أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


الاحوال الشخصية تصدر قرارا خطيرا يسمح للأم المتزوجة من سوري إعطاء الجنسية لأولادها-نسيم بو سمرا

تعميم قرار رقمه 38 يشطب كلمة مولود غير شرعي ويسمح للام اللبنانية اعطاء مولودها الجنسية بادعائها جهل هوية الاب

***

مسموح للمرأة اللبنانية إعطاء جنسيتها لطفلها، في حال كانت تجهل هوية والده أو في حال حملت به خارج  الزواج! هذا هو فحوى القرار الجديد المفاجئ الذي أصدرته المديرية العام للاحوال الشخصية، وهذا برأينا يفيد النازحين السوريين بشكل خاص، ويصب في خانة التوطين بتشريع وضعهم القانوني في لبنان من خلال أولادهم، والى الابد.

هذا القرار الخطير الذي مرّ مرور الكرام من دون ان يثيره  أو يعترض عليه أحد، يؤدي الى تجنيس الاولاد السوريين في شكل خاص، وهنا تكمن خطورته، فالقرار  الذي عممته المديرة العامة للأحوال الشخصية  تحت رقم 38، في 26 آذار الماضي، وتؤكد فيه أن «عشرات» الأمهات اللبنانيات «العزباوات» أعطين أطفالهن جنسيتهن، وفق هذا «المنطق»، فيما تعزز التعاميم الصادرة عن المديرية أخيراً هذا الواقع. ورغم الإيجابية التي تنطوي عليها هذه التعاميم، إلا أنها تكرّس في الوقت نفسه التمييز بين اللبنانيين، إذ تحصر منح الأم جنسيتها لأولادها في حالة واحدة: أن يكون والد طفلها مجهولاً.

فقد أصدر المدير العام للأحوال الشخصية العميد الياس الخوري التعميم الرقم 38 يطلب فيه من مأموري النفوس «الأخذ في الإعتبار كرامة المواطن وخصوصية قيوده، وعدم إدراج أي ملاحظة غير مطلوبة إلّا إذا تعلّق الأمر بإجابة الطلبات الصادرة عن المراجع القضائية والأمنية». التعميم جاء بعدما تبيّن أن «عدداً كبيراً من مأموري النفوس لا يزال يضمّن بيانات القيد عبارات تؤدي إلى التمييز بين المواطنين أو الكشف عن أوضاعهم أو إفشاء وتظهير ما يتعلّق بحياتهم الخاصة للعلن دون مبرّر قانوني».

وورد في نص التعميم أنه معطوف على التعميم الرقم 7/2 تاريخ 19/1/2018 المتعلّق بعدم إدراج عبارة «مولود غير شرعي» في جميع بيانات الأحوال الشخصية، ما دفع الكثير من الناشطين وبعض وسائل الإعلام إلى الإعتقاد بأن التعميم متعلق بشطب هذه العبارة

رئيس دائرة نفوس جبل لبنان مادونا ماريا لحود أوضحت في اتصال مع «الأخبار» أن التعميم الرقم 38 يتعلّق بالتشديد على عدم تضمين ملاحظات تؤدي إلى التمييز، كتلك المتعلّقة بالتحوّل الجنسي وغيرها مما قد يتسبب بانتهاك حياة المواطنين الخاصة. أما التعميم بالإمتناع عن إدراج عبارة «مولود غير شرعي» فصدر منذ عام، ونصّ على استبدال عبارة «مولود غير شرعي» بـ«غير صالح لمعاملات الإرث»، على أن تُدرج عبارة «مولود غير شرعي» في خانة الملاحظات بناءً على طلب المراجع القضائية، وفي معرض النظر في الدعاوى الإرثية أو بناءً على طلب الإدارة.

إلغاء ممارسة جائرةالناشطة المحامية نايلة جعجع وصفت التعميم الجديد بـ«الإيجابي لجهة إلغائه ممارسة جائرة وغير قانونية تتمثل في تسجيل ملاحظة لا تفرضها القوانين». وشدّدت على أهمية أن تشكل هذه التعاميم خطوة نحو مزيد من الإصلاحات في الأحوال الشخصية، ومنها «اعتماد إجراءات تعفي تسجيل الطوائف تلقائياً تبعاً لطائفة الأب في دوائر النفوس، لكونه ينتهك أهم الحريات الخاصة، وعلى رأسها حرية المعتقد المطلقة».

