أخبار عاجلة

عَ مدار الساعة


“العلية الجامعة” ورسولة الروح القدس في الأزمنة الحديثة “إيلينا غويرا”

– روح الشيطان تُهيمن على عالمنا وتدفع بالبهتان والفساد الأخلاقي

***

حوالي سنة 1886 سمعت الطوباويّة “إيلينا غويرا” نداءً باطنيًا دعوها إلى العمل كيفما أمكن، على نشر التعبد للروح القدس في الكنيسة.

وعندئذٍ كتبت سِراً، مرات عديدة، إلى “البابا لاوون الثالث عشر” من أجل أن يحرض المسيحيين العصريين على أن يكتشفوا من جديد الحياة حسب الروح – فتجاوب البابا مع الالتماس، ووجّه إلى الكنيسة بعض وثائق تُعتبر مثلَ مدخلٍ إلى الحياة حسب الروح، وكبداية “العودة إلى الروح القدس”.

ممّا جاء في الرسالة:

“قداسة البابا، إنّ روح الشيطان تُهيمن على عالمنا هذا، وتدفع بالبهتان والفساد الأخلاقي إلى النصر الباهر. وهناك أناس كثيرون يُسعفون إبليس على إهانة مجد الله الجدير بالعبادة وسَلْبِهِ عدداً لا يُستهان به من النفوس التي افتداها السيد المسيح بدمه على الصليب. وسيستمرّ تسلّط الشرير المشؤوم، على هذا العالم المسكين، حتى يجيء الروح القدس لتغيير وجه الأرض. ولكنّ المؤمنين، اليوم لا يفكرون في التضرّع للروح القدس والتعبّد له،

ذاك التعبّد الذي نشأ عليه المسيحيون الأولون، بات في عالم النسيان الكامل تقريباً ومع كلّ ذلك، يجب أن نرجع إلى الروح القدس، ليرجع الروح القدس إلينا. أفلا يُصبح مجيئُهُ ثمرة صلواتنا وتضرعاتنا الاجماعيّة؟

قداسة البابا، نلتمس بركة عطفكم، قبل أن تنتهي هذه السنة المباركة ليوبيلكم، آملين أن تدعو هذه البركة المؤمنين إلى الاتحاد بالروح. ومع عودة تساعية العنصرة المقبلة، تساعية سنة 1894، يشكّل هؤلاء كعلية روحية جديدة، ليؤلّفوا بصلواتهم الحارّة قوّة لطيفة هادئة للبارقليط، لكي يتكرّم علينا بقدومه، فيبدّد بنوره الوضئ، ظلمات الآثام والذّنوب الكثيرة التي تغطي وجه الأرض، ويُدفئ بناره قلوباً تجمّدت باللامبالاة التي تسود الناس أجمعين.

“ومريم” يا لها من أم كريمة، صَلّت بفعّالية، مع الرسل، في علية أورشليم. وبأيّ حبّ تبارك، من السماء “العلية الروحيّة الجديدة” (Le Nouveau Cénacle) أو لا تعمل وهي تصلّي معنا، على تقريب موعد الرحمات الإلهيّة !

قال قداسة البابا لاوون الثالث عشر في منشوره الملخص بتاريخ 5 أيار 1895 ورداً على رسالة ايلينا غويرا:

“لقد أردنا استشارة عطف الكاثوليك، إقتداءً بالعذراء مريم وبالرسل القديسين، لكي يتوجّهوا الى الله بسلامٍ تامٍ وشوقٍ رائع، في بدء التساعية التي تُقام تمهيداً للعنصرة، وهم يرتّلون باستمرار هذه الصلاة: “يا يسوع، أرسل روحَكَ فيُخلقوا، ويتجدّد وجه الأرض”.

فالروح القدس بذاته، يعمل، بِفضيلته في الكنيسة بكلّ الوسائل. في حين أنّ المسيح هو رأس الجسد السري، كذلك يمكن القول أيضًا بأنّ الروح القدس هو القلب في الجسد فهو المحبة الباقية، إليه تستندُ أعمالُ الحب وهو يأملُ جيداً، بأنّه بعد أن يقمعَ الطاغي (الشيطان) النفوس بالخطايا والذنوب والخبث، سَيَصون بدقّة سلامها واتحادها، حسب حاجة أبناء الكنيسة.

