رجّح باحثون أميركيون “أن تشهد العلاقات الأميركية التركية خلافات عميقة مع تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الحكم”، معتبرين “أن مواقف ترامب في عدد من الملفات الاقليمية وكذلك مواقف معاونيه المعادية لـ”الاخوان المسلمين” من شأنها أن تؤدي الى توتير العلاقات بين واشنطن وأنقرة.
من جهة أخرى، كشفت صحف أميركية بارزة عن وجود انقسام حاد داخل الحزب الجمهوري حول الشخصية التي ستتولى منصب وزير الخارجية في ادارة ترامب المقبلة.
انقسام جمهوري حول خيار منصب وزير الخارجية في ادارة ترامب
بدورها، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تقريراً سلطت فيه الضوء على صراع يجري داخل الحزب الجمهوري حول الشخصية التي ستتولى منصب وزير الخارجية في ادارة ترامب، موضحة “أن هذا الصراع يدور بين مؤيدي المرشحين البارزين لتولي هذا المنصب وهما عمدة نيويورك السابق “Rudolph Giuliani” والمرشح الجمهوري السابق للرئاسة الاميركية “Mitt Romney”.
وفي معرض عرضه للخلاف، لفت التقرير الى أن كلا الفريقين يحاول التأثير على اختيار ترامب للشخصية التي ستتولى هذا المنصب، مضيفاً “إنه من المستبعد أن يتم هذا الاختيار قبل الاسبوع المقبل على أقل تقدير”.
ورأى التقرير “أن الانقسام هذا يعكس الخلاف العام داخل الحزب الجمهوري بين شخصيات تابعة للمؤسسة سخرت من فرص فوز ترامب بالانتخابات من جهة، وشخصيات دعمت ترامب على أساس أنه سيغير تركيبة المؤسسة في واشنطن من جهة أخرى.
كما كشف التقرير “أنّ ترامب قال لمعاونيه إن “Romney” سيكون اختيار جيد لمنصب وزير الخارجية، لكنه ايضاً تحدث بايجابية عن “Giuliani” خلال لقاءات اجراها مؤخراً”، ولفت التقرير الى أن الانقسام حول الرجلين قد فتح الباب لمرشح آخر وهو الجنرال في قوات “المارينز” “John Kelly” الذي كان قائد القيادة الجنوبية بالجيش الاميركي”.
ونقل التقرير عن مصدرين اثنين مضطلعين “أن من بين الاسماء الاخرى المطروحة لتولي منصب وزير الخارجية مدير “ال-CIA” السابق “David Petraeus” والسيناتور “Bob Corker””، مضيفاً “إن شخصيات جمهورية مثل رئيس مجلس النواب الاميركي السابق “Newt Gingrich” وحاكم ولاية “Arkansas” السابق “Mike Huckabee” أعربا علناً عن معارضتهما لاختيار “Romney” كوزير للخارجية”، لافتاً في الوقت نفسه الى أن “Giuliani” هو الخيار المفضل لدى الناخبين الجمهوريين الذين صوتوا لصالح ترامب.
الا أن التقرير أشار الى المخاوف التي أثيرت بسبب علاقات “Giulianni” التجارية مع دول أجنبية وتلقيه أموالا من جماعة منافقي “خلق” الارهابية، ما دفع بمعاوني ترامب الى وضع خطة احتياطية تمثلت بلقائه مع “Romney”.
خلافات عميقة قد تكون بانتظار العلاقات الاميركية-التركية في عهد ترامب
وفي سياق آخر، كتب الباحث الأميركي “Steven Cook” مقالة نشرتها مجلة “Politico” أشار فيها الى الترحيب الحار الذي وجده انتخاب دونالد ترامب في تركيا، لافتاً الى أن الصحف التركية المقربة من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان تحدثت بلغة تفاؤلية عن انتخاب ترامب.
