-“سي آي إيه” تكشف أن بن سلمان أمر بقتل خاشقجي
***
تتوالى فصول الرواية السعودية بغرابتها وإجرامها ويمكن القول بغبائها، إذ لا يمر يوم ولا تخلق السعودية مشاكل في علاقتها مع الدول الاخرى حول العالم، فترتكب الجرائم في العراق وسوريا واليمن وتقع بأخطاء تضر بصورة الاسلام بسبب صدورها عن أغنى دولة اسلامية في العالم، واكثرها ارتباطاً بصورة الاسلام، وهذا الضرر الناتج عن هذه الافعال، يفوق بأضعاف ما احدثه تنظيم داعش التكفيري من تشويه لصورة الدين الحنيف، مع الاشارة الى ان هذا التنظيم التكفيري هو صنيعة وهابية بكل الاحوال؛ فالبداية من لبنان حيث حاولت السعودية بعد فترة قصيرة من استلام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان زمام الامور في المملكة، الانقلاب على سياستها التقليدية في لبنان بالتخلي عن حليفها السني الاساسي منذ عقود وهو الحريرية السياسية، وذلك بمحاولة اشعال حرب اهلية في لبنان من خلال سيناريو اعتقال رئيس حكومته سعد الحريري واجباره على الاستقالة، لنتفاجأ أمس بخبر انتشر في الاعلام مفاده انزعاج السفير السعودي في لبنان وليد البخاري من قرع أجراس الكنائس في محيط السفارة، وهو أداء ليس بغريب عن الفكر الوهابي، ولكن تم توضيح الخبر من قبل الخارجية اللبنانية، بناء على اتصال اجرته مع البخاري، الذي نفى جملة وتفصيلا الخبر، معتبراً أنه تضليل إعلامي. لتؤكّد وزارة الخارجية والمغتربين في بيان على “الحريات الدينية كافة وعلى حق الديانات بممارسة شعائرها الدينية بكل حرية وذلك بحسب الدستور اللبناني”؛ هذا في لبنان ولكن ماذا عن الاخطاء التي يرتكبها نظام آل سعود بحق مواطنيه؟، فبعد انكشاف المعروف منها فقط، لن نستغرب ما ترتكبه أيادي هذا النظام من فظائع بحق الدول العربية وحتى الخليجية منها من البحرين الى قطر، وأهمها جريمة القتل المروّعة بحق الصحافي السعودي المعارض جمال الخاشقجي وقبلها حملة اعتقال الامراء في المملكة وتصفية المعارضين.
بالعودة الى لبنان، فإنّ الاخطاء التي ترتكبها السعودية بحق وطن الارز، لا تعد ولا تحصى، وابرزها التحريض الاعلامي المستمر على لبنان والذي يأخذ اوجها عدّة في كل مرّة، فبعد حملات الاساءة بحق رأس الدولة الرئيس العماد ميشال عون وحزبه والكثير من المحيطين به، في بداية العهد، الاساءات بحق المقاومة اللبنانية مستمرة وتتجدّد دائماً وكان آخرها أمس بمقال نشرته صحيفة “الوطن” السعودية، تحرّض فيه على الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وهي الى جانب التعابير المسيئة التي ساقتها بحقه، ارفقت المقال بصورة مسيئة للسيد وهي اساءة تتخطاه نظرا لرمزيته الدينية كما الوطنية، لتطال الاساءة هذه معظم اللبنانيين، وهنا لا بد لهذه الحملات التحريضية من جانب صحافة النظام السعودي، بحق رموزنا ومقدساتنا أن تتوقف، لأنها تساهم في زيادة الكراهية للسعودية، وتحول دون اقامة علاقات طبيعية، بحسب ما تأمل بعض الزعامات السياسية في لبنان.
لا بد هنا من ذكر بعض التفاصيل الجديدة في ما يخص جريمة العصر، التي ارتكبها النظام السعودي بحق الصحفي جمال الخاشقجي بمقر قنصلية بلاده في إسطنبول، مع العلم انها اغبى جريمة في التاريخ، إذ اكتشفت هوية القاتل منذ اللحظة الاولى ولم تظهر الجثة بعد، في حين ان عادة يحصل العكس، إذ تظهر الجثة التي تعلن مقتل الضحية، لتوصل الادلة المكتشفة لاحقاً الى القاتل؛ فقد خلصت آخر المعلومات التي أعلنتها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (CIA)، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو من أمر بقتل خاشقجي، لتضيف صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية معلومات جديدة ومثيرة قدَّمتها في فيديو خاص تناول القضية، واالجديد الذي كشفته الصحيفة الأميركية هو ما يتعلق بخبير السموم الذي جاء إلى مقر القنصلية بعد أيام على التسريبات التركية بشأن مقتل جمال خاشقجي، لمحو كل الأدلة التي تركها فريق الاغتيال وراءه. كما وصف الفيديو، بشكل دقيق، كيف أدار فريق قتل خاشقجي العملية، وفي أي غرفة بمقر القنصلية تم القتل، وكيف نقلوا جثمانه بعد تقطيعه، وإلى أين؟، وهي قضية ستستمر ارتداداتها على المستوى العالمي، حتى ظهور الجثة، او ما تبقى منها، وستضع الى حينه السعودية تحت الضغط، والذي يمكن ان تتزعزع جراءه الاسس التي بني عليها نظام آل سعود منذ تأسيسه، لا فقط القضاء على مستقبل بن سلمان في الحكم.