استكمل مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد جولته في لبنان، بعدما وصل قبل يومين في زيارة اتخذت بداية طابعاً سرياً. واللافت أنه استهلها بلقاء وزراء القوات اللبنانية الأربعة (غسان حاصباني، ريشار قيومجيان، كميل بو سليمان، ومي شدياق). صحيح أنّ الوزيرة فيوليت الصفدي والوزير السابق محمد الصفدي، كانا حاضرين، لكنّ الأساس هو في «رمزية» افتتاح الزيارة للبنان بلقاء الحزب الرئيسي (القوات اللبنانية)، الذي يُعوّل عليه الأميركيون لتنفيذ سياستهم في البلد.
زيارة ساترفيلد أتت تحضيرية قبل جولة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في المنطقة، وهي ستشمل لبنان وفلسطين المحتلة والكويت، كما أُعلن رسمياً أمس. لكنّ وجود ساترفيلد أكّد أيضاً التناقض في السياسة الأميركية تجاه لبنان. فمن جهة، لا يتوقف المسؤولون في الإدارة الأميركية عن تأكيد نيتهم الحفاظ على «الاستقرار في لبنان»، ومن جهة أخرى، يستمرون في سياستهم التحريضية، وفي سعيهم إلى فرض سياستهم على العلاقات الخارجية للبنان. خلال لقاءاته أمس مع الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، والنائب السابق وليد جنبلاط، وما سبقها، كان الموفد الأميركي يعيد النغمة ذاتها: تحذير من التعامل مع إيران ومع حزب الله «الإرهابي».
تقول مصادر مطلعة إنّ لهجة ساترفيلد «كانت مرتفعة وحادّة، في الحديث عن إيران وحزب الله». لم يفرض أوامره على السياسيين الذين التقاهم، «بل استخدم لغة التحذير، مُتحدثاً عن أنّ العقوبات تجاه حزب الله ستزيد». تعتقد الولايات المتحدة أنّها بهذه الطريقة، تُضيّق الخناق أكثر على حزب الله، وتُسبّب له الإزعاج داخل البيئة اللبنانية من أجل تقويض حركته.
وكان ساترفيلد قد اعتبر عقب لقائه سامي الجميّل أنّ «لبنان عانى طويلاً جرّاء صراعات وإيديولوجيات رُوجت على أرضه من الخارج. هذا الوضع عليه أن يتغير ولا بدّ من اتخاذ قرارات جدية في هذا الإطار. فالأحزاب في لبنان فاعلة، ولا بدّ أن يكون هناك تحرّك وطني في هذا الاتجاه، والولايات المتحدة ستبذل كلّ ما في وسعها لدعم خيارات لبنان الوطنية». أما نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني، فقال في حديث إذاعي إنّ «زيارة ساترفيلد تبدو كأنها زيارة متابعة وسيكون هناك لقاءات رسمية بحيث سيتابع المسؤول الاميركي شرح الموقف الأميركي والقرارات الأميركية التي ستتخذ… الولايات المتحدة مهتمة جداً باستقرار لبنان (…) وبحماية النظام المالي من العقوبات».
سيُعقد اجتماع بين لبنان وقبرص واليونان في نيسان المقبل لبحث قضية النفط
ولا تستبعد المصادر أن يكون أحد أهداف زيارة ساترفيلد، ومن بعده بومبيو لبيروت، بحث ملفّ الحدود البحرية والغاز اللبناني. وتُفيد مصادر أخرى، في هذا الإطار، عن إعادة تنشيط الاتصالات مع قبرص من أجل إنهاء قضية حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بينهما، التي بدأت عام 2007. السبب في إعادة إثارة الموضوع، توقيع إسرائيل رسمياً الاتفاق مع اليونان وقبرص وإيطاليا، من أجل تصدير الغاز من الأراضي المحتلة إلى أوروبا. حصل ذلك قبل قرابة عشرة أيام، والاتفاق سيكون بإشراف الاتحاد الأوروبي. الهمّ الأساسي في لبنان، كان معرفة إن كان الأنبوب يمرّ في الأراضي اللبنانية، التي تعتبرها إسرائيل متنازعاً عليها. وتُفيد المصادر عن تواصل حصل بين وزارة الخارجية اللبنانية والجانب القبرصي لبحث الخطوات المقبلة. وقد برز عندها «استعجال» قبرصي، وضغوط على لبنان من أجل الانتهاء من تحديد المنطقة الاقتصادية المشتركة، «أو على الأقل أن نوقّع بالأحرف الأولى». وسيُعقد لهذه الغاية، اجتماع ثلاثي بين لبنان وقبرص واليونان في نيسان المقبل.
-الأخبار-