الا أن الكاتب رجح “أن يكون هذا التفاؤل التركي في غير محله، اذ إن مواقف ترامب حيال ملفات مثل سوريا والعراق وكذلك الاسلام تتعارض ومصالح تركيا وتتعارض أيضا مع مواقف اردوغان الدينية” وفق قوله.
وفيما يخص العراق، وبينما شدد الكاتب على انه ما من شك بأن ترامب يريد محاربة “داعش” هناك، نبه في الوقت نفسه الى انه لا يبدو بأن الرئيس الاميركي المنتخب سيقوم بأي شيء سوى ذلك، وبالتالي لا يمكن للاتراك أن يعولوا على ترامب فيما يخص ممارسة الضغوط السياسية من أجل منع تجزئة العراق.
وحذر الكاتب من أن ذلك ليس نبأ ساراً بالنسبة للاتراك، اذ تقتضي المصلحة التركية وجود عراق موحد ومستقر، على حد تعبير الكاتب.
وحول سوريا، نبّه الكاتب الى أن تنفيذ ترامب لكلامه عن التعاون مع روسيا قد يعني بأنّ سوريا ستشكل نقطة خلافية أخرى بين واشنطن وأنقرة، حيث أشار الى أنّ التعاون الروسي-الاميركي في سوريا قد يعني تقاسم الادوار بحيث يركز الجيش الاميركي على محاربة “داعش” بينما تواصل القوات الروسية مساعيها للقضاء على الجماعات الاخرى المعادية للحكومة السورية، وبالتالي -وفق الكاتب- فإنه وفي مثل هذه الظروف سيبقى الرئيس بشار الأسد في الحكم حتماً، وهو ما يشكل نكسة كبرى لتركيا.
ثم تطرق الكاتب الى مواقف ترامب ومعاونيه حيال ما أسماه “الدين الاسلامي”، حيث أشار الى أن الشخصيات التي عينها ترامب في مناصب الامن القومي، اضافة الى مشاعره الشخصية المعادية للاسلام انما تفيد بقوة بأن أميركا ستكون عما قريب في حرب مع ما يصفه الرئيس الاميركي المنتخب “بالارهاب الاسلامي الراديكالي” على حد تعبيره.
وقد لفت الكاتب الى ان استخدام كلمة “إسلامي” بدلاً من “إسلاموي” يمثل تغييرا كبيرا في الخطاب بحيث يركز على الاسلام كدين بدلاً من أن يركز على الذين يستغلون اسم الاسلام من أجل تحقيق اهداف سياسية.
وتابع الكاتب “إن الشخصيات المحيطة بترامب يكنون العدائية تجاه حركة “الاخوان المسلمين””، منبهاً الى أن ذلك ايضاً ليس نبأ ساراً لتركيا كون أردوغان هو الذي أعطى ملاذا آمناً للاخوان بعد الانقلاب عليهم في مصر عام 2013″، وأشار الى أن اردوغان أعطى لـ”الاخوان المسلمين” منبراً اعلامياً سعوا من خلاله الى تقويض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي ينظر اليه اليمين الاميركي بصورة ايجابية”.
بناء على كل ذلك، رجّح الكاتب أن تشكل ادارة ترامب “المعادية للاخوان المسلمين” تحديات لحزب “العدالة والتنمية”.
وتابع الكاتب “يبدو أن هناك اعتقاداً سائداً لدى مستشاري ترامب وكذلك لدى مؤيديه ولدى شخصيات من التيار “المحافظ” في أميركا يرى في الاسلام ايديولوجيا وليس دينا”، مشدداً على “أن ذلك ايضاً سيكون موضع خلاف مع تركيا”.
وأضاف الكاتب بأنه سيكون من الصعب لأردوغان أن يحافظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة في حال أجبر المسلمون في أميركا على تسجيل أسمائهم عند الحكومة أو في حال حرموا من حقوقهم الدستورية لجهة حرية العبادة وحرية التعبير.
المصدر: العهد