حسان الحسن-
لا يمكن التكهن في حقيقة ما تهدف إليه الولايات المتحدة الاميريكة من دعمها للاكراد في الشرق السوري، وحيث تتغير هذه الاهداف مع تغير الاوضاع الميدانية هناك، من محاربة “داعش” في سورية، الى محاولة فك ارتباط العراق وايران مع سورية ولبنان، أو الى متابعة التسوية السياسية في الجارة الأقرب حتى التأكد من حصول حلفائها على المكاسب التي ارادوها منذ بداية الحرب، والتزامهم مع الدول الخارجية ضد دولتهم ووطنهم ، يبقى النزاع بين تركيا والاميركيين محتدما، طالما بقيت واشنطن على دعمها للاكراد، والذين تخشى أنقرة دائما حصولهم على كيان مستقل او على كانتون انفصالي .
مؤخرا ، أقامت الولايات المتحدة مراكز مراقبة في المنطقة الحدودية شمال شرق سورية، لمعالجة المخاوف الأمنية لتركيا، بحسب المتحدث بأسم وزارة الدفاع الأميركية، وبهذا القرار تكون واشنطن قد ضربت بعرض الحائط الطلب الذي قدمته أنقرة رسميا للعدول عن إقامة هذه النقاط، بعدما أعلنت الأخيرة في الأيام القليلة أنها طلبت من “أميركا” التخلي عن نقاط المراقبة المذكورة، الأمر الذي لاقى إنتقاداً حاداً من وزارة الدفاع التركية، بشخص الوزير خلوصي أكار.
في المقابل تقول واشنطن أن الهدف من هذه النقاط، هو التأكد من أن “قوات سوريا الديمقراطية” ذات الغالبية الكردية لن تنسحب من المعركة ضد تنظيم داعش الإرهابي، ليس ألا، بحسب “الدفاع الأميركية”.
تعليقاً على ما تقدم، ترجح مصادر سياسية سورية أن يكون دعم واشنطن للمسلحين الأكراد تكتيكي ومؤقت في إنتظار تحقيق التسوية المرجوة للأزمة السورية، كي يتم تسوية الأمور في صيغةٍ نهائية.
وتلفت المصادر الى أن المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون سورية جيمس جيفري أعلن في وقت سابق أن الهدف من نشر نقاط المراقبة المذكورة آنفا، هو ضمان أمن تلك المنطقة أي “شرق الفرات” بما فيها أمن تركيا، ولن تنشر لغرض القتال، بل المراقبة فقط. كذلك أكد أن تعاون واشنطن مع “قوات سوريا الديمقراطية” ضد “داعش” في المراحلة الراهنة.
وعن المعلومات التي تتحدث عن إنتشار قوات خليجية، على طرفي خط نهر الساجور الذى يفصل بين قوات مجلس “منبج” العسكرى وفصائل “درع الفرات” المدعومة من الجيش التركي، تنفي مصادر ميدانية متابعة هذه المعلومات. وتقول: “في حال وجود بعض الخبراء العسكريين أو المراقبين العرب في منطقة شرق الفرات، فهذا الوجود لا يعتبر إنتشاراً عسكرياً عملانياً”.
وفي السياق ترى مصادر في المعارضة السورية بدورها أن نشر القوات الأمريكية لنقاط المراقبة في شرقي الفرات، يشبه الى حدٍ كبير نشر القوات الروسية نقاط المراقبة في إدلب، فهي تهدف الى التخفيف التوتير فقط، لتأجيل المواجهات وانتظار فرصة حل سياسي، كي يتم تسوية الامور في شكلٍ نهائي، فالمهمة هنا تثبيت الجبهات بالدرجة الأولى، على حد تعبير المصادر.
أما في شأن مستقبل الوجود الكردي في شمالي- شرق سورية والدور المنوط بهم، تؤكد المصادر عينها أن المسألة معقدة، وغير مرتبطة فقط بنشر قوات فصل، بل بالتوازن الإقليمي في مستقبل المنطقة، فاذا احتاج هذا التوازن للاكراد، سيتم منحهم دور كما حدث في العراق، تختم المصادر.
من هنا ، سوف يبقى الاشتباك الاميركي التركي في الشرق السوري، مادام الاكراد قادرين على لعب الادوار التي تحقق الاجندة الاميركية، في قتال “داعش” ومواجهته مباشرة في البر، او في منع دخول وتمدد الدولة السورية الى اراضيها شرق الفرات، او في ابقاء نقطة ارتكاز لعرقلة اكتمال الارتباط الاستراتيجي، جغرافيا وميدانيا واقتصاديا ، بين العراق وسورية.
-موقع المرده-