“لأجل هذه الغاية الروحيّة للصلاة الى البارقليط السماوي، يجب أن نأمل، وبأقصى درجة، بأنّ ذلك سيؤدّي الى إصلاح ذات البيّن في صفوف المسيحيين

بعض أقوالها الى المسيحيّين:

– “أيّها المسيحيون، إن شئتم أن ترجعَ روحُ الله على الأرض، لتطرد الأرواح الشريرة، فابحثوا عن دوركم، تجاه الروح الإلهي، واعملوا كما يعمل الرسل لأنّ الروح القدس وعد بالمخلّص”، ولكن الرسل لم يتلقوه إلاّ بعد أن أقيمت تساعية العنصرة المقدّسة.

– “يجب أن تنطفئ نار الشر المتأجِّجة بلهيب الحب الخالد المفعم بالقدرة وقوة التأثير، الذي هو الروح القدس ! ،
فإنّ جميع العقبات ستُذلّل وجميع المصاعب ستُقهر، لا محالة، وسيُغيّر الروح القدس وجه الأرض، كما غيّره على عهد الرسل، لأنّ الحاجة إلى التغيير والتجديد، في أيامنا هذه، ليست بأقلّ أهميّة، مما كانت عليه في ذلك الوقت”.

– “قد كان الروح القدس بحسب الملاك جبرائيل، مصدر سرّ التجسّد والامومة الإلهيّة لمريم. ومِن جهة أخرى، أوليس الروح القدس هو كاتب هذه الرائعة “الاكليروس الكاثوليكي”؟

– “فمَن هو سيد الكاهن ومولاه ؟ ومَن غيره أفعم الرسل بالعقيدة ؟ ومن هو حاميه وبارقليطه ؟ ومن يرد عنه مضايقات البشر واضطهاداتهم ؟ ومَن غير الروح القدس نفح هذه القوّة في الشّهداء الذين نُعجب بهم إعجاباً شديداً ؟

فالكهنة المؤمنون بالتعبّد للروح القدس، هم الرسل الحقيقيون الذين نحن بحاجة إليهم، ما دمنا على قيد الحياة ؟
لنقم “تساعية الروح القدس” أقول، ولكن، لنقمها كما يجب، لنقمها بالإتحاد مع الرسل، ولنقمها مع مريم. أيّها المسيحيون، اغتنموا الأوقات ولا تدعوها تفوتكم أَمعِنوا في اللّجوء إلى الروح الإلهي”.

أعلنها البابا يوحنا الثالث والعشرون طوباويّةً عام 1959، وأعطاها لقب “رسولة الروح القدس”.

حياة الطوباوية/القديسة

– ولدت في بلدة “لوك” -إيطاليا- في 23 حزيران من سنة 1835 ونشأت في أحضان عائلة عميقة التدين.

– خلال مرض طويل عكفت على التأمل في كلام الله، وعلى دراسة آباء الكنيسة، وهكذا وجهت حياتها الباطنية ومارست رسالتها، اولا بين “الصديقات الروحيات وهي جمعية من تأسيسها وتنظيمها، لكي تحبب إلى الشباب الصداقة المسيحية، ثم لدى جمعية “أولاد مريم”.

  • بمناسبة فصح 1870 قامت بحج إلى روما مع والدها انطونيو، ومن الأماكن التي زارتها قبور الشهداء في الدياميس، الأمر الذي اتضح فيها الميل إلى الحياة المكرسة. وفي 24 نيسان حضرت في كنيسة القديس بطرس، الدورة الثالثة من المجمع الفاتيكاني الأول التي أعلن فيها دستور “ابن الله” FILIUS DEI في الإيمان.

