– مقدمة نشرة اخبار otv – الاحد 10 شباط 2019
***
زار دايفيد هيل لبنان , ردت ايران بارسال رأس الحربة الديبلوماسية وصانع الاتفاق النووي محمد جواد ظريف . مهد السيد نصرالله في اطلالته الاخيرة لهذه الزيارة : دواء وكهرباء وسلاح . لكن الانزال الايراني في بيروت ابعد من دواء كهرباء وحتى سلاح تعلم طهران ان بيروت لن تخاصم واشنطن ولن تخوض معركة معها من اجل سلاح ايراني وهي – اي بيروت – سبق ان ردت موسكو خائبة في السلاح وعوضت عنها في التنقيب عن الغاز والنفط وربما اكثر في المستقبل . فهل سيكون مقبولا من ايران ما كان مرفوضا من روسيا . لا يأتي ظريف الى لبنان لاستجرار الكهرباء وتصنيع الدواء وتوريد السلاح . هذه عناوين وليست مضامين . بيروت عند طهران اصبحت بمثابة بغداد ودمشق وصنعاء وربما اهم . محور المقاومة والممانعة لا يقف عند السلسلة الشرقية والحدود الجنوبية بل يربط طهران بالضاحية عبر اوتوستراد الممانعة السريع من زاغروس الى طوروس ومن الحديدة الى جديدة يابوس . يأتي ظريف الى بيروت قبل ايام على تجمّع وارسو الاميركي الخاص بمواجهة التوسع الايراني ما يعني ان لبنان بات ساحة مواجهة اميركية – ايرانية مفتوحة . النأي بالنفس الذي سيتكرر في البيان الوزاري لحكومة العهد الاولى لن يكون هذه المرة بين ايران والسعودية او بين سوريا وخصومها بل نأيا بالنفس عن النزال الاميركي – الايراني الاتي والحرب بالواسطة بين حزب الله وخصوم ايران على الساحة اللبنانية . يأتي ظريف الى لبنان في زيارة هي الثانية له في عهد الرئيس العماد ميشال عون والاولى لمسؤول ايراني رفيع بعد تشكيل الحكومة الجديدة وبعد مباشرة اعادة التموضع الايراني في سوريا والانتشار السياسي المطلوب لها ولحلفائها بعد اعلان الحرب المالية – النفطية – العقابية الاميركية عليها . كان ظريف اول المهنئين بانتخابات رئاسة الجمهورية في تشرين الثاني من العام 2016 وهو اول المهنئين بتشكيل الحكومة الجديدة في شتاء 2019 . جاء دايفيد هيل مهتما بشكل الحكومة العتيدة وجاء ظريف مهنئا بالحكومة الجديدة ولحزب الله فيها كلمة مسموعة ويدا طولى وصحة موفورة وانفاق محفورة . اللافت في الشكل غياب لبنان الرسمي عن استقبال ظريف في المطار ما خلا وجود مسؤولة في الخارجية والذي عوضته – وبقوة – الثنائية الشيعية التي تقدمها وزير حزب الله محمود قماطي ونائب امل علي بزي وحشد شيعي اوحى وكأن الزيارة مقتصرة على حارة حريك او عين التينة .
في المحصلة , الاشكاليات التي ترافق الزيارة اهم من الشكليات , وظريف ليس بالمسؤول العادي ولا بوزير خارجية عابر . وليس ادل على الترددات والتوترات التي احدثتها وستحدثها زيارته سوى مسارعة الجامعة العربية الى ارسال امينها العام الى بيروت ومبادرة الرياض الى ايفاد نزار العلولا في الايام القليلة المقبلة بعد ان يكون ظريف زار بعبدا وعين التينة والسراي الحكومي بعد عودة الحريري من الامارات . مهندس الاتفاق النووي , تاليران الجمهورية الاسلامية وفي خطوة ذي دلالة بالغة سيشارك في احتفال اربعينية انتصار الثورة الاسلامية من بيروت الى جانب حزب الله الذي اعلن امينه العام ان ايران لن تكون وحدها في الحرب المقبلة وفي اي اعتداء عليها . من كارتر الى ريغان الى بوش الاب الى كلينتون الى بوش الابن الى اوباما الى ترامب . اربعون عاما من الحرب الناعمة والخشنة بين البلدين بدأت باحتجاز موظفي وديبلوماسيي السفارة الاميركية في طهران ومرت بتفجير السفارة الاميركية في عين المريسة وقبلها مقر المارينز في الاوزاعي والمظليين الفرنسيين في بئر حسن العام 1983 الى الحرب العراقية – الايرانية التي شهدت اول اتصال نوعيا مباشرا بين طهران واميركا عبر ما عرف بايران كونترا الى حرب الخليج الاولى والثانية التي دفع ثمنها العراق احتلالا وصدام حسين حياة الى الصدامات والتظاهرات والاحتجاجات التي لا تتورع واشنطن عن اعلان دعمها لها داخل ايران الى الاتفاق النووي الذي فتح تغرة صغيرة في جدار سوء التفاهم الكبير بين البلدين وانتهى مع وصول ترامب وصولا الى الحرب السورية التي اعلن ترامب انسحابه القريب من ساحة حربها , لكن ليس قبل ان يتأكد من ايران لن تبقى طويلا فيها من بعده معتمدا على تقاطع المصالح مع موسكو التي ستتكفل ربما بانقاذ ماء وجه واشنطن والحفاظ على امن اسرائيل واعادة احياء الستاتيكو السوري – الاسرائيلي القائم على جبهة الجولان منذ العام 1974 .