خوري استند في تعميمه إلى القانون الرقم 541 (24 تموز 1996) الذي ينصّ على أنه «لا يجوز لدوائر النفوس والأحوال الشخصية التي تنظّم تذاكر الهوية وإخراجات قيد النفوس أن تذكر في هذه التذاكر أو الإخراجات أية عبارة تدلّ على أن من تعود له الهوية أو إخراج القيد هو مولود غير شرعي أو أنه غير معروف الأم والأب».

 

وقالت لحود إن خوري أصدر التعميمين «انطلاقاً من الحرص على تطبيق القانون الذي كان يتم تجاهله سابقاً، ولتغيير ذهنية التعاطي في أمور الأحوال الشخصية، بدءاً من تبسيط الإجراءات في المعاملات اليومية وتوزيع الصلاحيات وتعديل النماذج القديمة، وصولاً إلى تحسين العلاقة بين المواطن والمديرية، فضلاً عن الرغبة في منح المرأة اللبنانية جزءاً من حقوقها».

هل يعني ذلك أنه يمكن للأم اللبنانية تسجيل طفلها باسمها إذا كان مولودها «غير شرعي»؟ تجيب لحود بأنه يصعب توحيد هذا المفهوم في لبنان، حيث تختلف التعريفات بين الطوائف بشأن شرعية المواليد والإجراءات المطلوبة لاعتبار المولود شرعياً. فهذا المُصطلح، بحسب قانون الأحوال الشخصية للطوائف الكاثوليكية ولقانون تنظيم القضاء الشرعي والجعفري، يُطلق على المولود لأبوين أو والدين متزوجين في حال كانت الفترة بين تاريخ الزواج وتاريخ الولادة أقل من 181 يوماً (نحو ستة أشهر).خيار «الأم العزباء» متاح فقط للواتي يجهلن هويات آباء أطفالهن أو لا يعترف هؤلاء الآباء بهم.

رغم ذلك، تؤكد لحود أنّ «عشرات» اللبنانيات يسجّلن أبناءهن على أسمائهن بعد اتخاذ إجراءات للتأكد من عدم وجود «تحايل على القانون». وأوضحت أنه يمكن للأم اللبنانية أن تُسجّل مولوداً على اسمها «في حال أنجبته داخل أو خارج الأراضي اللبنانية ولم تكن مرتبطة بزواج، وشرط أن يكون والده مجهولاً. وعند تقدّمها للحصول على الوثيقة يتم الإيعاز إلى قوى الأمن الداخلي والأمن العام بإجراء التحقيقات اللازمة للتأكد من أنها ليست على علاقة جدية مع أحد، وأنها تجهل فعلاً هوية الوالد». وعزت هذه الإجراءات الى أن «المتزوجات من أجانب قد يلجأن الى هذه الحيلة لإعطاء أطفالهن الجنسية».

وفي حال أفضت التحقيقات الى الكشف عن أن الوالد لبناني يُسجل المولود باسمه إذا اعترف به، أمّا في حال لم يعترف به فيُسجّل باسم والدته. بهذا المعنى، يغدو خيار «الأم العزباء» متاحاً فقط للنساء اللواتي يجهلن هويات آباء أطفالهن أو اللواتي لا يعترف آباء أطفالهنّ بهم.

جعجع أسفت لأن «تكون الحالة الوحيدة التي يمكن للأم اللبنانية فيها أن تمنح جنسيتها لطفلها هو أن يكون والد طفلها مجهولاً، ووفق شروط تنسجم وذكورية قانون الجنسية وقوانين الاحوال الشخصية».لحود أشارت الى أن هدف المُديرية من التعاميم الحدّ من عدم تسجيل الأطفال، وتقليص أعداد مكتومي القيد، نظراً إلى أن كثيرات يتردّدن في التسجيل خوفاً من «وصم» مواليدهن بعبارة «مولود غير شرعي». إلا أن الأهم من ذلك، وفق جعجع، «هو السعي الى تعديل القانون لمساواة الطفل الطبيعي (المولود غير الشرعي) بالطفل الشرعي».