أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


يسوع في قصيدة الإنسان – الإله.. كيف لاقى الرسل ظهور القائم من الموت؟؟ (ماريا فالتورتا)

🌷♰🌷 
📌 كيف يشفي يسوع الشخصيات المختلفة.. القلب، العقل، الأنا، الأفكار، الألم، الخوف، الذنب.. 🙏
📌 التلاميذ من حالة الذهول، الإندهاش الى أجوبة يسوع الشافية..‼️
📌 يسوع لبطرس: قبّلني حيث قبّلني يهوذا. إغسلْ، بقلبك، أثر الخيانة.. 🛐
📌 في الظلمات، ليست مسموحة الرؤية ☝️ كونوا مُستنيرين بيسوع.. والمُرّ يفيد في الحفظ من الفساد.. 👌

 *

13. يسوع يظهر للرسل العشرة

✝ هم متجمعون في العلّية… يتحدثون تحت نور شعلة واحدة من الشمعدان الأقرب من المائدة.. أحاديثهم مُتقطعّة. يبدو أن كلّ واحد يتحدث إلى نفسه، بدلاً من رفيقه.. تتناول موضوعاً واحداً  “يسوع” هو محورها على رغم تبعثرها…

✝ ما كنت أودّ أن يسيء لعازر السمع وأن تفهم النسوة أفضل منه.. (يقول يهوذا حلفى)

  • في أيّ ساعةٍ تقول الرومانية إنها رأته؟ (يسأل متى)
  • .. لقد أسأنا التصرّف، يا بطرس، بابتعادنا فوراً هذا الصباح.. لو بقينا لكنا رأيناه مثل المجدلية. (يقول يوحنا متنهداً)
  • أنا لا أفهم كيف يمكنه أن يكون في عمّاوس وفي الوقت نفسه في القصر (العازر) وأن يكون هنا، عند أُمه، وفي الوقت نفسه عند المجدلية وعند حنة… (يقول لنفسه يعقوب زبدى)
  • لن يأتي. لم ابكِ كفاية… الحق معه. أرى أنه يُخضعني للإنتظار خلال 3 أيام بسبب إنكاراتي الثلاثة. إنما كيف امكنني القيام بذلك؟ (بطرس)
  • كم كان مُتغيّر الوجه، لعازر! أقول لكم أنه كان يبدو، هو شمساً. أعتقد بأنه حدث له كما موسى بعد رؤيته الله. أليس كذلك، أنتم الذين كنتم هناك. (يقول الزيلوتي)
    ما من أحدٍ يستمع إليه.
  • يلتفت يعقوب حلفا نحو يوحنا ويقول: كيف قال لجماعة عماوس؟ يبدو لي أنه سامحنا، أليس كذلك؟ ألم يقل إن كلَّ شيء حدث بسبب خطأنا نحن الإسرائيليين في طريقة فهم مملكته؟ (1)
  • يوحنا لا يستمع إليه. يستدير لينظر إلى فيليبس ويقول للهواء.. لأنه لا يتحدث الى فيليبس: “بالنسبة إليّ، يكفيني أن أعلم أنه قام. ومن ثم.. ومن ثم أن تكون محبتي دائماً أقوى. لقد رأيتم، هه! إذا نظرتم عن كثب، إنه مضى بالتناسب مع المحبة التي ملكناها: الأم، مريم المجدلية، الطفلان، أمي وأمك، ومن ثم لعازر ومرتا… أما مرتا؟ أقول حين أنشدت مزمور داوود: “الرب راعيّ. لا يعوزني شيء. في مراعٍ خصيبةٍ أقالني. ومياه الراحة أوردني. نادى نفسي إليه… أتذكر كيف جعلتنا ننتفض مع هذا النشيد غير المتوقّع؟ … بالفعل مرتا تبدو وقد وجدت طريقها…
  • فيليبس، الذي نظر إليه برهةً ومن ثم تركه يتكلم منفرداً، يقول وهو يتأوّه: أنا لن أُحسن ما أقول له إنْ أتى… لقد هربت… وأشعر بأنني سأهرب. أولاً، كان خوفاً من الناس. الآن خوفاً منه.
  • الجميع يقولون أنه جميل جداً. أيمكنه أن يكون أجمل مما كان؟ (يتساءل برتلماوس)
  • أنا سأقول له: لقد غفرت لي من دون أن تُكلّمني حسن كنت عشّاراً. إغفر لي أيضاً الآن بصمتك، لأن جبني لا يستحق أن تُكلّمني. (يقول متى)
  • لونجين يقول أنه تساءل: أعليّ سؤاله أن أُشفى أو أن أُؤمن؟ لكن قلبه قال “أن أُؤمن”، وإذاك قال الصوت “تعال إليّ”، وشعر بإرادة الإيمان وفي الوقت نفسه بالشفاء. هذا بالضبط ما قال لي، يؤكد يهوذا حلفى.
  • ماذا عليّ أن أقول له لأُفهمه أنني أُحبّه وأسأله الغفران؟ وأنت يا يوحنا؟ لقد تحدثت كثيراً مع الأم، ساعدني. ليس من الرحمة ترك بطرس المسكين وحيداً!
  • يوحنا منفعلٌ رأفةً برفيقه المُهان، يقول: أنا أقول له ببساطة، أحبك. في المحبة مشمولةٌ أيضاً الرغبة في الغفران والندامة. مع ذلك… لا أدري. يا سمعان، ما رأيك؟
  • الزيلوتي: أنا اقول ما كان صيحة أبناء المُعجزات: يا يسوع إرحمني! أقول: يا يسوع، وهذا كلّ شيءٍ، لأنه أكثر بكثير من إبن داوود!
  • .. هذا الصباح أيضاً كنت خائفاً من رؤيته…

