عَ مدار الساعة


الثورة الاسلامية بنت إيران فيما انتفاضات الربيع العربي دمّرت الدول العربية- نسيم بو سمرا

– بعيدا من الشعارات الديماغوجية الخامنئي يوضح عبارة “الموت لأميركا”

***

الموت لأمريكا (أميركا)، يرددها بعض جمهور الممانعة واحزابها، منذ 40 عاماً، تاريخ قيام الثورة الاسلامية في إيران، من دون ان يعرف بعض الممانعين الجدد اليوم معناها وخلفياتها الفكرية قبل العقائدية، وبخاصة هؤلاء الذين يخوّنون كل من يحلّل بمنطق وفق الدعائم الفكرية والمسار المنطقي الذي سارت عليه البشرية منذ فجر التاريخ، بعيدا من الشعارات الديماغوجية والانتهازية المقيتة، فيزايدون على الجمهورية الاسلامية بشعار أطلقته هي نفسها، محرّفين معناه، وفق فكرهم الفوضوي الشمولي، فيستعدون كل ما هو أميركي، حتى الحضاري والثقافي منه، ليأتي اليوم المرشد الاعلى للثورة الاسلامية في ايران السيد علي خامنئي (قدّس الله سرّه) ويوضح ان عبارة “الموت لأميركا” تعني الموت للقلّة التي تدير هذا البلد ولا علاقة لها بالأميركيين”، بما معناه ان العداء هو للحكام في دوائر القرار في واشنطن، الامبرياليون منهم، المتسلطون على مصائر الشعوب الضعيفة، وأضاف السيد الخامنئي ان ” طالما استمرت الولايات المتحدة بخبثها فإن الإيرانين لن يتوقفوا عن ترداد “الموت لأميركا”.

هو قائد بكل ما للكلمة من معنى، ويدير نظاماً ثورياً، غيّر وجه المنطقة لا بل العالم، وبالطبع أوصل الى إيران نووية، وصلت الى الفضاء بتكنولوجيتها المتقدمة وبجهود شعبها الذاتية، فيما العرب تأخروا عنها ل 35 عاماً، مطلقين انتفاضات لا ثورات، سمّيت بالربيع العربي، دمرّت اوطانهم بدل ان تعمّرها لتنتهي بالفشل الذريع، فبدل ان تدفع هذه التحركات الشعبية الى استقلال الدول وتحصينها ضد التدخلات الخارجية، أدّت الى احتلالها من القوى التكفيرية التي فتحت الباب على مصراعيه لاجتياح جيوش الغرب لاحقا لاراضيها، وذلك تحت حجّة ضرب الارهاب الذي اخترعه هذا الغرب نفسه ومن ثمّ عمل على تدميره بعدما تمرّد عليه.

إنّ مشرقنا يسير راهنا بعكس التاريخ، نزولا باتجاه الظلام لا صعوداً نحو النور. يعود الى التخلّف، بدل ان يمضي قدما في تطوير العلوم والاستفادة من ثرواته الطبيعية كما البشرية؛ فنعمل على استغلال قدراتنا الذاتية لتقرير مصيرنا والعيش بحسب قناعاتنا ووفق ثقافاتنا. فالمسار اليوم يعيدنا الى عصور الجاهلية بتوجهات تعود الى ما قبل الاسلام عند العرب، سميت زوراً بالدولة الاسلامية، فيما هي في الحقيقة دولة ظلامية بعيدة من المبادئ السامية وابعد ما يكون عن انتظارات المسلمين، هي مخلوق مشوّه ربّته أجهزة استخبارات قذرة، تحاول حرف الافكار النيرة، التي انطلقت من مشرقنا لتنير العالم حضارة ورقيّ، عن مسارها الصحيح، وتدمير الكنوز التي تحتضنها ارضنا المقدسة، وهي كنوز، أكبر من موقع تاريخي يضم الآثار القديمة او متحف يعرض فيه تاريخ شعوبنا، فمشرقنا يحتضن كنوزا روحية، تسعى “حكومة العالم الخفية” الى محوها من الذاكرة الجماعية، قبل ان تمحيها من صفحات التاريخ، لتستبدلها بفكر نفعي، يقوم على الكسب المادي السريع، والاحتكارات وتجميع الثروات في أيادي قلّة قليلة من المتسلطين، فيزكّون الصراعات الدائمة والحروب المستمرة، ليتمكّنوا بواسطتها من الهيمنة على مقدرات الدول واستعباد شعوبها.

ولكن في الخلاصة، بصيص نور بدأ يظهر في الافق ببدء تقهقر لغة القوة والبطش، بمحور المقاومة الذي انتصر على مساحة المشرق، فأجبر القادمين من وراء البحار على الانسحاب والعودة الى بلادهم، ليعود المشرق الى لعب دوره الحضاري في قلب العالم القديم، بدءا من سيبيريا في الشمال الروسي على البحار المتجمدة، وصولا الى مياه البحر الابيض المتوسط الدافئة، والتي ستعيد الدفئ بين شعوب المنطقة كما ستعيد الانسجام بين كل الشعوب، وعلى رأسهم الشعب الروسي الأبي، الذي بفضل قيادته وقيصره البطل وبتوجيه من كنيسته الارثوذكسية المتجذرة في هذا المشرق، عادت لترتسم معالم مرحلة جديدة واعدة، ستعيد رسم خارطة العالم بأكمله، على أسس فكرية جديدة،  بعد ان تكتمل دعائم النظام العالمي الجديد الناشئ من رحم عذابات شعوبنا في الشرق.