– زيناري: الحرب لم تنته بعد في سورية، والحل السياسي صعب في الوقت الراهن (فاتيكان نيوز)
***
“شموع من أجل السلام في سورية”، هذا هو شعار حملة دولية أطلقتها هيئة مساعدة الكنيسة المتألمة من أجل مد يد العون إلى شعب يعاني من الحرب والعنف، لاسيما الأطفال، وقد تم الإعلان عن هذه المبادرة خلال اجتماع عُقد في مقر سفارة بولندا لدى الكرسي الرسولي بحضور السفير البابوي في دمشق الكاردينال ماريو زيناري.
للمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع الدبلوماسي الفاتيكاني الذي شاء أن يبدأ حديثه متوقفا عند اللقاء الذي جمعه مع البابا فرنسيس ليومين خليا وقال إنه عبر للبابا عن امتنانه على الجهود الحثيثة التي يبذلها من أجل إعادة السلام إلى الربوع السورية. وأضاف نيافته أن الحرب ما تزال دائرة في سورية، ولم تنته بعد، كما أن الحل السياسي يبدو صعب المنال في الوقت الراهن. ولفت إلى أن الوضع على الساحة السورية ازداد تعقيدا على مدى السنوات الثماني الماضية، موضحا أنه تتواجد اليوم على التراب السوري حوالي عشرين دولة تتدخل من خلال السلاح والمقاتلين، ومن بين هذه الدول خمسٌ من أقوى دول العالم عسكريا. هذا فضلا عن وجود فصائل مسلحة تتقاتل فيما بينها، وكل ذلك يتم على حساب المدنيين والأشخاص الفقراء والأطفال. وأكد زيناري أن عددا كبيرا من الأطفال السوريين قضوا تحت القنابل، مشبها سورية براحيل التي تبكي على أبنائها ولا تريد أن تُعزّى، لأنه لا يُعرف بالفعل عدد الرجال والنساء والأطفال الذين ذهبوا ضحية الصراع السوري لغاية اليوم.
وعبر السفير البابوي في دمشق عن سروره لرؤية أطفال سوريين يقدمون للبابا فرنسيس شمعة أضيئت على نية السلام في بلادهم، وحصل ذلك بشكل متزامن في روما ومناطق أخرى حول العالم. وذكّر نيافته بأن هذا التسونامي من العنف بدأ في سورية في شهر شباط فبراير من العام 2011 في منطقة درعا جنوب سورية، حيث اعتُقل عدد من الأطفال أقدموا على كتابة شعارات على جدار إحدى المدارس للمطالبة بالحرية. وكانت هذه شرارة الأحداث، خصوصا بعد أن تظاهرات عائلات الأطفال المعتقلين للمطالبة بالإفراج عنهم. من هذا المنطلق، أكد زيناري، أن الأطفال مدعوون ليكونوا رواد السلام والمصالحة وينبغي بالتالي أن توضع شعلة أو شمعة السلام بين أيدي الصغار والشبان السوريين، ويجب أن تساعدهم الجماعة الدولية في الحفاظ على هذه الشعلة مضاءة.
وفي رد على سؤال بشأن الدور الواجب أن يلعبه رجال الدين في هذا السياق، قال الكاردينال زيناري إن للقادة الدينين دوراً كبيراً يلعبونه في سورية لأنه يتعين أن يضعوا أنفسهم في الصف الأول، ويعملوا على تعزيز المصالحة والسلام، وهو واجب كبير ينبغي أن يقوم به كل القادة الدينيين، المسيحيين والمسلمين على حد سواء. وعبر عن أمله بأن يتحقق هذا الأمر على أوسع نطاق ممكن. وختم نيافته حديثه لموقعنا الإلكتروني مذكرا بأهمية أن تضاء هذه الشموع في أوجه الأطفال والشبان، لأن واجب الأجيال الجديدة يتمثل في دفع عملية المصالحة والسلام والحرية.
بالعودة إلى المبادرة التي أطلقتها “مساعدة الكنيسة المتألمة”، فقد نشرت الهيئة الكاثوليكية شريط فيديو للمناسبة ظهر فيه طفل سوري يقول “لسنا بحاجة إلى الحرب بل إلى السلام”، وأوضحت أن هذه الحملة شملت أكثر من خمسين ألف طفل يتوزعون على سبع مدن سورية عانت بشدة من تبعات الصراع الدامي. وتؤكد الهيئة أنه لا توجد لغاية اليوم حصيلة مؤكدة لعدد الضحايا الذي يتراوح بين ثلاثمائة وخمسين ألف ونصف مليون قتيل بحسب الأمم المتحدة. وقد تهجر أكثر من نصف عدد سكان سورية البالغ ثلاثة وعشرين مليون نسمة، بينهم خمسة ملايين وجدوا ملجأ خارج البلاد. وإزاء هذا السيناريو المأساوي تراجعت نسبة المسيحيين من عشرة إلى ثلاثة بالمائة.