لحظات الظهور

✝ الحجرة تُضيء بقوة كما برقٍ باهر. الرسل يُخبئون وجههم. خائفين من أن يكون ذلك صاعقة، لكنهم لا يسمعون صوتاً ويرفعون رأسهم.

يسوع في وسط الحجرة، قرب المائدة. يفتح ذراعيه وهو يقول: ليكن السلام معكم.

ما من أحد يجيب. البعض أكثر شحوباً، آخرون أكثر إحمراراً، يُحدقون فيه كلهّم، خائفين وعرضةً للإيحاء، مسحورين وفي الوقت نفسه كأن الرغبة في الهرب مُستولية عليهم.

يسوع يخطو خطوةً إلى الأمام وهو يبتسم أكثر. لا تخافوا هكذا! هذا أنا. لمَ أنتم مضطربون هكذا! أما كنتم ترغبون فيّ؟ ألم أُبلغكم أنني سآتي؟ ألم أقل لكم ذلك منذ مساء الفصح؟

ما من أحدٍ يجرؤ على الكلام. بطرس يبكي ويوحنا يبتسم، فيما النسيبان يبدوان تمثالين يُجسِّدان الرغبة وعيونهما مُشعّة ويُحركان شفاههما من دون أن يُوفّقا الى الكلام.

مبادرة يسوع

      تلاميذ المسيح بحسب رسم ريناتو امّانيتو، وفق أوصاف ماريا فالتورتا

✝ يسوع يقول: لمَ في قلوبكم أفكارٌ مُتعارضة إلى هذا الحدّ بين الشك والإيمان، بين المحبة والخوف؟ لمَ تريدون أن تكونوا بعد جسداً وليس روحاً، ومع الأخيرة فقط أن تروا، تفهموا، تحكموا، تتصرفوا؟ تحت شعلة الألم، ألم تحترق كلياً الأنا العتيقة، أولم تبرز الأنا الجديدة لحياةٍ جديدة؟ أنا يسوع. يسوعكم القائم من الموت، كما قال ذلك لكم.

