–التخفيضات على الزيادة وليس على اساس الراتب ربطها باسيل بعملية وقف الهدر والفساد
***
يا ليت الذين أطلقوا حملة مشبوهة مثل العادة على وزير خارجيتنا ورئيس تيارنا الوطني الحر وكتلة لبنان القوي النائب جبران باسيل، على خلفية موقفه أمس من الزيادات العشوائية على الرواتب خلال جولته في قضاء صيدا- الزهراني، وهو انتقد سياسة الدولة العامة وقصر نظرها قبل ان يوجّه نصيحة الى اللبنانيين طالبا منهم المساعدة لأنه “كلما قدمنا مشروعاً كبيراً يواجهوننا بأفكار صغيرة وهذا التخلف السياسي هو ما يجعلنا عام 2019 نتحدث بالكهرباء والسدود والنفط، في وقت كان يجب ان تتأمن هذه الخدمات الاساسية منذ العام 2010″، اما اقتطاع لجمل وافكار من نص طويل واخراجه من سياقه لتحوير الموقف واستغلاله لمآرب سياسية ضيقة، على حساب الناس والحقيقة فهو لن يمر هذه المرة، لأن مشاعر الناس وأمانهم وراحتهم ليست لعبة يستغلها هؤلاء المفبركين، في السياسة، ونصيحة للذين يتأثرون بالقيل والقال والاشاعات، ان راجعوا كلمة باسيل كاملة على “يوتيوب”، لتطمئنوا وتفشلوا أهداف المغرضين الذين يسوّقون هكذا شائعات لضرب معنوياتكم والاستفادة على “ظهوركم”.
ولكن لا يجوز ان نصدّق أيضا هذه الاخبار المبنية على اجتزاء لا بل تحريف الكلام، الذي قاله أمس باسيل واخراجه من سياقه، وهو أعلن وبوضوح من دون حاجة للاجتهاد، ان يجب على الدولة ان تخطّط وتأخذ بعين الاعتبار مالية الدولة، قبل اتخاذ قرارات حتى لو كانت هذه القرارات شعبية، فلا ترفع الرواتب بشكل عشوائي من دون أسس، ثم تعود بعد سنة لتخفيضها مجددا، لان هذه القرارات قد تؤدي الى الافلاس، وانتقد الدولة بسبب بعض القرارات المتخذة بشأن سلسلة الرتب والرواتب، من دون ان تتحمل مسؤوليتها بتأمين الموارد مسبقاً لتغطية الزيادات، والاهم انه قال ان يجب البدء بمعاشات الرؤساء التي هي خيالية ومن ثم الموظفين الكبار اي الفئة الاولى منهم، مشددا على ان إذا كان ضروريا ان نبدأ بالتخفيضات برواتب الوزراء والنواب اولا، فليكن، أي أنه بدأ بنفسه، وليس بالناس كما سوّق البعض، “ليتقبل الناس حينها تخفيض معاشاتهم” وفق تعبيره، التي ارتفعت بالمناسبة بشكل كبير ودفعة وحدة، موضحا ايضا ان الناس يجب ان تتحمل فقط “جزءا ضئيلا” من التخفيضات على الزيادات، وليس على أساس الراتب كما حاول ايضا البعض الايحاء من فحوى كلام باسيل، رابطاً هذه التخفيضات ايضا وايضا وقبل اجرائها حتى، بضرورة وقف الهدر والفساد، كما انه لم يذكر ابدا المواطنين الفقراء وذوي الدخل المحدود في كل كلمته.
إذاً يكفي جدلا بيزنطياً على “جنس الملائكة” ولنبدأ بتنظيم مالية الدولة وحساباتها، والتي لولا جهود التيار الوطني الحر وتكتل لبنان القوي وبالاخص الجهود التي تبذلها لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان، لما كان هناك موازنة بالاساس ولما كان هناك سياسات مالية للدولة اللبنانية، ووفق قانون المحاسبة العمومية، بل فوضى عارمة مالية، سادت منذ العام 2005 وحتى ال 2016، وربما حينها قد نصل الى نتيجة مشابهة لما مرّت به اليونان “الشقيقة”.