا الحروب فلا تجتاح إلا بعض مناطق العالم وحسب، فيما أنَّ الأسلحة التي تُستخدم يتمّ إنتاجها وبيعها في مناطق أخرى لا ترغب في تحمّل مسؤوليّة اللاجئين الذين تُسببهم هذه الصراعات. والذين يدفعون الثمن هم على الدوام الصغار، والفقراء، والضعفاء، الذين يُمنعون من الجلوس إلى المائدة وتُترك لهم “فتات” الولائم (را. لو 16، 19- 21). “إنَّ الكنيسة التي تنطلق” […] تعرف كيف تأخذ المبادرة بدون خوف، وتذهب لتلتقي، وتبحث عن البعيدين، وتصل إلى تقاطع الطرق، لكي تدعو المُهمّشين” (الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل، 24). إنَّ التنمية الحصرية تجعل الأغنياء أكثر غنى والفقراء أكثر فقرّا. أمّا التنمية الحقيقية فهي تلك التي تهدف إلى ادماج جميع رجال ونساء العالم، من خلال تعزيز نموّهم المتكامل، وتعتني أيضًا بالأجيال الصاعدة.

تابع البابا فرنسيس يقول “مَن أَرادَ أَن يَكونَ كَبيرًا فيكم، فَلْيَكُنْ لَكُم خادِمًا. ومَن أَرادَ أَن يكونَ الأَوَّلَ فيكم، فَلْيَكُنْ لأَجمَعِكم عَبْدًا” (مر 10، 43- 44). الأمر لا يتعلق بالمهاجرين وحسب: وإنما بوضع الأخيرين في المقام الأوّل. يطلب منّا يسوع المسيح ألا ننصاع لمنطق العالم، الذي يبرّر إساءة معاملة الآخرين بهدف تحقيق مكاسبي الشخصيّة أو مكاسب مجموعتي: أنا أوّلًا ثمّ الآخرين! فيما أن الشعار الحقيقي للمسيحي هو “الأخيرين أوّلًا!”. “يشكّل روح الفردانيّة أرضًا خصبة لنضوج حسّ لامبالاة تجاه القريب يحملنا على معاملته كسلعة ويدفعنا إلى عدم الاكتراث بإنسانية الآخرين ويحوّلنا إلى أشخاص جبناء ومُتهكّمين. أليست ربما هذه المشاعر التي غالبًا ما نملكها إزاء الفقراء والمهمّشين والأخيرين في المجتمع؟ وما أكثر الأخيرين في مجتمعنا! من بينهم أفكّر بشكل خاص بالمهاجرين وفي ثقل صعوباتهم وآلامهم التي يواجهونها يوميًّا في البحث، اليائس أحيانًا، عن مكان يعيشون فيه بسلام وكرامة” (كلمة قداسة البابا إلى الدبلوماسيين المعتمدين لدى الكرسي الرسولي، 11 يناير/كانون الثاني 2016). إنَّ الأخيرين بحسب منطق الإنجيل يصبحون أوّلون، وعلينا أن نضع أنفسنا في خدمتهم.

أضاف الأب الأقدس يقول “لقَد أَتَيتُ لِتَكونَ الحَياةُ لِلنَّاس وتَفيضَ فيهِم” (يو 10، 10). الأمر لا يتعلق بالمهاجرين وحسب: وإنما بالشخص بكامله، وبجميع الأشخاص. نجد في تأكيد يسوع هذا، جوهر رسالته: ضمان حصول الجميع على عطيّة الحياة بملئها، وفقًا لمشيئة الآب. ينبغي علينا، في كلّ نشاط سياسيّ، وفي كلّ برنامج وعمل رعويّ، أن نركّز دائمًا على الشخص، بأبعاده المتعدّدة، بما في ذلك البعد الروحيّ. وهذا الأمر يصلح لجميع الأشخاص، الذين يجب الاعتراف بمساواتهم الأساسية. لذا، فإن “التنمية لا تقتصر على النموّ الاقتصادي وحسب. لكي تكون التنمية حقيقيّة عليها أن تكون متكاملة، مما يعني أن تكون موجّهة لتعزيز كلّ إنسان والإنسان بكامله” (القديس بولس السادس، الرسالة العامّة تـَرَقّي الشعوب، 14).