✝ أنظروا، أنت الذي رأيت جروحي وأنتم الذين تجهلون تعذيبي، لأن الذي تعرفون مُختلف جداً عن المعرفة الصحيحة التي ليوحنا عنه. المحبة. الطاعة. الوفاء سبق أن جعلتك طاهراً. دمي، الذي بلّلك كلياً حين أنزلتني عن الصليب، إنتهى الى تطهيرك. أُنظرْ. أُنظر. إنها يدان حقيقيتان وجروح حقيقية.. أبصر كيف أن هذه العلامة هي علامة المسمار؟ نعم، هذا حقاً أنا وليس شبحاً. إلمِسني. الأشباح لا تملك جسداً. انا أملك جسداً حقيقياً وهيكلاً عظيماً حقيقياً. يضع يده على رأس يوحنا الذي تجرأ على الذهاب إلى جواره: أتحسّ؟ إنها حارّة وثقيلة. وينفخ في وجهه: وهذا هو التنفُّس.

آه! ربيّ! يوحنا يهمس بهدوء..

نعم ربك. يوحنا، لا تبكِ خوفاً أو رغبة. تعال إليّ. أنا لا أزال مَن يُحبّك. لنجلس، كما دائماً، إلى المائدة. أليس لديكم شيءٌ للأكل؟ أعطوني إياه إذاً.

اندراوس ومتى، بحركات مُروبصين، يتناولان عن خزائن الصحون الأرغفة والأسماك، وطبقاً مع قرص عسلٍ..

يسوع يُقدّم الطعام ويأكل ويُعطي كلّ واحدٍ قليلاً مما يأكل. وينظر إليهم، طيباً إنما جليلاً، بحيث شُلّوا به.

الأول الذي يجرؤ على الكلام هو يعقوب، شقيق يوحنا: لمَ تنظر إلينا هكذا؟

لأنني أريد أن أعرفكم.

ألا تزال لا تعرفنا؟

كما أنتم لا تعرفونني. لو كنتم تعرفونني، لعلمتم مَن أنا ولوجدتم الكلمات لتُفصحوا لي عن عذابكم.  أنتم تصمتون، كما قُبالة غريبٍ قادر تخافونه. منذ قليلٍ كنتم تتكلمون… مضت تقريباً 4 أيام وأنتم تُكلّمون أنفسكم قائلين: سوف أقول له هذا… قائلين لروحي: تعال، يا رب، لأتمكن من أن أقول لك هذا. الآن أتيت وتصمتون؟ أتغيرّت بحيث ما عدت أبدو لكم أنا؟ أم أنكم تغيرتم بحيث ما عدتم تُحبّونني؟

يوحنا، جالساً قرب يسوعه، يقوم بتصرفّه المعتاد بوضع رأسه على صدره وهو يهمس: أن أحبك، يا إلهي، لكنه يتصلّب ليمنع عن نفسه هذه العفوية، إحتراماً لإبن الله المتألق.. لكن يسوع يجذبه إلى قلبه، وإذاك يفتح يوحنا سدود دموعه المُغتبطة.

بطرس

✝ بطرس بعد مَطرحين من يوحنا، ينزلق بين المائدة ومقعده ويبكي صارخاً: عذراً عذراً! إنتشلني من هذا الجحيم الذي أنا فيه منذ ساعات كثيرة. قلْ لي أنك رأيت ندامتي.. سوف تدوم حتى الموت. إنما أنت قُلْ لي أنك باعتبارك يسوع ليس عليّ أن أخافك… وأنا سوف أسعى إلى أن أُحسن العمل بحيث أنال الغفران حتى من الله وأموت.. وعلي فقط مطهرٌ عظيمٌ أجتازه.

تعال إلى هنا يا سمعان يونى.

أنا خائف.

تعال إلى هنا. لا تكن أكثر جبناً.

لا أستحقّ أن آتي إلى جوارك.

