– يكفي أن نقول الحقيقة لنُكره
* ♱ *
يسوع يقول:
” إن نظري قرأ في قلب يهوذا الإسخريوطي. ما من أحدٍ يجب أن يعتقد بأن حكمة الله لم تكن قادرة على فهم هذا القلب. إنما كان يلزم ذلك، كما قلت لأمي. الويل له لأنه كان الخائن!
إنما كان يلزم خائن. لقد أحسن فرض نفسه على الجميع، ملؤه رياء، مكر. جشع، شبق، سارق، وذكي ومتعلّم أكثر من عامة الناس. كان يمهِّد لي الدرب، جسوراً، حتى لو كانت صعبة. كان يُحبّ خصوصاً الخروج من الصف ويُعلي شأن موضع إنتمائه قربي. خدوميته لم تكن تأتي من المحبة الغريزية، بل كان فقط ما تدعونه “شاطراً“.
كان يسمح له ذلك بالإحتفاظ بكيس المال وبالإقتراب من النساء. وهما أمران كان يُحبّهما على نحو جامح، مع الثالث: منصبه البشري.
إن المرأة النقيّة، المتواضعة، المترفعّة عن الثروات الأرضية، لم تكن تستطيع عدم الإحساس بقرفٍ من هذه الحيّة. أنا أيضاً، كنت أُحسّ بقرفٍ منه. أنا وحدي، والآب، والروح، نعلم أيَّ جهودٍ إضطُرِرت الى أن أُعانيها لأتمكّن من تحمُّله قربي. لكنني سأشرح لك ذلك مرة أخرى.
لم أكن أجهل كذلك عدائية الكهنة، الفريسيين، الكتبة والصدوقيين. فقد كانوا ثعالب ماكرة تسعى إلى دفعي إلى حجرها لتمزيقي. كانوا جائعين الى دمي. وكانوا يسعون إلى نصب أفخاخٍ لي في كلّ مكانٍ لإحتجازي، لإمتلاك سلاح الإتهامات، لإزالتي. طويلةٌ كانت المكيدة خلال 3 أعوام، ولم تسكن إلا حين علموا بأنني مت. ذاك المساء، ناموا سعداء. صوت مُتَّهِمهم كان خمد نهائياً. كانوا يتصوّرون ذلك. لا، لم يكن قد خمد. هو لن يخمد أبداً ويُرعد، يُرعِد ويلعن اشباههم اليوم. كم من آلامٍ عانت أمي بسببهم! وهذا الأم، لن أنساه أنا.
أن يكون الجمع متقلباً، فلم يكن ذلك أمراً جديداً. انه الوحش الي يلحس يد المروِّض، إذا كان مسلّحاً بالسوط أو إذا قدّم له قطعة لحمٍ ليُهدِّئ جوعه. إنما يكفي أن يقع المروّض ولا يتمكّن من إستخدام السوط، أو لا يعود يملك فريسة ليُشبعه، لينقضّ عليه ويمزقّه. يكفي أن نقول الحقيقة ونكون طيّبين ليكرهنا الجمع بعد لحظة الحماس الأولى. الحقيقةُ تأنيبٌ وتحذير… من هنا يأتي “أُصلُبه” بعدما قيل “هوشعنا”. إن حياتي ملأى بهذين الصوتين. والأخير كان “أصلبه”… إن مريم سمعت مجدداً فيها، مساء الجمعة العظيمة، كلّ الهوشعنات الكذابة، وقد غدت صيحاتٍ موتٍ لإبنها، ولبثت محطّمة بها. ذلك ايضاً لا أنساه.
إنسانية الرسل! كم هي كبيرة! كنت أحمل على ذراعيّ كتلاً يجذبها ثقلها نحو الأرض، لأرفعها نحو السماء….
الإنجيل كما كُشف لي أو قصيدة الإنسان – الله للرائية ماريا فالتورتا ، ( المجلّد 9 ، الآلام – ص: 11-12-13 ؛ ترجمة اسكندر شديد)