تواجه الحكومة اليوم اختبارها الاول المتمثل بتجدد الخلاف حول ملف النازحين السوريين بعد زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب الى سورية، إذ يعتزم وزراء القوات اللبنانية إثارة هذا الموضوع في جلسة مجلس الوزراء اليوم والاعتراض على خرقين لسياسة النأي بالنفس، بحسب مصادر القوات، وهما زيارة الغريب الى دمشق وتصريحات وزير الدفاع الياس بو صعب في مؤتمر ميونيخ للأمن. إلا أن أيّ نفي لم يصدر عن رئاسة الحكومة لكلام الغريب بأن الزيارة منسّقة مع رئيس الحكومة سعد الحريري، ما يعكس موافقة حريرية ضمنية وعلى أنها توجه حكومي وليست عملاً انفرادياً لوزير معين، كما يُخفي توافقاً سياسياً ووطنياً خصوصاً بين القوى الأساسية المكوّنة لمجلس الوزراء على تغيير أداء الحكومة السابقة في هذا الملف ووضع سياسات جديدة لحل أزمة النازحين بأسرع وقت ممكن.
وعلمت «البناء» أن مسعىً يجري بين رئيسي الجمهورية والحكومة لإخراج الزيارة وتفاعلاتها من دائرة التجاذبات السياسية وتجنّب طرحها في مجلس الوزراء كي لا توتر الأجواء وتؤثر على انطلاقة الحكومة في ما يتعلق بالملفات الاقتصادية والحياتية، وبالتالي الاكتفاء بتحفظات بعض الجهات كالقوات وحصر كل ما له علاقة بملف النازحين بالرئيسين ميشال عون وسعد الحريري والوزير المعني».
وقالت مصادر الحزب الديموقراطي لـ»البناء» إن الوزير الغريب لم يذهب الى سورية انطلاقاً من خلفياته السياسية أو الحزبية، بل بمعرفة أركان الدولة ولتنفيذ البيان الوزاري، وتساءلت: إذا كان البعض يعتبر بأن لا توافق حكومياً ووطنياً على التواصل مع سورية في ملف النازحين فلماذا تم تخصيص وزارة للنازحين ووزير معروف الانتماء السياسي؟
وإذ استبعدت مصادر الحزب الاشتراكي أن يصدر موقف من قيادة الحزب أو من اللقاء الديموقراطي حيال زيارة الغريب الى سورية، أوضحت المصادر لـ»البناء» أن «أي تعليق لن يصدر إلا من جهة رسمية في الحزب كما لن يصدر موقف في جلسة الحكومة اليوم بانتظار موقف رئيسها من الزيارة وما اذا كانت فعلاً منسقة معه، كما يقول وزير الدولة لشؤون النازحين أم لا»، ولفتت الى «أننا حتى الآن لا زلنا على موقفنا ضد زيارة أي مسؤول رسمي الى سورية انطلاقاً من أن الحكومة هي التي تحدّد السياسة الخارجية للدولة، ومن التزامنا بسياسة النأي بالنفس في البيان الوزاري، وأيضاً كي لا يصبح لكل وزير سياسة خاصة داخل وزارته»، إلا أن مصادر مراقبة توقفت عند صمت رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط من الزيارة وهو المعروف بمواقفه العدائية لسورية وقيادتها!
وترى مصادر في الحزب الديمقراطي لـ»البناء» أن «جنبلاط يلتزم سياسة النأي بالنفس عن الملفات الخلافية ولم يعد باستطاعته الدخول في صراعات ومعارك لا سيما مع رئيسي الجمهورية والحكومة ولا مع حزب الله وسورية، فبعد تأليف الحكومة وجد نفسه وحيداً في المعركة بمواجهة الأطراف كافة إلا من حلفائه في القوات، ولذلك يعمل على إزالة وزر الملفات عن كاهله».
ولفتت الى أن «هذا يؤكد بأن جنبلاط لم يعُد يشكل بيضة القبان في المعادلة السياسية الداخلية، إذ لا يملك سوى وزيرين في الحكومة».
وإذ لا تزال أوساط رئيس الحكومة تنفي علمه بالزيارة، ووصفها بالزيارة الخاصة، بدا واضحاً الإحراج الذي يعاني منه الحريري إزاء الملفات ذات الحساسية السياسية كملف النازحين وتعرّضه للضغط الدولي والاقليمي الدائم، إذ سبق للمسؤولين الأميركيين أن قالوا إن الحكومة وقراراتها ستكون محل متابعة دقيقة من الولايات المتحدة، فضلاً عن الضغوط الخليجية، وكان لافتاً توقيت زيارة السفيرة الأميركية في بيروت للسراي الحكومي وتصريحاتها منها ضد حزب الله، حيث جاءت بعد زيارة الغريب الى دمشق.
-البناء-