حسان الحسن-
لا شك ان مسار الاحداث الميدانية والسياسية في سوريا اصبح على نار حامية لجهة الحسم، وحيث تتداخل المعطيات المتعلقة بالانسحاب الاميركي المرتقب من شرقها، مع المعطيات المتعلقة بقرار نهائي قريب ( روسي – تركي – ايراني – سوري ) لانهاء وضع ادلب بشكل نهائي، تبقى الامور بخواتيمها استنادا لكيفية تنفيذ وإخراج القرارين: الانسحاب الاميركي وتحرير ادلب.
فرغم كثرة الأخبار والمعلومات التي تتناقلها وسائل الإعلام عن قرب بدء إندلاع معركة إستعادة محافظة إدلب في الشمال السوري الى كنف الشرعية، ورغم عودة بث معزوفة “إستخدام السلاح الكيماوي المبتذلة” في الريف الإدلبي، وتجهيل الفاعل، في محاولةٍ لاستدراج تدخل خارجي ضد الجيش السوري، غير أنه لا مؤشرات فعلية، على دنو ساعة الإجهاز على أكبر معاقل الإرهابيين وآخرها في الجارة الأقرب، في إنتظار ما سيتبلور من نتائج عملية عن القمة الثلاثية التي إنعقدت في مدينة سوتشي جنوبي روسيا، حول سوريا، بين رؤساء روسيا فلاديمير بوتين وإيران حسن روحاني وتركيا رجب طيب أردوغان، مع التركيز على الوضع في محافظة إدلب شرقي البلاد، بحسب الإعلام الروسي.
صحيح ان الرئيس بوتين قد شدد على هامش إنعقاد هذه القمة، على ضرورة إتخاذ الإجراءات اللازمة، لإنهاء بؤرة الإرهاب في إدلب، والقضاء عليها، مؤكداً أنه لا يمكن التسامح معها ، ولكن تعقيباً على ذلك ، تشكك مصادر في المعارضة السورية في صدقية أي خبر يتناول الوضع في إدلب، قبل إتخاذ تركيا قراراً بدخول المعركة على حدودها من الجهة الغربية، في سياق عملية سورية – روسية – تركية، لإنهاء الوضع الشاذ في المحافظة المذكورة، ثم عودتها الى السيادة السورية. وتجزم المصادر بأنه لن يُكتب النجاح لأي عمل عسكري لإقتلاع “جبهة النصرة” الإرهابية وأعوانها من إدلب، بدون التنسيق مع السلطات المعنية في أنقرة.
وتتابع مصار المعارضة السورية : “لا بد من التقارب السوري – التركي في المرحلة المقبلة، من أجل إنهاء سيطرة “جبهة النصرة” الإرهابية، وملحقاتها على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، المحاذية لتركيا، فلاريب ألا مصلحة تركية ببقاء منظمة مصنفة دولياً بأنها إرهابية منتشرة على حدودها، لأنها تشكل خطراً على أمنها القومي، خصوصا بعدما أضحت خارج قواعد الإستخدام والاستغلال من قبل اية جهة خارجية، وذلك بعد فشل الحرب الكونية على سورية والتي كانت تهدف الى إسقاط الدولة فيها”.
وعن المصير الذي ينتظر الإرهابييون في حال إندلاع هذه المعركة، تشير مصادر ميدانية عليمة إلى أن المحافظة المذكورة، تشهد يومياً تصفيات متبادلة بين التنظيمات المنتشرة في تلك البؤرة. ولا تستبعد أن تكون عمليات التصفية هذه، تدخل ضمن عملية او مناورة إستخباراتية خارجية، تأتي كأول الغيث لحل التنظيمات الإرهابية، على حد تعبيرها.
وفي شأن الأجانب منهم، ترجح المصادر عبور الإرهابيين من حملة الجنسيات الأوروبية من سواها الى تركيا، والى الدول الأوروبية، في شكلٍ إفرادي، مؤكدةً أنه لا يمكن ضبط حركة تنقل الإرهابيين بين الدول، كذلك ان أنشطة هؤلاء الإرهابيين، لن تتحرك في أي دولة، إلا بتوجيه إستخباراتي، أي بأمر عملياتٍ خارجيٍ، في معظم الأوقات، ودائماً برأي المصادر.
أما في شأن الإرهاربيين السوريين، فتحديد مصيرهم، ستنظر فيه الحكومة السورية، بالتشاور مع الدول المعنية في الأزمة، بحسب المصادر عينها.
وعن إنسحاب الإحتلال الأميركي المرتقب من الأراضي السورية، أكدت المصادر المعارضة المذكورة أعلاه جدية هذا الإنحساب، وأنه يأتي في سياق الخطة الإستراتجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب في سورية، وهي عدم الإنخراط الفعلي في الحرب السورية، بالتالي الإنسحاب من سورية، باستثناء قاعدة التنف في المدى المنظور، لما لها من أهمية عسكرية، كونها واقعة على مثلث حدودي بين سورية والعراق والأردن.
وفي شأن ملء الفراغ الذي سيخلفه هذا الإنسحاب، ترجح المصادر فرضية تكرار “سيناريو منبج” أي تثبيت نقاط عسكرية للجيش السوري على مداخل المناطق التي قد ينسحب الإحتلال الأميركي، على أن تتولى اللجان المحلية من المكون الكردي وسواه مهمة الأمن الداخلي في داخل هذه المناطق، تختم المصادر.
في المحصلة، لا يمكن القول الا ان سورية اصبحت على مقربة وشيكة من التغلب على الحرب الكونية التي شُنَّت عليها، ونحو إستعادة كامل التوازن السياسي والعسكري والامني، وهي تسير خطواتها النهائية نحو الاستقرار والحياة الطبيعية، ونحو العودة الى واجهة الدول العربية والاقليمية كدولة مستقلة ذات سيادة على كامل اراضيها.
-موقع المرده-