تعال إلى هنا. ما قالت لك الأم؟ إن لم تنظُرْ إليه على هذا الوشاح، فلن تملك الجرأة للنظر إليه بعد الآن. هذا الوجه ألم يقُل لك، عبر نظره المُؤلم، أنني كنت أفهمك وكنت أغفر لك؟ ومع ذلك أعطيتُه ذلك البياض، تعزيةً، مُرشداً، غفراناً، بركة… إنما ما الذي فعله بك الشيطان ليعميك إلى هذا الحدّ؟ أنا أقول لك: إن لم تنظر إليّ الآن وقد بسطت أيضاً فوق مجدي حجاباً لأضع نفسي في مُتناول ضعفك، فلن تستطيع بعد اليوم أن تأتي بلا خوفٍ إلى ربك. وما يحدث لك إذاً؟ لقد خطئت بالإفتراض. أتُريد الآن أن تُخطئ مجدداً بالعناد. تعال أقول لك.

بطرس يزحف على ركبتيه، بين المائدة والمقاعد، ويداه على وجهه الدامع، يسوع يُوقفه حين يغدو عند قدميه، واضعاً يده على رأسه. بطرس باكياً في شكلٍ أقوى، ويُمسك بهذه اليد ويُقبّلها في نحيبٍ حقيقي لا نهاية له، يحار ما يقول: عذراً! عذراً!

يسوع يتحرّر من ضمته، يُجبره على رفع رأسه، مُشكلاً رافعةً بيده تحت ذقن الرسول، ويُسمّر عينيه المُحمرّتين، المُلتهبتين، المتألمتين بالندامة، بعينيه اللامعتين الصافيتن. يقول يسوع: هيّا. إنزع عار يهوذا. قبّلني حيث قبّلني. إغسلْ، بقلبك، أثر الخيانة.

بطرس يرفع رأسه فيما يسوع ينحني بعد أكثر، ويمسّ جبينه.. ثم يحني رأسه فوق ركبتي يسوع ويلبث هكذا… مثل طفل عجوز أساء، إنما غُفر له.

الآخرون يستعيدون قليلاً من الجرأة، هم يرون طيبة يسوعهم ويقتربون وفق ما يقدرون..

الآن هم كلهم حول يسوع. يتجاسرون على مهلٍ كبير يستردون ما فقدوا أو خافوا فقده إلى الأبد. يُلامسون مجدداً الثقة، السكينة، وعلى رغم أن يسوع جليل بحيث يُبقي تلاميذه في إحترامٍ شديد، يجدون أخيراً شجاعة الكلام.

أسئلة الرسل/ ويسوع يتركهم…

✝ نسيبه يعقوب يقول متنهداً: لم فعلت بنا ذلك يا رب؟ كنت تعرف أننا لسنا شيئاً، وأن كل شيءٍ يأتي من الله. لمَ لم تُعطنا قوّة أن نكون إلى جانبك؟

يسوع ينظر إليه  ويبتسم…

الأن تمّ كل شيء. وما عاد عليك أن تتألم لشيء. إنما لا تسألني بعدُ هذه الطاعة. كل ساعة شاختني 5 أعوام، وآلامك التي كانت محبة والشيطان يزيدانها كذلك، في مخيلتي، 5 مرات ما كانت عليه، استنفدت حقاً كل قواي. لم يبقَ ليش شيء آخر لأواصل الطاعة إلاّ أن أُمسك، مثل واحدٍ يغرق مجروح اليدين، قوتي مع إرادتي كأسنانٍ تشدّ على لوحٍ لئلا اهلك… آه! لا تسأل أبرصك بعد ذلك! (يسوع ينظر إلى سمعان الزيلوتي ويبتسم).

يسأل أندراوس: يارب، تعرف ما كان يُريد قلبي، إنما بعد ذلك ما عاد لي قلب.. كما لو انتزعوه مني الأوغاد الذين أخذوك… وبقي لي ثقبٌ كانت تهرب منه كل أفكاري السابقة. لمَ سمحت بذلك..!!!