ولقد أثرت فيها مشاهدتها البابا بيوس التاسع تأثيراً شديداً، حتى أنها قررت تقديم ذاتها لله من أجله، في 23 حزيران، بعد أيام قلائل من عودتها إلى “لوك”.

– وبعد ليل طويل، عقبته نِعَم فائقة الطبيعة، من سنة 1871، باشرت ايلينا مع فريق من “الصديقات الروحيات” ومن “اولاد مريم” اختباراً جديداً للحياة الرهبانية أدى في سنة 1882، إلى تأسيس جمعية راهبات القديسة “زيتا”، المكرسة لتنشئة الشبيبة ثقافياً ودينياً – في تلك المرحلة اصبحت القديسة جيما جلجاني “تلميذتها المحبوبة”.

  • وحوالي سنة 1886 سمعت اول نداء باطني يدعوها إلى العمل كيفما أمكن، على نشر التعبد للروح القدس في الكنيسة. وعندئذٍ كتبت سراً، مرات عديدة، إلى البابا لاوون الثالث عشر من أجل أن يحرض المسيحيين العصريين، “على ان يكتشفوا من جديد الحياة حسب الروح – فتجاوب البابا مع الالتماس ووجه إلى الكنيسة بعض وثائق تعتبر كمدخل إلى الحياة حسب الروح، وكبداية “العودة إلى الروح القدس”.

– في 18 تشرين أول سنة 1897 نالت ايلينا، من البابا لاوون الثالث عشر مقابلة خاصة شجعها خلالها على المضي في رسالتها من اجل الروح القدس، وسمح لها بأن تعطي راهبات جمعيتها الاسم الجديد:

“مكرسات الروح القدس OBLATE DELLU SPIRITO SANTO” للدلالة بنوع أوضح على موهبتهن، المميزة في الكنيسة.

وإذْ اعتبرت تشجيع البابا أمراً تكرست كلياً وبحماس أشد لقضية الروح القدس، ومعمقة هكذا المفهوم الحقيقي لـ “العودة إلى الروح القدس” الامر الذي سيكون أيضاً رسالة رهبانيتها في العالم.

  • ولقد تأثرت ايلينا عميقاً وتحركت عاطفتها حتى الجذور من تأملها ما جرى في العلية حيث جمع يسوع تلاميذه، في القدس: هناك قدَّم يسوع ذاتَه للآب ذبيحة تكفير من أجل خلاص العالم، هناك وضع الافخارستيا، سرّ المحبّة، هناك ظهر لتلاميذه بعد القيامة وهناك أخيراً “أرسل من قبل الآب” الروح القدس على الكنيسة الناشئة حديثاً.وسر الفصح الذي عاشه تلاميذ المسيح في العلية لا يزال حاضراً فعالاً في الكنيسة لذلك يمكن اعتبار الكنيسة “علية روحية دائمة” حيث تدعى للاجتماع جماعة المسيح، القائم من الموت، الكهنوتية والملكية والبنوية.
    في تلك الجماعة أَدخَلَنا الروحُ القدس بوساطة العماد التثبيت وأهّلَنا للمشاركة في الاحتفال الافخارستي. وهناك اقتبلنا رسالتنا كشهود للانجيل.

– في هذا الاتجاه فهمت ايلينا غويرا وأسّست “العلية الجامعة” حركة صلاة للروح القدس.

– ماتت ايلينا في الحادي عشر من نيسان سنة 1914، يوم السبت العظيم وفي أعماق قلبها الرغبة في ان ترى “المسيحيين العصريين” يعون حضور وعمل الروح القدس في الكنيسة وفي نفوسهم، شرطاً لا بد منه من أجل “تجديد وجه الأرض”.

  • وإذ رفعها البابا يوحنا الثالث والعشرون إلى شرف المذابح، بإعلانها طوباوية، في 26 نيسان سنة 1959، ميزها كرسولة الروح القدس في الأزمنة الحديثة، كما كانت القديسة مريم المجدلية رسولة القيامة، والقديسة ماري مارغريتا الأكوك رسولة القلب المقدس.

المصدر: جنود مريم ، قلب مريم المتألم الطاهر