إيلده الغصين-
«رايحين إلى الاستيراد»، قال وزير البيئة فادي جريصاتي أمس، معلناً، ضمناً، عن اتفاق «سياسي» مع رئيس الحكومة سعد الحريري لفتح باب استيراد الرمل – لا البحص والإسمنت – استنادا الى دراسة أعدتها «إيدال» حول كلفة هذا الاستيراد وتأثيره. جريصاتي اعتبر في لقاء عقد في مبنى نقابة المهندسين في بيروت، أن «ضرر المرامل البيئي كبير جداً ويجب إيقافه، خصوصاً أن الأشجار المعمّرة تعيش على الرمل». استيراد الرمل سيتمّ «من سوريا ومصر، وحتى لو من الجزائر والمغرب كما يقترح عليّ البعض» قال الوزير، مشيراً إلى أن «بواخر الرمل ستفرغ حمولتها في طرابلس وبيروت وصيدا، لنكون عادلين مع المناطق كافة». العدل المناطقي – الطائفي في استيراد الرمل لا يبدو أنه سيسري على إمكانية استيراد الإسمنت تخفيفاً من أضرار صناعته. الوزير ردّ على سؤال «الأخبار» حيال التوجّه إلى استيراد الإسمنت على غرار الرمل، بالقول «شركات الإسمنت الثلاث موجودة معنا، والكل أصبح يعرف بالفارق بين سعر طن الإسمنت الذي تبيعه في لبنان والذي تبيعه في الخارج… لكن القرار بمنع استيراد الإسمنت اتخذته الحكومات المتعاقبة لحماية هذا القطاع والشركات، وهو قرار اقتصادي وسياسي لا علاقة له لا بالبيئة ولا بالوزارة(!)… علماً أن الشركات تحقق أرباحاً خياليّة. أما فتح المفاوضات مع الشركات لخفض السعر في الداخل وإلزامها بدفع الضرائب وفق مبدأ الملوث يدفع فهو من مهام الحكومة». وأضاف «مشروع القانون الذي أتقدم به إلى مجلس الوزراء وسيذهب إلى مجلس النواب يلحظ مبدأ الملوث يدفع، والشركات تعترف بالضرر البيئي لها (مثل صناعات أخرى) وعليها الدفع». جريصاتي شرح لـ«الأخبار» أنه يوافق على اقتراح دفن النفايات في المقالع، لأنها «فرصة يمكن الاستفادة منها بعد دراسة أرضيّة المقالع والمياه الجوفية وتأثيرها الجيولوجي»، إذ «يمكن تحويل لعنة المقالع إلى فرصة عبر تأمين حلّين، بطمر بقايا النفايات فيها وتحويلها إلى حدائق عامة». وعن موافقة مجلس الوزراء على سياسة الإدارة المتكاملة لقطاع محافر الرمل والأتربة والمقالع والكسارات التي اقترحها، من دون قدرة تياره السياسي على معارضة المهل الإدارية التي أقرها مجلس الوزارء مع الخطة، أجاب: «ثمة تضامن وزاري بعيد عن الشعبوية، أنا أؤيد أن تقرّ الحكومة مجتمعة المهل وليس وزيراً معيناً»، سائلاً: «هل يمكن إيقاف كل مقالع لبنان دفعة واحدة؟ لا خيار بديل طالما يوجد أكثر 1300 مقلع غير مرخص في لبنان، الحكومة أخدت قراراً شاملاً وليس لفئة محددة كما كان يحصل في السابق. فالتوقيت فُرض علينا عندما قررت وزيرة الداخلية (ريا الحسن) إيقاف العمل بالمهل الإدارية ونحن نحاول اللحاق لتأمين الحلول».
منع استيراد الإسمنت قرار اقتصادي وسياسي لا علاقة له لا بالبيئة ولا بالوزارة!
لقاء جريصاتي مع المهندسين جاء بطلب منه، وحضره قائد الدرك العميد مروان سليلاتي ونقيب المهندسين المعمار جاد تابت وأعضاء مجلس النقابة وممثلون عن شركات الإسمنت ومنتجي الباطون الجاهز وسواهم، وأدارته المهندسة سناء السيروان. اللقاء الذي عقد لطرح «خطة الوزير للمقالع والكسارات»، يمكن وضعه في إطار «استمالة» نقابة المهندسين لاستيراد الرمل وهي المعنيّة به. جريصاتي مهّد للحديث عن خطّته باعتبار «كل ترخيص مُنح من خارج المجلس الوطني للمقالع والكسارات فساداً إدارياً»، مشدداً على أن «المهل الإدارية هرطقة» وأن «المومنتوم انفرض عليي» للإسراع في معالجة وضع الكسارات والمقالع والمرامل. الوزير المستعجل لإيجاد الحلول، أعلن أن الـ«9 ملايين دولار في موازنة وزارتي غير كافية وما عندي مصاري»، لذلك طالب نقابة المهندسين بأن تكون «الشريك الاستراتيجي بكل إمكاناتها للمساعدة في التخطيط لتأهيل المقالع». إعادة تأهيل المقالع المفروض قانوناً على أصحابها، أراده جريصاتي بمساعدة النقابة والمموّلين وسواهم إذ «ماذا نفعل لتجليل شير مقلع ارتفاعه 1400 متر؟ أصحاب المقالع إذا كان لديهم استثمار بستة أشهر لن يتكفّلوا بتأهيل قد يساوي مئة ألف دولار!». جريصاتي سيرفض مطالبة بعض النواب بـ«خفض الكفالة المصرفية المفروضة على أصحاب مقالع حجر الزينة»، علماً أنها «باقية لأنها ذات ضرر أقل وهي استثمارات صغيرة».
المشكلة في استيراد الرمل من مصر «الأرخص من لبنان»، هو فرضها لضريبة 6 دولارات على الصادرات، «لكنني تواصلت مع الرئيس سعد الحريري، وسيزورنا وفد مصري الأسبوع المقبل لبحث الموضوع». لكن، «ماذا لو زعل أحد البلدان التي سنستورد منها؟» سأل الوزير، وأجاب «سيكون لدينا Plan B، عبر الإبقاء على منطقتين لاستخراج الرمول في لبنان، إحداهما في عرمتى، لكنها قريبة من محمية الريحان التي كنت بصدد التوقيع على اقتراح تحويلها إلى محمية طبيعيّة». جريصاتي فصَل بين الرمل والبحص وأهميّتهما، مفضلاً «الإبقاء على استخراج البحص». وشرح أن «مساحة 500 كلم مربع صالحة للمقالع في لبنان وهي تعادل نصف مساحته، لذلك ومع تطبيق القانون بشكل علمي تبقى مساحة 600 كلم ستكون ضمن المخطط التوجيهي الذي لا يشكّل ترخيصاً ومن المتوقّع أن يدخل الفرامة السياسية لإقراره». الوزير لفت إلى أن المخطط يلحظ السلسلة الشرقية كمنطقة للمقالع، ومنها «منطقة الطفيل (أراض يملكها المصرف المركزي) والقاع ورأس بعلبك (أراض للجمهورية اللبنانية)… واستثمار الدولة لأراضيها سيؤمن دخلاً للخزينة». حتى «في ما يخصّ الهرمل وآل جعفر تواصلت مع نواب حزب الله وأبدوا تجاوباً». وإزاء مطابقة الرمل المستورد للمواصفات اللبنانية، أشار الوزير إلى أنه «سيخضع لفحوصات في مصر ولبنان وسيكون مطابقاً لمواصفات ليبنور».
-الأخبار-