فيليبس يجحظ بعد عينيه، متذكراً ألمه: أنا… تتكلم عن القلب؟ أنا أقول أنني كنت واحداً ما عاد لديه عقل، كما واحدٌ يتلقى ضربة هراوةٍ على رقبته. حين وجدت نفسي في أريحا وقد حلّ الليل.. آه يا الله! إنما أيمكن لإنسان أن يهلك هكذا؟ أعتقد بأن الإستحواذ هو هكذا.

برتلماوس، يقول: الحق معك يا فيليبس. أنا كنت أنظر الى الوراء. انني مُسنّ ولست مجرداً من المحكمة، وما عدت أعرف شيئاً مما عرفت حتى تلك الساعة. كنت أنظر إلى لعازر متألماً جداً إنما واثقاً جداً…

فيليبس: كنت أنظر إلى لعازر. بما أنني أكاد لا أعرف ما شرحت لنا، لم أكن أُفكّر بالمعرفة، بل كنت أقول: لو كان لي على الأقل القلب نفسه!! بالعكس لم يكن بي سوى ألمٍ، ألمٍ، ألم. لعازر كان به ألم وسلام… لمَ السلامٌ بهذا المقدار له؟

يهوذا يقول: أنا كنت آمل بالتوصل إلى رؤية ما كان يراه لعازر بالتأكيد. لذا كنت ألبث دوماً قربه.. وجهه! مرآة. قبل قليل من زلزال الجمعة كان كأنه واحدٌ يموت مسحوقاً، ومن ثم غدا فجأة جليلاً في ألمه.. كان منارةً في ظلماتنا لعازر. كم وهبته يا رب!

يقول أندراوس: نعم الحياة. وربما معه وهبته نفساً مختلفة. لماذا هو مُختلف عنا؟ بالفعل لم يعُد إنساناً. إنه شيئاً ما أكثر من إنسان.. إن محبتي كانت فارغة مثل بعض السنابل. لم تعطِ سوى قشرٍ.

متى: أنا لا أستطيع أن أطلب شيئاً، فقد سبق أن حصلت على الكثير بإهتدائي. إنما نعم! كنت لأود أن أحصل على ما حصل عليه لعازر. نفس ممنوحة منك..

يقول يوحنا: المجدلية ومرتا كانتا أيضاً منارتين. أتكون السلالة؟ انك لم ترهما. الواحدة كانت رحمةً وصمتاً. الأخرى. آه! إنْ كنا كلنا حزمةً حول المُباركة، فلأن مريم مَجدلا جمعتنا بألسنة محبتها الشجاعة. نعم قلت: السلالة. إنما عليّ أن أقول: المحبة. لقد تخطونا في ما يتعلق بالمحبة. لذلك كانوا ما كانوا.

يسوع يتابع صمته…

ظهرت لمريم فوراً بعد أمك… ((واضح أن الرسل يأسفون لتلك الظهورات الممتازة))

يسأل يهوذا حلفى، لم يعد من شكوكٍ في داخلهن. ونحن بالعكس.. لِمَ لهن يا رب، إن كنت لا تزال تُحبنا، وإن كنت لا تنبذنا؟

بطرس: نعم لمَ النسوة، وخصوصاً لمريم؟ إنك حتى لمست جبهتها وتقول يبدو لها أنها تحمل إكليلاً أبدياً، ولنا رسلك، لا شيء…

يسوع ما عاد يبتسم. وجهه ليس مضطرباً

يسوع يعلّم/ يشفي/ يشرح.. 