تابع الحبر الأعظم يقول “لَستُم إِذًا بَعدَ اليَومِ غُرَباءَ أَو نُزَلاء، بل أَنتُم مِن أَبناءَ وَطَنِ القِدِّيسين ومِن أَهْلِ بَيتِ الله” (أف 2، 19). الأمر لا يتعلق بالمهاجرين وحسب: وإنما ببناء مدينة الله والإنسان. في عصرنا هذا المسمّى أيضًا عصر الهجرات، هناك العديد من الأبرياء الذين يقعون ضحيّة “الخداع الكبير”، خداع التطوّر التكنولوجي والاستهلاكي اللامحدود. وهكذا ينطلقون في رحلة إلى “جنّة” تخون تطلّعاتهم باستمرار. إن وجودهم، المزعج أحيانًا، يساعد على وضع نهاية لأساطير التقدّم المحفوظ لقليلين، والقائم على استغلال الكثيرين. “يتعلّق الأمر بالتالي في أن نرى، نحن أوّلًا، ونساعد الآخرين لكي يروا، في المهاجر وفي اللاجئ ليس فقط مشكلة يجب مواجهتها، إنما أخًا وأختًا علينا استقبالهم واحترامهم ومحبتّهم، ومناسبةً تمنحنا إياها العناية الإلهية كي نساهم في بناء مجتمعٍ أكثر عدالةً وديمقراطية وأكثر اكتمالًا، ودولة أكثر اتّحادًا، وعالمًا أكثر أخوّةً، وجماعة مسيحيّة أكثر انفتاحًا، وفقًا للإنجيل”.

أضاف الأب الأقدس يقول أيها الإخوة والأخوات الأعزّاء، يمكن تلخيص الإجابة على التحدّي الذي تمثّله الهجرة المعاصرة في أربعة أفعال: استضافة، وحماية، ومساندة، ودمج. لكن هذه الأفعال لا تنطبق فقط على المهاجرين واللاجئين. بل تعبّر عن رسالة الكنيسة تجاه جميع سكّان الضواحي الوجودية، الذين ينبغي استقبالهم وحمايتهم وتعزيزهم وإدماجهم. إذا وضعنا هذه الأفعال موضع التنفيذ، فسوف نساهم في بناء مدينة الله والإنسان، ونعزّز التنمية البشريّة المتكاملة لجميع الأشخاص، ونساعد المجتمع الدولي أيضًا على الاقتراب من أهداف التنمية المستدامة التي حدّدها لنفسه، وإلّا، فسيكون من الصعب بلوغها.

لذلك، خلص البابا فرنسيس إلى القول فإن قضيّة المهاجرين ليست وحدها على المحكّ، ولا يتعلّق الأمر بهم وحسب، وإنما بنا جميعًا، بحاضر ومستقبل العائلة البشريّة. فالمهاجرون، ولا سيما الأكثر ضعفًا، يساعدوننا على قراءة “علامات الأزمنة”. والربّ يدعونا من خلالهم إلى التوبة، وإلى تحرير أنفسنا من المعاملات التفضيلية واللامبالاة وثقافة التهميش. كذلك يدعونا الربّ من خلالهم، إلى استعادة حياتنا المسيحيّة بكاملها وإلى المساهمة، كلّ حسب دعوته، في بناء عالم يجيب بشكل أكبر على مشروع الله. هذه هي أمنيتي التي أرافقها بالصلاة ملتمسًا، بشفاعة العذراء مريم، سيّدة الطريق، بركات وافرة لجميع المهاجرين واللاجئين في العالم، وللذين يرافقونهم في رحلتهم.

https://ar.zenit.org