عَ مدار الساعة


ما هي كواليس عمليات الجيش السوري في ادلب؟

تقدّم الجيش العربي السوري في جنوب إدلب واستعادة مناطق استراتيجيّة عديدة يُثير العديد من علامات الاستفهام حول الصّمت التركيّ.. هل جاء قصف النصرة لقاعدة حميميم الجويّة الروسيّة رسالة احتِجاج لأنقرة؟

لا نعتقد أنّ دعوة السيد خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي، التي أطلقها أمس وطالب فيها القوات الحكومة السوريّة بوقف الهجوم على جنوب إدلب ستَجِد آذانًا صاغية، لأن هذه القوّات استطاعت تحقيق تقدّمًا ملموسًا خلال الأيّام القليلة الماضية، دون مُقاومة حقيقيّة ممّا مكّنها من استعادة كفر بنودة وقلعة المضيق، وتل هواش، والكراكات والشيخ إدريس، وهي مناطق على درجةٍ كبيرةٍ من الأهميّة استراتيجيًّا ومعنويًّا.

كان لافتًا أنّ سيرغي فيرشينين، نائب وزير الخارجيّة، الروسي أكّد أن عمليُات الجيش السوري في المناطق المذكورة جاءت بالتّنسيق مع أنقرة، وهذا ما يُفسّر صمتها طِوال الأيّام الأخيرة، وبالتّحديد مُنذ بِدء الهُجوم السوري.

الهجوم السوري الروسي المُشترك في جنوب إدلب جاء ردًّا مُباشرًا على إطلاق “هيئة تحرير الشام” (النصرة) سابقًا، عدّة صواريخ على قاعدة حميميم الجويّة الروسيّة جرى التّصدّي لها، ولكنّها أغضبت القيادة الروسيُة، ودفعتها إلى التخلّي عن سياسات ضبط النفس في الشمال السوري.

يبدو أن صبر الجانب الروسي على التلكّؤ التركي في تنفيذ تعّهداته الذي جرى التوصّل إليها في قمّة سوتشي بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيّب أردوغان في أيلول (سبتمبر) الماضي قد نفَذ، حيث تعهّد الرئيس التركي بالقضاء على سيطرة الفصائل المسلّحة على مدينة إدلب وعودتها إلى السيادة السوريّة.

السلطات التركيّة تخشى من موجةِ نزوحٍ للمدنيين والمسلّحين في إدلب باتّجاه حُدودها تحسّبًا لاستعادة الجيش العربي السوري للمدينة بدعمٍ عسكريٍّ روسيّ، وهذا ما يُفسّر مُطالبة وزير الدفاع التركي بوقف الهُجوم السوري لضمان أمن المدنيين.

الحُكومة السوريّة تتّهم السلطات التركيّة بدعم “هيئة تحرير الشام” المُصنّفة كمُنظّمة إرهابيّة، ويبدو أن الجانب الروسي توصّل إلى القناعة نفسها بعدما استهدفت الهيئة القواعد الروسيّة بصواريخ غراد وطائرات مُسيّرة مُلغّمة، أيّ بُدون طيّار.

الاتصالات التركيّة الروسيّة متواصلة لتطويق هذا التّصعيد والحيلولة دون وصوله إلى مرحلة المُواجهات العسكريّة بين القوات السوريّة ونظيرتها التركيّة، ولكن الأمر المُؤكّد أنّ زحف الجيش السوري سيستمر حتى استعادة المدينة (إدلب)، والسيطرة على معبر “باب الهوى” الرئيسي على الحُدود السوريّة التركيّة، وربّما بمُوافقةٍ ضمنيّةٍ، لأنّ القوّات التركيّة لا تُريد القضاء على الجماعات المسلحة، و”هيئة تحرير الشام” تحديدًا بحُكم بعض العلاقات التحالفيّة السّابقة، وتنازلت عن هذا الدور للجيش العربي السوري بالتّنسيق مع روسيا دون إعلانٍ رسميٍّ، ممّا يعني أن تصريحات وزير الدفاع التركي بإيقاف هجَمات القوّات السوريّة في جنوب إدلب هي نوع من ذر الرّماد في العُيون.. واللُه أعلم.

“رأي اليوم”