 ينظر بجديّة إلى بطرس الذي تكلّم أخيراً، مُسترداً جسارةً كلما تبدّد خوفه، يقول:

  • كان لديّ 12 رسولاً. وكنت أحبهم من كل قلبي. لقد إخترتهم، وكأم إعتنيت بإنمائهم في حياتي. لم تكن لدي أسرار بالنسبة إليهم. كنت أقول لهم كل شيء. أشرح لهم كل شيء، أغفر لهم كل شيء. أفكارهم البشرية، طيشهم، عنادهم.. كل شيء. وكان عندي تلاميذ. تلاميذ أغنياء وفقراء. كان عندي نسوة لهم ماضٍ ضالّ أو بنية ضعيفة. لكن المفضلين كانوا الرسل.

– ساعتي أتت. واحدٌ خانني واسلمني إلى الجلادين. 3 ناموا فيما كنت أعرق دماً. كلهّم، الاّ إثنان هربوا جبناً. واحد أنكرني خوفاً على رغم أنه حظي بمثالِ الأخر، الفتيّ والوفيّ. وكأن لم يكن كافياً، فقد حصلتُ بين الإثني عشر على إنتحار يائس وعلى واحد شك في مغفرتي إلى حد أنه لم يؤمن برحمة الله الاّ بصعوبة، وبفضل الكلمة الأمومية، بحيث أنني لو كنت نظرت إلى جماعتي، ولو سمّرت فيها نظرة بشرية، لكان عليّ أن أقول: باستثناء يوحنا، الوفي محبةً، وسمعان، الوفي للطاعة، لم يعد لدي رسل. ذلك ما كان عليّ أن أقول فيما كنت أتألم في حرم الهيكل، في مقر القضاء، في الشوارع وعلى الصليب.

  • كان لدي نسوة… إحداهن، الأكثر ذنباً في الماضي، كانت كما قال ذلك يوحنا، الشعلة التي لحمت ألياف القلوب المُحطّمة. هذه المرأة هي مريم مَجْدلا. لقد نكرتني وهربتَ. هي تحدّت الموت لتبقى قربي. مُهانةً، كشفت عن وجهها، حاضرةً لتلقّي البصقات والصفعات، وهي تُفكّر بأنها تُشبه هكذا أكثر مَلَكها المصلوب. مُحتقرةً في عمق القلوب، بسبب إيمانها الصلب بقيامتي، عرفت متابعة الإيمان. متألمة تصرفت. حزينة، هذا الصباح، قالت: أتجرّد من كل شيء، إنما أعطوني معلمّي. أيمكنك أن تسأل بعدُ: لمَ لها؟

– كان لدي تلاميذ فقراء، رعاة. قليلاً ما دنوت منهم، ومع ذلك كم أحسنوا الإعتراف بي بوفائهم!

  • كان لديّ تلميذات خجولات، مثل كلّ نسوة هذه البلاد. ومع ذلك عرفن مُغادرة منازلهم والمجيء داخل جمعٍ غفير من شعبٍ كان يُجدّف عليَّ، ليمددني بالمُساعدة التي منعها عني رسلي.

– كان لدي وثنيات كن يعجبن بالـ”فيلسوف“. كنت ذلك بالنسبة إليهن. لكنهن عرفن أن يهبطن إلى العادات العبرانية، الرومانيات القادرات، ليقلن لي، ساعة تخلي عالمٍ عاق: “نحن بالنسبة إليك صديقات”.

  • كان وجهي مكسواً بصقاتٍ ودماً. الدموع والعرق كانت تسيل على جروحي. القذارة والغبار كانت تُغطي جلدي. أي يدٍ مسحتني؟ يدك؟ أم يدك؟ أم يدك؟ ما من واحدةٍ من أيديكم. هذا كان قرب الأم. هذا كان يجمع نعاجي المُشتتة. أنتم وإذا كانت نعاجي مُشتتة، فكيف تستطيع مُساعدتي؟ كنت تغطّي وجهك خوفاً من ازدراء الناس، فيما كان معلمك مكسواً بازدراء كل الناس. هو الذي كان بريئاً.

