عَ مدار الساعة


لنستغل ذكرى 14 شباط للتفكّر واحترام كل شهداء لبنان من بشير الجميل الى رفيق الحريري- نسيم بو سمرا

واجب علينا تكريم كل شهدائنا او عدم التعرض لهم على الاقل اذا كنا نختلف معهم

***

هي لحظة تفكّر يجب ان يستغلها اللبنانيون غداة ذكرى 14 شباط، ذكرى اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وبخاصة بعد ما سبقها عشية الذكرى من سجال اندلع في جلسة الثقة في مجلس النواب، حول الرئيس الشهيد بشير الجميل، فبناء الوطن وتحصينه لا يتمّ من دون احترام بعضنا البعض كلبنانيين وتقبّل اختلافاتنا، وبالتالي مراعاة شعور بعضنا البعض وتكريم رموز بعضنا البعض بشكل طبيعي، لا يجب أن يتطلّب منا جهداً وتعباً حتى، فلكل منّا أبطاله وشهداؤه و تاريخ ينظر اليه بفخر وعزّة، على أن ننجح في جمع تنوعنا هذا في بوتقة وطنية واحدة، بما يصب في النهاية في اطار الوحدة الوطنية؛ فبناء الوطن لا يتم من دون تكريم شهداء لبنان كل شهداء لبنان، الذين نتفق معهم بالرأي او الذين نتعارض معهم بالتوجه، فكل شهيد مدني كان او عسكري، سياسي او مسؤول، رئيس جمهورية او رئيس حكومة، سقط لاجل قناعته والقضية التي يقاتل من أجلها، هو شهيد الوطن، لا فقط شهيد حزبه او طائفته، بدءا بالشهيد الرئيس بشير الجميل وصولا الى الشهيد دولة الرئيس رفيق الحريري الذي أحيى اللبنانيون أمس ذكرى استشهاده، وما بينهما، وكل الشهداء ما قبل بشير الجميل الى ما بعد رفيق الحريري، وكل من سيسقط مستقبلا دفاعاً عن لبنان، هؤلاء جميعاً، من واجبنا الوطني تكريمهم، وإلاّ عدم التعرض لهم على الاقل اذا كنا غير مقتنعين بشهادتهم.

الشهيد الرئيس بشير الجميل

اما بالعودة الى موضوع الرئيس الشهيد بشير الجميل، فهو رئيس جمهورية لبنان السابع بعد الاستقلال، وهذا تاريخ لا يمكن لأحد في لبنان التنكّر له، فمهما كانت ظروف وصوله الى الرئاسة،  يبقى الواقع ان اغلبية نواب لبنان انتخبوه بشكل دستوري وشرعي تحت قبة البرلمان اللبناني، فمن أصل 66 نائباً حضر الجلسة حينها، اقترع له 58 نائبا ومن كل الطوائف، 5 منهم فقط وضعوا ورقة بيضاء. إذاً من الناحيتين الدستورية كما السياسية، بشير الجميل هو رئيس لبناني، وبناء عليه لا يجوز المس به مهما كان الاختلاف البعض معه وتقييمهم المختلف عن المرحلة السائدة في ذلك الوقت. لذلك فلنوقف هذا النقاش غير المجدي والذي يفتح جراح الحرب، وبخاصة ان بشير الجميل تحوّل الى رمز للمقاومة المسيحية بعد استشهاده، ولديه مؤيدين من كل الطوائف ايضا وبخاصة أولئك الطامحون الى بناء دولة قوية ونظيفة، كما كان مشروع بشير؛ فبماذا يفيد ان نفتح دفاتر الحرب اللبنانية، ونبدأ بتخوين بعضنا البعض؟ وهي حرب وسخة تورّط فيها الشعب اللبناني غصباً عنه في البداية صحيح، ولكن قسماً منه أبدع بالاجرام لاحقا ضد أخوته الاخرين في المواطنية، على خلفية طائفية مذهبية مقيتة، واذا كانت حجة البعض ان التخوين مسموح لأن بشير الجميل وصل الى قصر بعبدا على دبابة اسرائيلية، فنحن أيضاً يمكننا ان نخوّن الكثير من الافرقاء والرؤساء لأن بعضهم وصل الى بعبدا على دبابة سورية وآخر على دبابة سعودية.

عدا هذا المنطق، فلنذهب بعملية فتح الدفاتر لجميع المشاركين في الحرب اللبنانية، لربما حينها يحصل مصالحة حقيقية بين اللبنانيين والتي كان يجب ان تحصل في ال 1990. إنّ تنقية الذاكرة لا تتمّ من دون المصارحة لتحصل بنتيجتها المصالحة، لربما بذلك نضيف تفاهماً وطنيا عريضا يسجّل في تاريخ لبنان، الى جانب التفاهم التاريخي المشرّف بين التيار الوطني الحر وحزب الله، الذي وقّع عليه الفريقان في كنيسة مار مخايل، فشكّل جسرا بين الطوائف والمذاهب والأحزاب، وأدّى الى إزالة متاريس الحرب من النفوس على امتداد خارطة الوطن، ما أرسى السلام الداخلي بين اللبنانيين وحصّن لبنان من أي حرب أهلية مقبلة، يمكن ان تطل برأسها، على المديين المنظور والمتوسط، كما البعيد بإذن الله.