حسان الحسن-
تتوضح ببطء المعطيات المتعلقة باحتمال قيام الجيش العربي السوري بعملية عسكرية لتحرير محافظة ادلب ومحيطها، وتتوزع المؤشرات بين الحشود العسكرية لوحدات الجيش السوري، في المناطق المتاخمة لمحافظة إدلب، والمتواكبة مع غارات جوية، ومع القصف المدفعي المركز الذي يستهدف مواقع المسلحين في المحافظة المذكورة، بالإضافة الى المؤشر السياسي، من خلال تأكيد المواقف السورية والروسية لإستعادة الأراضي السورية كافة، وأن الإرهاب لن يبقى فيها الى الأبد.
في ضوء هذه الاجواء الضبابية المخيمة على الوضع الميداني السوري راهناً، رغم المشهدين الميداني والسياسي في شأن احتمال عملية عسكرية كما ذكر اعلاه، تبقى تعاني البلاد من مشكلتي شمالها وشرقها، حيث في الاولى وجود البؤر الإرهابية التكفيرية، وفي الثانية شرق الفرات حيث تنتشر مليشيا “قسد “، ذات الغالبية الكردية، والتي تأتمر مباشرة بالاوامر الأميركية.
لم تتحدد حتى الان ساعة الصفر لبدء معركة إستعادة إدلب الى السيادة السورية، وحيث تؤكد مصادر ميدانية أن القوات السورية لاتزال تستقدم تعزيزات عسكرية الى نقاط تمركز وحداتها العسكرية في المناطق المتاخمة لإدلب، خصوصاً في أرياف: حماه الشمالي – الغربي، وحلب الجنوبي، واللاذقية الغربي، تبقى تلك الوحدات تعمل لاكمال الإستعدادات والتحضيرات البشرية واللوجستية، والتي هي جارية على “قدم وساق”، لبدء العملية المرتجاة.
من ناحية أخرى، تستبعد مصادر معارضة قيام الجيش السوري وحلفائه بتنفيذ هجوم لإستعادة إدلب في المدى المنظور، مؤكدةً في الوقت عينيه، عدم معرفتها أو إطلاعها على الأهداف الحقيقية من وراء هذه الحشود. لكنها ترجح ثلاث فرضيات، تسعى القوات السورية الى تحقيقها، بعد إستقدام هذه التعزيزات العسكرية الى محيط إدلب:
أولا- محاولة الضغط على المجموعات المسلحة في المحافظة المذكورة، من خلال تلك الحشود العسكرية، بالتالي إدخال الفصائل المسلحة في تسوية، وإعادة إدلب الى سلطة الحكومة السورية.
ثانياً- قد يكون السبب الجوهري للتعزيزات المذكورة، سعي الحكومة لإعادة فتح طريق حماه – حلب الدولي، الذي يمر في بعض المناطق والبلدات الإدلبية، وتأمين هذه الطريق، من خلال نقاط مراقبة روسية، أو تركية – روسية، إذا إقتضت الحاجة.
ثالثا- لا تستبعد أن يكون هدف هذه الحشود العسكرية السورية، سياسيا، وليس عسكرياً، بالتالي تحقيق مسعىٍ روسي –سوري، يعيد خلط الأوراق مع أنقرة، ومحاولة تقريبها أكثر الى تعميق التفاهم مع موسكو، من خلال الإعلان عن قرب بدء عملية تحرير إدلب، الذي يقلق الأتراك، في ضوء التناغم التركي – الأميركي المستجد، ودائما بحسب رأي المصادر.
وتستند المصادر في تحليلها المذكور آنفا، الى أن هذه الحشود غير كافية، لتغطية جبهة كبيرة ممتدة من ريف اللاذقية مرورا بريفي حماه وحلب وصولا الى الحدود التركية، وبرأيها يتطلب الإجهاز على الفصائل المسلحة المنتشرة في إدلب وبعض المناطق المتاخمة لها، ضربةً قاضية وسريعة، لان سقوط الستاتيكو القائم في هذه المناطق، قد يؤدي الى تغيير الواقع الميداني الراهن، ويشكل خطرا على المناطق المتاخمة الخاضعة لسلطة الحكومة، تختم المصادر.
وفي السياق، تعتبر مصادر سياسية أن مصير المنطقة الشرقية، مرتبط بمصير الشمال، مرجحةً أن القضاء على البؤر الإرهابية في إدلب، وإعادتها الى سيادة الدولة، قد يمهد الى تحرير منطقة شرق الفرات من المليشيات التابعة للإحتلال الأميركي، وهذا ما ترفضه واشنطن، خصوصا في ضوء غياب أي تسوية سياسية دولية، لإنهاء الصراع في سوريا والمنطقة. لذلك تستمر المحاولات الأميركية بالضغط على دمشق، وحلفائها، لتحقيق شروطهم في أي ترتيبات سياسية في سوريا في المرحلة المقبلة.
-المرده-