– كنت عطشاناً… كنت أموت عطشاً. ما عاد بي سوى حُمّى وألم. الدم كان قد سال في جَتْسماني، مسحوباً بألم أن أُخان، أُترك، أُنكر، أُضرب، أُغمر بالعدد اللامُتناهي من الأخطاء.. من فكّر بإعطائي نقطةً لحنجرتي المُلتهبة؟ يدٌ من إسرائيل؟ لا شفقة وثني. اليد نفسها التي بقرارٍ أبدي، فتحت صدري لتُثبت أن قلبي كان فيه جرحٌ قاتل، وكان الذي أحدثه فيّ غياب المحبة، الجبن، الخيانة. وثنيّ. أُذكّركم بذلك: عطشت وسقيتني. لم يكن ثمة واحد ليُعزّيني في كل إسرائيل… ووثني وجد للمجهول الشفقة التي منعها شعبي عني. سوف يجد في السماء الجرعة التي أعطاني إياها…. لم أشأ صدّ الوثني في التقدمة الذي ذقت فيها عسل كل المحبة التي ستُعطى لي على يد الأمم لتعويض المرارة التي أعطاني إياها إسرائيل. لم يرفع عني العطش. إنما وَهَن العزم نعم. لذلك تناولت تلك الجرعة المجهولة، لأجذب إليّ مَن كان يميل نحو الخير..

  • أما عدتم تتكلمون؟ لمَ لا تسألونني بعدُ لمَ تصرفت هكذا؟..

من أنتم؟ 
مُكملّيَّ. نعم أنتم كذلك على رغم ضلالكم.

ماذا عليكم أن تفعلوا؟
تبشير العالم بالمسيح. تبشير! إنه الأمر الأصعب والأدق، يا أصدقائي. الإزدراء، الإشمئزاز، الكبرياء، الحماس المُفرط، كلها مُضرّة جداً للنجاح… كان من الضروري – أتفهمون؟ – أن تُحطمّوا نهائياً كبرياء عبرانيتكم، ذكورتكم، رسوليتكم، لتُحلّوا الحكمة الحقيقية لخدمتكم، الوداعة، الشفقة، المحبة الخالية من العجرفة والإشمئزاز.

ترون أن الجميع تجاوزوكم في الإيمان والفعل بين الذين كنتم تنظرون إليهم بازدراء أو شفقة متكبرّة. الجميع. والخاطئة السابقة. ولعازر، المُشبع يثقافة دنيوية، الأول الذي غفر وهدى باسمي. والنسوة الوثنيات. وزودة شوزا الضعيفة. في الحقيقة انها تتجاوزكم جميعاً! أول شهيدة لإيماني. (2) وجنديا روما. والرعاة. والهيرودي منائين. وحتى الحاخام جَملئيل. لا تنتفض يا يوحنا. أتظنّ بأن روحي كان في الظلمات؟ جميعاً. وذلك من أجل ألا تُقفلوا قلبكم غداً، عند تذكيركم بخطأكم، أمام الذين يأتون الى الصليب.

 الصورة يهوذا يسلّم المسيح – لذلك طلب يسوع من بطرس مسح قبلة عار يهوذا في المكان نفسه..  

أنت يا بطرس، بدلاً من البقاء باكياً ومُهاناً أنت الذي يجب أن يكون صخرة كنيستي، أُحفر هذه الحقائق المُرّة في قلبك. إن المُرّ يفيد في الحفظ من الفساد. تشبّع إذاً مرًّا. وحين تودّ إقفال قلبك والكنيسة في وجه أحدٍ ما من إيمان آخر، تذكّر أنه ليس إسرائيل، ليس إسرائيل، بل روما التي دافعت عني وأرادت الإشفاق. تذكّر أنّه ليس أنت، بل خاطئة مَنْ عرفت البقاء عند اسفل الصليب وإستحقّت أن تراني الأولى. ولئلا تستحقّ اللوم، كُن المُقتدى بالهك. إفتح قلبك والكنيسة قائلاً: أنا المسكين بطرس، لا استطيع أن أحتقر لأنني إذا احتقرت، فسأكون مُحتقراً من الله ويعود خطأي حيًّا في عينيه”. الويل لو لم أُحطّمك هكذا! ليس راعياً بل ذئباً ما كنت غدوت.

يسوع ينهض بالجلال الأعظم

سوف أكلمكم بعد خلال الوقت الذي سأبقى فيه بينكم. إنما في الوقت الراهن أغفر لكم وأسامحكم. ليحلَّ فيكم سلام المغفرة، بعد التجربة التي وإن كانت مُهينة وقاسية. كانت شافية وضرورية. ومعه في قلوبكم، عودوا أصدقائي الأوفياء والشجعان. إن الآب أرسلني إلى العالم. إنني أُرسلكم الى الى العالم لتُتابعوا تبشيري. إن مصائب من كل الأنواع سوف تعترضكم لتسألكم عزاءً. كونوا عطوفين مُفكرين بمُصابكم حين لبثتم من دون يسوعكم. كونوا مُستنيرين. في الظلمات، ليست مسموحة الرؤية. كونوا طاهرين لتمنحوا الطهارة. كونوا محبةً لتُحبوا. ثم سيأتي مَن هو نور، تطهير ومحبة. إنما في إنتظار ذلك، لتتهيأوا لهذه الخدمة، سوف أصلكم بالروح القدس. من تغفرون خطاياهم، تُغفر لهم. من ربطتموها لهم، تُربط لهم…

ويختفي يسوع كما كان قد دخل، تاركاً مطرحاً فارغاً بين يوحنا وبطرس. يختفي في وميضٍ يُغمض العيون من فرط قوته. وحين تفتح مجدداً العيون المُنبهرة، يجدون فقط أن سلام يسوع بقي، شعلة تُحرق وتُعالج مرارات الماضي وتمحقها في رغبةٍ وحيدة: الخدمة.

***

(1) في ظهور المسيح السابق لظهوره على الرسل العشر.. شرح يسوع لتلميذا عماوس خطأ إسرائيل.. “إنه أساء تفسير مُلكية المسيح. لذلك لم يؤمنوا به. لذلك خافوه.. كانوا يفكرون بملكٍ تبعاً للطبيعة البشرية.. وقد شرح المسيح مملكته أنها غير خاضعة للزمن.. وبخصوص المدى فقال “مملكة إسرائيل، لأن من إسرائيل أصل الجنس البشري. نقصد مملكة الذين خلقهم الله. مُلكية الملك المسيح ليست محدودة بالمساحة الصغيرة لفلسطين، بل تمتد من الشمال إلى الجنوب، من الشرق إلى الغرب، حيثما كائنٌ يملك روحاً في جسده، أي حيثما إنسان. (ص:78)

(2) هذه المرأة التي قتلها زوجها لأنها تدافع عن المعلّم. لقد ضربها بعنف الى أنّه شقّ رأسها ونفر دماغها مع دمها مُلطخّين جدار منزلها حيث يبكي الآن يتامى. لكنها تلقّت نعمة. المعلّم شفى زوجها المًصاب بمرض زهري. وكانت تحبّ المعلّم بسبب ذلك. أحبته حتى الموت من أجله. سبقته إلى حضن إبراهيم، كما تقولون. (ص: 137)

الإنجيل كما كُشف لي أو قصيدة الإنسان – الله للرائية ماريا فالتورتا ، (المجلّد 10 ، الآلام – ص: 88-104 ؛ ترجمة اسكندر شديد) 

 *

قصيدة الإنسان – الإله / ماريا فالتورتا
Il Poema Dell’ Uomo-Dio / Maria Valtorta
The Poem Of The Man-God

بالفرنسية: (الإنجيل كما أوحي به إليّ) L’Évangile tel qu’il m’a été révélé

ترجمه إلى اللغة العربية: فيكتور مصلح… 

يمكن قراءة كتب ماريا فاتورتا مجاناً بالضغط على الرابط (هنا)